لقطة من فيلم "الطريق" للمخرج السوري عبد اللطيف عبد الحميد
لقطة من فيلم "الطريق" للمخرج السوري عبد اللطيف عبد الحميد

فيلم "الطريق".. مقولات فلسفية على وقع الحياة اليومية السورية

جمهور حاشد حضر إلى دار الأوبرا في دمشق؛ لمشاهدة العرض الافتتاحي الأول لفيلم "الطريق" للمخرج السوري عبد اللطيف عبد الحميد، بعد فوزه بثلاث جوائز في مهرجان قرطاج السينمائي.

وحصد "الطريق" في الدورة 33 لمهرجان قرطاج السينمائي الذي أقيم في تونس مؤخرا، جائزة الجمهور وجائزة أفضل ممثل لبطل الفيلم موفق الأحمد، وأفضل سيناريو لعبد اللطيف عبد الحميد وعادل محمود، اللذين كتبا النص مشاركة.

وتجري أحداث الفيلم في قرية تابعة لمدينة طرطوس الساحلية، حيث يعيش الجد "صالح – موفق الأحمد" مع حفيده "صالح – غيث ضاهر" في بيته الريفي إثر تقاعده من التدريس في جامعة دمشق.

ويقرر المراهق "صالح" العيش مع جده بعد وفاة والدته وزواج أبيه، ليتولى الجد ترميم شخصية الطفل، بعد أن وصلته رسالة من مدير المدرسة يبلغه فيها طرد حفيده؛ لأنه غبي وفاشل في الدراسة.

يستلهم الفيلم قصة أديسون الذي طُرد من المدرسة نتيجة "غبائه" وأخفت والدته رسالة الطرد لتقوم بتدريسه في المنزل ويصبح بعدها من أهم مخترعي البشرية
فيلم "الطريق" للمخرج السوري عبد اللطيف عبد الحميد
فيلم "الطريق" للمخرج السوري عبد اللطيف عبد الحميد

يستلهم المخرج عبد الحميد قصة العالم أديسون الذي طُرد من المدرسة نتيجة "غبائه" وأخفت والدته رسالة الطرد لتقوم بتدريسه في المنزل ويصبح بعدها من أهم مخترعي البشرية.

في هذه الأجواء، يبذل الجدّ جهودا مضنية لتدريس حفيده، فيبيع قطعة أرض ويبني مدرسة صغيرة ويتعاقد مع مدرسين، بعد أن يقنع الحفيد بأن رسالة مدير المدرسة تؤكد أنه عبقري ومستواه أعلى من زملائه في المدرسة.

وتتصاعد الأحداث في السيناريو، فيعشق الحفيد "صالح" ابنة الجيران، ويكلفه جده بكتابة كل ما يشاهده يوميا في الطريق كي يدربه على التقاط الحياة، وهو ما يصبح في نهاية الفيلم رواية يطبعها الجد ويسميها "الطريق" يهديها لحفيده العائد من أوروبا طبيبا متخصصا بالأعصاب.

لقطة من فيلم "الطريق" للمخرج السوري عبد اللطيف عبد الحميد
لقطة من فيلم "الطريق" للمخرج السوري عبد اللطيف عبد الحميد

ويختصر عنوان الفيلم، كل ما يجري في الحياة اليومية السورية، فنشهد الحب والكراهية والخصام إلى جانب الإصرار على النجاح ومتابعة السير رغم صعوبات الطريق، وهو ما تحاول أن تفعله كل شخصية عابرة.

أهدى المخرج عبد الحميد فيلمه إلى زوجته الراحلة "لاريسا"، ومن المفارقات المحزنة وفاة كاتب السيناريو عادل محمود قبل معرفته بفوز نصه بالجائزة. كأن القصص الواقعية لبعض المشاركين في الفيلم كانت من الحكايات التي أراد عبد الحميد إبرازها في "الطريق".

المخرج السوري عبد اللطيف عبد الحميد
المخرج السوري عبد اللطيف عبد الحميد
الطريق هو الحياة بصعوباتها ونجاحاتها وفشلها، وقد أردت تأكيد قدرة الإنسان على تحقيق الهدف مهما كبرت الصعوبات
المخرج السوري عبد اللطيف عبد الحميد

وقال المخرج السوري عبد اللطيف عبد الحميد لـ"إرم نيوز": "الطريق هو الحياة بصعوباتها ونجاحاتها وفشلها، وقد أردت تأكيد قدرة الإنسان على تحقيق الهدف مهما كبرت الصعوبات".

وأضاف عبد الحميد: "أكثر ما أسعدني حصول الفيلم على جائزة الجمهور، أما بالنسبة لجائزة أفضل ممثل فقد كانت مفاجأة للكثيرين ممن لم يكونوا يعرفون قدرات الممثل موفق أحمد".

وتحدث عبد الحميد بحزن عن رحيل صديقه وشريكه في كتابة السيناريو الشاعر عادل محمود، وقال: "أقنعت عادل بفكرة الفيلم رغم تردده بذريعة أنه شاعر وليس كاتب سيناريو، وكنت أتمنى لو كان حاضرا معنا افتتاح الفيلم".

لقطة من فيلم "الطريق" للمخرج السوري عبد اللطيف عبد الحميد
لقطة من فيلم "الطريق" للمخرج السوري عبد اللطيف عبد الحميد

واللافت في الفيلم أن جميع العابرين في الطريق المار من أمام منزل الجد، تميزوا بالإصرار والمتابعة، بدءا من "إلهام – رند عباس" التي تسترد حبيبها "صالح" بعد الجفاء، والمتشاجرين الذين يعبرون يوميا للقتال، وكذلك الرجل الذي يعاني من البواسير "مأمون الخطيب" الذي يتخلص من المرض، وأم الحفيد "صالح" بالرضاعة "أم جميل – تماضر غانم" التي لم تتوقف عن جلب زجاجة الحليب لصالح طيلة الفيلم.

ويقدم الفيلم مقولات فلسفية كثيرة، نجح المخرج في تصوير بعضها عبر قصائد سعيد عقل وعمر أبو ريشة، من خلال الممثل "أحمد كنعان" الذي دأب على عبور الطريق وهو يقرأ الشعر بصوت مرتفع.

لقطة من فيلم "الطريق" للمخرج السوري عبد اللطيف عبد الحميد
لقطة من فيلم "الطريق" للمخرج السوري عبد اللطيف عبد الحميد

وينتبه المشاهد إلى ذكاء السيناريو وحبكته المتقنة بهدوء جعلت التطور الدرامي طبيعيا في الأحداث التي تبدأ في الثمانينيات وتنتهي بعد أكثر من عشرين عاما إثر عودة الحفيد صالح طبيبا للأعصاب من أوروبا.

ويعتبر عبد اللطيف عبد الحميد "1954" من المخرجين السوريين البارزين، وقد كتب سيناريوهات جميع أفلامه، ونال العديد من الجوائز العربية والعالمية ومن أشهر أفلامه "رسائل شفهية – 1991" و"صعود المطر – 1994" و"نسيم الروح – 1998" و"ققمران وزيتونة – 2001" و"خارج التغطية – 2006" و"أيام الضجر – 2008" و"الإفطار الأخير – 2021".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com