فيلم "حلم أمريكي".. عندما يتحول الإنسان من "اليوتوبيا" إلى "الديستوبيا"
فيلم "حلم أمريكي".. عندما يتحول الإنسان من "اليوتوبيا" إلى "الديستوبيا"فيلم "حلم أمريكي".. عندما يتحول الإنسان من "اليوتوبيا" إلى "الديستوبيا"

فيلم "حلم أمريكي".. عندما يتحول الإنسان من "اليوتوبيا" إلى "الديستوبيا"

يعمل المخرج الأمريكي جانوسز كامانسكاي على متابعة تحول الإنسان من حياة الطهارة واليوتوبيا إلى الأفعال الديستوبية وصولا للقتل والإجرام في فيلم "Americn Dream"، وهو من إنتاج عام 2021، المأخوذة قصته عن رواية الكاتب"دونسان برانتيلي".

وتدور قصة الفيلم حول الشابين نيكي "ميشيل هويس" وسكوت "لوكا براسي"، اللذين يطمحان من خلال مصنعهما الخاص بالأخشاب لتطوير العمل الخاص بهما، فيبحثان عن ممول مالي للعمل، عبر الاقتراض، ومن ثم سداد المبلغ من بعدها. لكن، وبعد رفض كافة البنوك منحهما القروض اللازمة لذلك، يظهر لهما يوري "نيك ستاهل" العميل الروسي لشخص ملياردير يتاجر بالسجائر، ويملك يوري شركة تنظيف الكوينات "أرباع الدولارات"، فيظهر لهما مقدرته على تقديم المبالغ اللازمة لتطوير العمل الخاص بهما.

وتبدأ رحلة الابتزاز المالي والأخلاقي للشابين من قبل يوري من بعدها، ليكتشف الشابان تورطهما مع هذا الشخص، من خلال مطالباته المستمرة بعمولات عالية على المبلغ الذي حصلا عليه.

ويستمر يوري في ابتزاز الشابين، وزوجتيهما، فلا يكون أمامهما سوى تصفيته، ورغم محاولات عديدة للتخلص منه، لكن محاولاتهم جميعها تبوء بالفشل، حتى يقررون أخيرا اختطافه وقتله، بل وتقطيع جسده، بآلات حادة، لضمان عدم عودتهم لنفس النفق المظلم.

 

غرفة واحدة

فيما يعتبر الفيلم من أفلام الغرفة الواحدة، حيث يتخذ الموضوع الدرامي فكرة وحيدة، وتظل الأحداث تسير في نفس السياق، لتجسير هذه الفكرة، دون خروج لموضوعات تشغل غرفا درامية أخرى. جانب التكثيف هذا نحو الفكرة الرئيسة للفيلم، يمنح المحتوى الجدية في الإثارة والترغيب والمتعة، ويزيد من صلابة المضمون الدرامي.

فواصل رقيقة

ولا تتوقف على مدار التسلسل الزمني للفيلم، عاطفة التوتر والغموض، فيعمد المخرج إلى إبقاء الأحداث دائما على الحافة، فلحظات الهدوء الفاصلة في الفيلم تأتي كفواصل رقيقة عائلية أو عاطفية لكلا الشابين، ومن ثم تختفي ليبدأ صراع جديد بمنحنى متصاعد، كأن يحاول مصور كاميرا التقاط المسافة بين سيارتين على خط سريع. هذا الأداء السريع، يجعل من 83 دقيقة امتدت أحداث الفيلم على مدارها، قصيرة جدا وممتعة.

 

طهارة

ويمنح اقتصار الفيلم على عدد قليل من الشخصيات، فرصة خاصة للمشاهد لاكتشاف جوانب متعددة لصفات الشخصيات الرئيسة في الفيلم. فتبدو شخصية سكوت من النوع المتردد الذي يتخذ الحلم مساحة واسعة في حياته، ويرى الحياة بطهرها وأدواتها الجيدة.

يكمن هذا في الحميمية التي يمتلكها من قبل الأم والأب، وكذلك الإحاطة الكبيرة من قبل عشيقته "آنا"، فلم يكن ليتصور بأنه يمتلك القدرة على القيام بقتل وتقطيع جثة إنسان.

أما شخصية نيكي، فهو دائم الشك في وجود حلول أمامه، ويفقد أعصابه بسرعة كبيرة أمام المشاكل الكبيرة التي تواجهه، ويرى الحياة بشكل أكثر واقعية من صديقه سكوت. ويميل نيكي إلى أن المال لا غيره هو مفتاح الحصول على الأشياء وليست الأحلام.

 

ذاكرة

أما آنا، فكانت المرأة القوية التي تحمل ذاكرة محملة بالحزن نتيجة حادثة اغتصاب مرت قبل سنوات أثناء تواجدها في روسيا، والمفاجأة أن مغتصبها كان يوري، لذا تراها أكثر جرأة وواقعية من الشابين، وكانت هي أول من بدأت بقتل يوري، وتركت لهما تقطيعه. وقد أجادت "أجينزسكا" بأداء دورها، بما تملكه من إيماءات متنوعة وفقا للحدث، وعلى الرغم من أن دورها لا يعتبر بطولة رئيسية، إلا أنها أثبتت وجودها بفضل حضورها في المشاهد، بشكل ملفت.

 

عنصر سيئ

شخصية الشر في الفيلم المتمثلة بـ"يوري" كانت فعالة ودائمة التأثير، فكان "براسي" قادرا على نقل أثر العنصر السيء في الدراما، بفضل إيماءاته الباردة، وصلابته أمام الكاميرا.

الشخصية القوية النصابة الشهوانية، كانت مسار عمل "براسي" على طول الأحداث، وقد أظهر قدرة بارعة في القتال، وهو مقيد اليدين.

ووفقا للرواية الأمريكية، فإن العميل الروسي هو جهة الشر الدائم تجاه الحلم الأمريكي، لربما من هنا جاءت تسمية الفيلم، فهذا الفيلم ينقل الصراع المكتوم الصوت بين الدولتين.

 

الدم والماء

من التلميحات الفنية الفارقة في الفيلم مشهد تصوير سكوت ممددا في بانيو ممتلئ بمخلوط متجانس من الدم والماء، هذه البِركة الحمراء، هي رمزية العالم الديستوبي الذي يعيش فيه المرء، وأراد المخرج نقل ذلك جديا.

أما مشهد تطهر آنا من الدم الذي يلوث جسدها، هو تجسيد لرغبة الإنسان التي تظهر بعد قيامه بعمل سيئ، هذا الغلاف من الدم الذي يتم إزالته بالماء، يأتي كدافع من الداخل لمحو مشاهد الدم التي يقترفها في يومه.

ويأتي ظهور يوري في نهاية الفيلم، هو وعصابته، بمداهمة المصنع من جديد، بعد تأكدهم من قتله وتقطيعه، كدلالة صادمة على أن الشر لا يتوقف في العالم، لذا فالإنسان في منطقة محيرة ما بين اليوتوبيا التي تحفز طهر وسلاسة الحياة، وما بين الديستوبيا التي تخلق الصراع والتشابك والقتل، ويبقى المرء ما بين الطريقين، يركب قطع البازل، ليخلق التوازن.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com