هويدا صالح:  المشهد الإبداعي العربي مرتبك
هويدا صالح: المشهد الإبداعي العربي مرتبكهويدا صالح: المشهد الإبداعي العربي مرتبك

هويدا صالح: المشهد الإبداعي العربي مرتبك

أكدت الروائيّة والناقد المصريّة الدكتورة هويدا صالح، أن المستقبل للنقد الثقافيّ أكثر من النقد الأدبيّ؛ لأنه يبحث في الخطاب الكامن وراء العمل، معتبرة في حوار مع "إرم نيوز" أن الكاتب الذي يَحشُو لنا الأوراق، بما يُفهم هو فقط ،  يفترض الغباء في القارئ، وأن المشهد الإبداعيّ العربيّ مرتبك، وفي روايتها "عشق البنات"لم تتجرأ على كشف "التابو" لمجرد تحقيق "شو إعلامي"، وأن المعركة الحقيقية للأدب النسويّ، تغيير ثقافة الرؤية الذكوريّة، التي حددت وضعيّة المرأة في المجتمع.

ماذا عن المدارس النقديّة التي تتعامل مع النص الأدبيّ؟

ثمّة مدارس نقديّة كثيرة، سواء البنيويّة أو التفكيكيّة، وحتى ما بعد الحداثة أو النسويّة، وهناك النقد الثقافيّ، الذي يحاول أن يفيد من كل هذه المعطيات في قراءة النص، وأنا أميل إلى تبنّي النقد الثقافيّ، لأنه يبحث في الخطاب الكامن وراء العمل، ولا أقصد الأيديولوجيا الصارخة، وإنما الذي يُسرّبه الكاتب لقارئه، عبر جماليات العمل، وهذا يُعلي قيمة التأثير الأدبيّ للنصّ، لأننا لا نسعى إلى كتابة فنّ من أجل الفنّ، وهذا يُرشّح مقولة الرسالة الاجتماعيّة للفنّ، والمستقبل بتقديري، للنقد الثقافيّ أكثر من الأدبيّ .

ماذا عن صورة المرأة في السرد العربيّ؟

تتشكل ملامحها انطلاقاً من اختزالها في جسد شبقيّ وكائن مخادع ومخاتل ومسبب لتعاسة وجحيم الرجل، فصار الرجل على يقينٍ أنه كلما أحكم سيطرته، وعنّفها وعذّبها، اكتملت فحولته ورجولته، وبالتالي عاش في أمان، إن المسكوت عنه واللامعقول يُؤطّر هذه الرؤية الذكوريّة، التي حددت وضعيّة المرأة في المجتمع، والسردُ صورة لهذا المجتمع، وانعكاس لرؤاه وأيدولوجياته المتحيّزة ضدّ المرأة، التي ورثت الميراث الثقافيّ من القهر والعنف، منذ الحضارات القديمة، وإن جسد المرأة هو نتاج وضعيّتها الطبقيّة والاجتماعيّة، والنظرة الشبقيّة، وحصرها في المُحدد الجنسيّ باعتبارها موضوع اللذّة الذكوريّة، إن هو إلا تعبير مُقنّع، لحالات التيِه والفقر والمعاناة الاجتماعيّة التي يعانيها المجتمع العربيّ،وكلّ هذا يكشف وبعمقٍ، صورة المرأة بين السارد، والمجتمع.

في رواية"عمرة الدار" يشعر القارئ بتأثركِ بالصوفيّة فما تعليقك ؟

صحيح، فأجواء الرواية تُصور حياة عائلة صوفيّة، لكن ليست بمعناها الشعبويّ، بل الصوفيّة بمعناها الأجلّ، وهي حواريّة بين العلم الظاهريّ، والعلم الباطنيّ،اللدنّي الربانيّ.

في روايتك " عشق البنات" تناولتِ المستور في عالم "الحريم" بجرأة، ألم تخشي ردّ فعل سلبيّ تجاهها؟

لم أخشَ شيئاً، لأنني حاولت أن أعرّي الواقع والمجتمع، لكن بلغة فنيّة، وليست لمجرد الشهرة، وكنت مستعدة للدفاع عن عملي، ومواجهة العالم لأجله، فلم أتجرأ على كشف "التابو" لمجرد تحقيق "شو إعلامي"، بل الضرورة الفنيّة تطلبت الكتابة بهذا الشكل، والاجتراء على هذا النسق.

كيف أثرت ممارستك للنقد الأدبي على إبداعك؟

علمني النقد مهارة الحذف، وليس مهارة الإضافة، يُقال الكاتب الذي يستطيع أن يحذف، وينقّح عمله، هو الأكثر جُرأة، وأن من يحشو لنا الأوراق بما لا يُفهم، فهو يفترض الغباء في القارئ، ولا يترك أي مساحة، لإعادة "إنتاج المعنى"، والنقد الحديث أعطى قارئ، مساحة في إنتاج العمل الأدبيّ، فنظريّة القارئ والاستجابة، ونظريّة التلقي، تفترض للقارئ دوراً، يجب ألّا ينساه المبدع، ويُصرّ على الاسترسال، لتوصيل المعنى، ويلغي دور القارئ.

ما تقييمك لحركة الأدب النسويّ العربي الآن؟

مرتبكة، فكثير من الكاتبات ينكرن مَن يصف أدبهن،بالنسويّ، بل ويدافعن، باعتبار أن النسويّة تهمة، ويرددن أنهن يكتبن أدباً إنسانيّاً، وليس نسويّاً، وهناك مَن تعتبر الأدب ساحة معركة مع الرجل، فتحاول أن تدينه، وتحوّل كتابتها لمنشور ضدّه، فالمعركة الحقيقيّة مع ثقافة المجتمع الذكوريّة، التي تتحيّز ضدّ النساء، ومع الثقافة، التي يجب أن تتغيّر.

كيف تُقيّمين المشهد الإبداعيّ العربيّ؟

مرتبك أيضاً، فالجوائز التي وضعت للرواية كثيرة، فأوجدت فيه حالة هوس بالرواية، وجعلت الكثيرين يكتبونها، أملاً في الجوائز، فترك كثير من الشعراء، كُتّاب القصّة ميادينهم، نحو الرواية، وغياب معايير الجماليّة في منح الجوائز، جعل الكتابة الروائيّة مرتبكة.

يُذكر أن الروائيّة والناقدة المصريّة الدكتورة هويدا صالح،تحمل دكتوراه في النقد الفنيّ، ومستشار ثقافيّ لعدة دور نشر، من أهم مؤلفاتها النقديّة، "صورة المُثقف في الرواية الجديدة"و"نقد الخطاب المفارق، و"السرد النسويّ بين النظريّة والتطبيق".

ولها عدة مؤلفات إبداعيّة: "سكر نبات"، مجموعة قصصيّة، وروايات: "عمرة الدّار، وعشق البنات،وممرات للفقد، وجسد ضيّق"، والحجرة 13 "متتالية قصصيّة"، وبيوت تسكنها الأرواح "متوالية سرديّة"، إلى جانب الكثير من البحوث النقديّة والأدبيّة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com