كغيره من المجالات طالت شظايا الحرب في ليبيا الفن التشكيلي الذي يشهد نهضةً كبيرةً بصعود وجوه شابة مع حالة الانفتاح التي عرفتها البلاد منذ فبراير/ شباط 2011.
ورغم حالة الانفلات الأمني التي أدخلت المجال الثقافي والفني في حالة من الخمول والسبات، فإن فنانين تشكيليين ليبيين اعتبروا أن الوضع يشكل حافزًا إضافيًّا من أجل الإبداع.
إنجي الفسة فنانة تشكيلية ليبية قالت: "صحيح أن الفن التشكيلي في ليبيا هو أحد ضحايا الحرب، لكن واقعه حاليًّا يعتبر في تطور كبير وملحوظ وأصبح هناك اهتمام أكثر بالفنون وظهر العديد من الفنانين الجدد، من الأجيال المتجددة روحُها فنيًّا عكس ما كان موجودًا في السابق".
وأضافت الفسة لـ "إرم نيوز" أن: "الحرب عائق تُعرقل مسار الفن التشكيلي في ليبيا لكنها لم توقفه، حيث سجلنا تأثرًا على مستوى الإمكانيات إذ نضطر في وقت الحروب إلى العمل بمواردنا الذاتية والخاصة وحتى في وجود مواردك فإنك ستجد صعوبات بالنظر إلى حالات الإغلاق وغيرها التي تفرضها الحرب".
وتابعت: "العنصر الثاني المهم هو العامل النفسي، لأن الأمور النفسية هي أهم محرك للإبداع لدى الرسام وهو عامل يتأثر بالحرب، أما العنصر الثالث فهو فقدان اهتمام الناس بالفن التشكيلي أيام الحروب".
وكشفت الفسة أنه "لم يتم منع مَعارض أو غيرها بشكل يعيق عملنا، لكن الموارد غابت في فترة الحرب؛ ما اضطر العديد من الفنانين لجمع موارد ذاتية وإقامة مَعارض بأنفسهم".
ومن العاصمة طرابلس، اعتبرت الفنانة التشكيلية سندس كشاد، أن "الفن في مراحل النمو والتفتح على نفسه وعلى المجتمع، بطبيعة الحال وكما هو معروف فإن في حالات الحرب تتغير اهتمامات الإنسان إلى الأساسيات، أما الرفاهية والتي تتمثل في الحالة الراهنة في ليبيا فإن الفن يأتي في ظل الرخاء والاكتفاء".
واستدركت كشاد لـ إرم نيوز" بالقول: "لكن حتى في ظل الحرب لم يتوقف الفنان الليبي عن إنتاج الفن فنرى مجموعة من الفنانين التشكيلين امتزجت مواضيعهم الفنية بما يعبر عن الحالة التي كانت تمر بها ليبيا وظهرت أعمالهم في خضم الحرب وبعدها".
وأوضحت: "في آخر السنوات بعد نعمة الله علينا باستقرار ليبيا بشكل تدريجي، بدأت الحركة الفنية تظهر بشكل ملحوظ أكثر مع ظهور متميز للفنانين الصاعدين الشباب".
وأشارت كشاد إلى أن "النزاعات شيء قديم قِدَم الإنسان وإذا تعلمنا شيئًا من الظروف التي كانت تمر بها ليبيا فستكون بأن لا مجال لأخذ دور الضحية أو ترك الأمور رهينة الظروف، سمة النضال ترافق الفنان الليبي من بدايات ظهوره في الحركة الفنية التشكيلية في ليبيا فالنزاعات تبطّئ من حركته لكن لا تجعل منه ضحية".
ويعود تأسيس أول نادٍ للفن التشكيلي في ليبيا إلى العام 1951، وثاني النوادي تم إنشاؤه في العاصمة طرابلس في العام 1960.
وقالت الأستاذة بكلية الفنون والإعلام في جامعة طرابلس، فاطمة الغندور، إن "حضور الفنانين التشكيليين في ليبيا يعتبر بارزًا عبر مراسمهم المشرَعة للزوار، ففي بنغازي ينشط الفنان عادل جربوع، ومرسمه كما منتدى ثقافي فني جامع".
وأبرزت الغندور لـ "إرم نيوز" أنه: "كان لافتًا عندي خروج جيل شاب يقيم معارضه، المفردة أو الجماعية، وتنزل لوحاته على أغلفة الكتب، كما ومشاركاته الخارجية التي لم تَعد حكرًا على أسماء بعينها كما في عقود سابقة".
وختمت الغندور بالقول إنه "كما نجد بضع ظواهر تتجسد على سبيل المثال في فنان تشكيلي له معرض مفتوح شبه دائم يتجول في المدينة القديمة ويعبر به".