سماح إدريس.. عاشق "اللغة العربية" ونصير فلسطين
سماح إدريس.. عاشق "اللغة العربية" ونصير فلسطينسماح إدريس.. عاشق "اللغة العربية" ونصير فلسطين

سماح إدريس.. عاشق "اللغة العربية" ونصير فلسطين

أنهى مرض السرطان رحلة الأديب والمفكر اللبناني سماح إدريس، مساء أول أمس، عن عمر ناهز الـ60 عامًا، وهو المفكر، الذي يُعتبر أحد رموز دار الآداب اللبنانية للنشر والتوزيع، التي أسسها والده الأديب سهيل إدريس عام 1956.

وسماح إدريس، هو رئيس تحرير مجلة الآداب اللبنانية، في الفترة ما بين الأعوام 1992-2012، فيما توّلى رئاسة تحرير النسخة الإلكترونية منها عام 2015.

ويُعد سماح إدريس المولود في الـ14 من شهر تشرين الأول/أكتوبر لعام 1961، مفكرًا شهيرًا في الوسط الثقافي العربي، بما قدمه من جهد مكثف لخدمة الأدب والفكر العربي، من خلال الكتابة والترجمة، والمواقف السياسية الواضحة حيال القضايا العربية الجدلية، وما قدمه ضمن مشروع دار الآداب وارثًا الضوء، الذي تركه أبوه بعد رحلة طويلة مع الفكر والأدب.

واهتم سماح إدريس بالتدقيق اللغوي والتحرير على مدار عقود طويلة خلال عمله على إصدار مجلة الآداب، التي تعتبر من أعرق المجلات العربية، حيثُ كرس حياته للغة العربية، فكانت طريقته لمعرفة العالم، وفهم الحياة، على الرغم من جهده الواسع في اللغة الإنجليزية من خلال ترجماته المتعددة.

وقال سماح إدريس معبرًا عن عشقه للغة العربية: "كلّ أيّامي تقريبًا باللغة العربية، حتّى (بل خصوصًا) حين أترجم إليها، وحين أقرأ بلغة أخرى وأتأمل ما قرأته، يصعب أن أستدخله في رأسي بغير اللغة العربيّة، اللغة العربيّة حياة، لا يوم".

واجتهد سماح إدريس في نقل المعرفة للأطفال من خلال عدة قصص ومنشورات تربوية وفكرية، بهدف استمرار التواصل بين الأجيال، ومن أجل زرع حب اللغة العربية في نفوسهم، حيثُ كانت دعواته مستمرة للكاتب العربي، والعاملين في الحقل اللغوي بأن يكتبوا للأطفال بطريقة تحببهم باللغة العربية، وتسهم في صقل أفكارهم في المستقبل عبر اللغة التي تعتبر حسب رأيه المرسل الأكثر تأثيرًا لنصرة القضايا.

وكتب سماح إدريس: "تحيّة إلى كلّ مناضل لغوي يعمل على تعزيز العربية ونشرها وتجديدها وتقريبها إلى الأطفال والناشئة، وكسر الله يد كلّ من نفّر أطفالنا وناشئتنا منها بزعم "حبّه" البالغ لها".

واهتم سماح إدريس بالشأن السياسي والثقافي اللبناني، من خلال كتاباته، ففي روايته "الملجأ" قدم لليافعين وصفًا مبسطًا، حول ليالي الحرب في لبنان، ووصف الخطر المحيط بالنفس الإنسانية، ومحطات الخوف المختلفة التي يواجهها المرء خلال حياته، لكن كان من أكثرها بشاعة لحظة الحرب الطويلة.

في حين كتب لليافعين عن لحظات الحب والحرب والشوط القاسي، الذي يقطعه الإنسان بينهما، في رواية "فلافل النازحين" وقدم سرده من خلال أصوات متعددة شملت أصوات الجماد، متناولًا صوت النزوح خلال حرب 2006 في لبنان.

وتناول النشاط الفكري لليافعين قبل دخول الجامعة، وخلال سنة الدراسة المدرسية الأخيرة دمج بين أثر التكنولوجيا على فكر الجيل الناشئ ودورها في تشكيل عقولهم.

وعُرِف سماح إدريس بنشاطه المستمر في الساحة الثقافية والفكرية، حتى في "زمن كورونا" لم تتوقف دار الآداب عن تنظيم الندوات الإلكترونية، فبقي شعلة لا تتوقف كأنما يلاحق زمنه من أجل نشر الفكر المضيء.

وبانت مواقفه الداعمة للحقوق والإنسانية، الرافضة للظلم والتعدي، واشتهر بآرائه الداعمة للحق الفلسطيني في الحياة وبناء الدولة المستقلة، وشهدت الساحات والميادين تواجد سماح إدريس معبرًا عن موقف جيل بأكمله من المثقفين المشتبكين، لنصرة القضايا الحيوية على الصعيد العربي، وحتى حين أرهقته كليتاه، خبّأ إحساسه بالألم مستمرًا في مشروعه الثقافي لآخر لحظاته في الحياة، وكأنه حمل رسالة على كاهله لم يشأ التفريط بها بسهولة.

وكان يعبر عن مواقفه السياسية دومًا خلال الأنشطة التي يشارك فيها أو يكون مبادرا لها، إذ نظم الكثير من الندوات والفعاليات التي تدعم توجهه في نصرة القضية الفلسطينية، وتظهر بشاعة الاحتلال للشعب الفلسطيني الذي يعاني مر التحكم الإسرائيلي مدار الوقت.

وحاز سماح إدريس على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد وشهادة الماجستير في الأدب العربي من الجامعة الأمريكيّة في بيروت، كما حصل على شهادة الدكتوراه في دراسات الشرق الأوسط في جامعة كولومبيا في نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية.

لسماح إدريس كتابان في النقد الأدبي، هما: "رئيف خوري وتراث العرب" و"المثقف العربي والسلطة: بحث في روايات التجربة الناصريّة"، كما له 7 كتب للأطفال، هي: (الموزة؛ الكل مشغول؛ أم جديدة؛ تحت السرير؛ قصة الكوسى؛ البنت الشقراء؛ مشمش)، وطبع أيضا أربع روايات للفتيات والفتيان.

وكتب سماح إدريس مئات المقالات في السياسة، والأدب، واللغة، وأدب الأطفال، وترجم عشرات المقالات، وفي جعبته أربعة كتب مترجمة (اثنان منها مع أيمن حداد)، وكان رئيس نادي الساحة الثقافي (2000-2004).

وكان أحد المؤلفين الأساسييّن لمعجم عربي ضخم بعنوان "المنهل العربي الكبير"، الذي من المتوقع أن يصدر قريبًا، وهو أحد مؤسسي حملة مقاطعة داعمي "إسرائيل" في لبنان، واهتم كذلك بنشر الفكر العلماني، وهو أحد المجددين للفكر القومي العربي.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com