عامر.. بقايا سينما في غزة
عامر.. بقايا سينما في غزةعامر.. بقايا سينما في غزة

عامر.. بقايا سينما في غزة

على جدران قاعة للسينما تحمل اسم "عامر"، وسط مدينة غزة، تعلو ملصقات تحمل صورًا للممثل "أميتاب باتشان" أحد أبرز نجوم السينما الهندية "بوليوود"، برفقة نجوم آخرين، وكتابات تشرح قصص مجموعة من الأفلام، لكن هذه الأفلام، لا تُعرض اليوم، بل كان آخر عرض لها قبل عقدين من الزمن.

ويبدو مدخل قاعة سينما "عامر"، وكأن قصفًا إسرائيليًا أصابه، كما هو الحال مع العديد من المنشآت والمباني في القطاع الذي يتعرض بين الفينة والأخرى لهجمات إسرائيلية. غير أن تخريب القاعة لم يكن على يد إسرائيل، بل على يد شبان فلسطينيين عام 1996. 

وعلى أرضية القاعة، تتراكم "بكرات" أفلام قديمة، وأشرطة سينمائية كساها الغبار. 

وفي القاعة، يتسنى لزائرها قراءة إعلانات العديد من الأفلام الهندية، من بينها "اليتيم"، و"راقص الديسكو"، وعلى الأرض، تتواجد زجاجة خمر قديمة، مُلقاة بإهمال يعلوها الغبار. 

وتمنع حركة حماس، التي تحكم غزة، منذ نحو 9 أعوام، تجارة وتعاطي الخمور، لكن هذا الأمر لم يكن محظورًا إبّان الحكم الإسرائيلي للقطاع (1967-1994)، وكذلك في عهد السلطة الفلسطينية (1994-2007). 

وبعد عشرين عاما، على إغلاق قاعة سينما "عامر"، يحلم مثقفون ومخرجون في غزة، أن يُعاد افتتاح قاعات "السينما" في القطاع. 

وبدأت مؤسسات غير حكومية قبل نحو 3 أشهر، بعرض أفلام أمريكية، وأجنبية، في قاعات صغيرة تتبع مراكز ثقافية وأهلية، بالتزامن مع دعوات أطلقها شبان فلسطينيون على مواقع التواصل الاجتماعي بضرورة افتتاح دور سينما في غزة. 

ولا تقول حركة حماس إنها تمنع إعادة افتتاح قاعات السينما، لكن متحدثين باسمها يشددون على ضرورة أن تكون الأفلام المعروضة محافظة، ولا تعارض "الدين الإسلامي". 

وفي قاعة المؤتمرات بمركز "رشاد الشوا" بمدينة غزة تمنّى القائمون على مهرجان "أفلام حقوق الإنسان"، الذي افتتح في 12 مايو/أيار الجاري واستمر لخمسة أيام، أن يتم عرض الأفلام في دار رسمية للسينما كما كان الحال في العقود السابقة. 

وفرش القائمون على المهرجان، الذي حمل عنوان "بدنا نتنفس"، سجادة حمراء، على بوابة القاعة في مشهد رمزي لتسليط الضوء على الحصار الذي تفرضه إسرائيل على القطاع منذ 10 سنوات. 

وعرض خلال أيام المهرجان 12 فلماً روائياً و17 فلماً وثائقياً و30 فيلما قصيراً ما بين روائي ووثائقي و7 أفلام للرسوم المتحركة من جميع أنحاء العالم، تم بثها في قاعة مزودة بشاشة عرض كبيرة لا تشبه "دور السينما". 

ويقول المخرج الفلسطيني خليل المزيّن، مدير المهرجان لوكالة الأناضول: "غزة تتعطش للسينما، نريد قاعات ودورًا نعرض فيها الأفلام، يجب إحياء المشهد الثقافي، السينما رسالة حياة وغزة تريد أن تعيش". 

وأعرب المزيّن عن أمله، في أن يتم العرض الثالث لمهرجان أفلام حقوق الإنسان العام القادم، في إحدى قاعات السينما، وأن يُعاد افتتاحها في غزة من جديد. 

وكان المهرجان الأول لأفلام حقوق الإنسان قد أُقيم العام الماضي وسط حي الشجاعية، الذي شهد دماراً واسعاً خلال الحرب الأخيرة التي شنتها إسرائيل على غزة، صيف عام 2014. 

وقبل نحو 28 عاماً أي منذ بداية الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987 وما تبعها من أوضاع أمنية غير مستقرة في قطاع غزة، توقفت دور السينما في القطاع عن فتح أبوابها. 

وأعيد افتتاح دور السينما، بعد تأسيس السلطة الفلسطينية عام 1994، لكنها عادت وتوقفت عام 1996 بعد تعرضها لاعتداءات. 

وعرفت فلسطين العروض السينمائية منذ بداية القرن الماضي، حيث تشير الكتابات التاريخية إلى أن أول دار عرض سينمائي ظهرت في فلسطين هي "أوراكل" في مدينة القدس عام 1908، وفي عهد الانتداب البريطاني، شهدت البلاد زيادة ملحوظة في ظهور دور العرض السينمائي بالتزامن مع صدور القانون الخاص بالأشرطة السينمائية عام 1927. 

وفي الثلاثينيات، انتشرت في المدن الفلسطينية الرئيسية مجموعة من صالات السينما المجهزة التي كانت تعرض الأفلام التجارية المصرية بشكل خاص على الجمهور، حيث عرضت أفلاماً عربية وأجنبية، ناطقة وصامتة. 

ويقول مؤرخون فلسطينيون إن تاريخ السينما في غزة يعود إلى أربعينيات القرن الماضي، إذ أسس "رشاد الشوا" رئيس البلدية آنذاك، أول دار للسينما عرفت باسم "سينما السامر" (عام 1944). 

وتوالى افتتاح دور السينما في غزة في سبعينيات القرن الماضي، وكان من أشهرها سينما "النصر"، و"السامر"، و"الجلاء"، و"عامر"، و"السلام"، و"صابرين" حيث كانت تعرض أفلاماً معظمها مصرية. 

ولم يبقَ بغزة اليوم، من دور السينما سوى لافتات تشير إلى اسمها، وجدران سوداء مهجورة، بفعل "التخريب". 

Related Stories

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com