موسيقى "الشكوري" رمز للتسامح بين الأديان في المغرب
موسيقى "الشكوري" رمز للتسامح بين الأديان في المغربموسيقى "الشكوري" رمز للتسامح بين الأديان في المغرب

موسيقى "الشكوري" رمز للتسامح بين الأديان في المغرب

يزخر الأرشيف الموسيقي المغربي بأغان كثيرة تتميز بلون خاص يطلق عليه "الشكوري"، وهي أغان باللهجة والإيقاعات المغربية، ولكن بأسلوب أداء تميزه عُرب ولكنة مختلفة. ولا تنأى كلماتها  كثيراً عن أغاني فن "الملحون" المغربي الأصيل، فكلاهما قصائد زجلية موزونة، وكلاهما يهتم بالمواضيع نفسها ويستخدم الإيقاعات المغربية، الأمر الذي حببها لعشاق الموسيقى من المسلمين، لكنهما تختلفان من حيث سرعة الإيقاعات وبطئها، فـ "الملحون" إيقاعه هادئ ورصين فيما "الشكوري" سريع وراقص.

كما أخذ ذاك اللون الموسيقى من الفن الغرناطي ومن الفلامينكو خصوصاً على مستوى المواويل، فالغرناطي طبع يهود الجزائر وشرق المغرب ثم انتشر بعدها، أما الفلامينكو فقد فرضه الحنين إلى أندلس ضائعة، بقيت العائلات اليهودية المهجرة من "موطنها" إسبانيا إلى شمال إفريقيا تتحسر عليها تماماً كالمسلمين الذين فقدوها وأكثر.

تغنى اللون الشكوري منذ الخمسينيات بالغربة والصبر والحب والعائلة وبجمال المرأة ("ما تبكيش الغريب" "الكاوي" و "عمري ما ننساك يا ماما " و "منيرة" و "داك الزين المسرار" و "ياقلبي خلي الحال")، وبمواضيع وطنية صاحبت نفي الملك محمد الخامس (ملك المغربي بين 1927-1961) وعودته وحصول المغرب على الاستقلال العام 1956  ( "الف هنية وهنية يالالا" و "قولو على السلامة لسيدنا محمد الخامس").

أبرز الأسماء التي ملأ صيتها دول المغرب العربي كلها: سليم لهلالي و سامي المغربي، فكانا نجمين حقيقيين لم يخل منزل مغاربي تقريباً من أسطواناتهما خصوصا في الحواضر، وتؤدى أغانيهما في الأفراح دون أية حساسيات من ديانتهما اليهودية، وحتى اليوم لا يمكن أن يقام زفاف مغربي دون أن تؤدى فيه على الأقل أغنيتان من إبداعهما ويرقص على أنغامها الجميع.

واهتم بعض الدارسين المغاربة بالبحث في هذه الموسيقى، كما ظهر لها نجوم معروفون مثل "بوطبول" و "بينحاس" و "ريموند البيضاوية"، وشباب كـ "بينجمان بوزكلو" و "مكسيم كاروتشي". ولم يعد أداؤها والحفاظ عليها حصرا على معتنقي الديانة اليهودية ، بل وجدت لها عشاقا ومنشدين من بين الشباب المسلمين مثل "محمد رضا" وغيره، حتى أن بعض المسلسلات المغربية التي عرضت في شهر رمضان المنصرم أحيت مجموعة من تلك الأغاني اليهودية القديمة وقدمتها في التيترات، أبرزهم "أسماء لمنور" بأغنية "هاك أماما" في السلسلة الكوميدية "لوبيرغ".

ويمكن القول إن "الشكوري" تعبير بليغ عن التعايش بين الديانات في المغرب.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com