المعجم التاريخي للغة العربية
المعجم التاريخي للغة العربية

"المعجم التاريخي للغة العربية".. ديوان الأدب ورحلة المعرفة

احتفى معرض الشارقة الدولي للكتاب في نسخته الـ41، بإتمام 19 مجلدا جديدا من "المعجم التاريخي للغة العربية"، مضافة إلى 9 مجلدات سابقة، ليصبح العدد الإجمالي المكتمل 36 جزءا.

وترصد المجلدات الـ19، أربعة أحرف وهي الحاء والخاء والدال والذال، ليصبح العدد الكلي للحروف التي تم تحريرها إلى حد الآن 9 أحرف، من الهمزة إلى الذال.

سجل للأمة وتاريخها

وكان حاكم إمارة الشارقة الشيخ الدكتور سلطان القاسمي، والذي أشرف بشكل مباشر على هذا المشروع، أعلن إطلاق المجلدات الجديدة، لافتا إلى أن المعجم التاريخي متاح بشكليه المطبعي والرقمي.

وأكد في كلمته التي ألقاها بمعرض الشارقة للكتاب، أن "المعجم التاريخي ليس كسائر المعاجم، ولا يشرح الكلمات العربية ويعرّف معانيها فقط، إنما هو سجل هذه الأمة وتاريخها، وديوان أشعارها، وأخبارها، وأمثالها، ابتداء من عصر النقوش القديمة ومرورا بعصور العرب التاريخية، وصولا إلى العصر الحديث".

حلم بدأ من مستشرق

وحلم "المجمع التاريخي للغة العربية" ليس وليد اليوم، فهو فكرة انبثقت على الأقل قبل 7 عقود، وواجهت تحديات كثيرة حتى بدأت ترى النور أخيرا.

واللافت أن صاحب الفكرة كان المستشرق أوجست فيشر، حيث طرحها على مجمع اللغة العربية في العاصمة القاهرة آنذاك، قبل أن يحول اندلاع الحرب العالمية الثانية دون اكتمالها.

وقال رئيس مجمع اللغة العربية في الخرطوم محمد بكري الحاج، إن تأخر الدعم من قبل الدول العربية لهذه الفكرة، أبقاها في طي النسيان، حتى أعلن حاكم الشارقة عن دعمه لها.

وشدد على أن هذا المشروع القومي كانت اللغة العربية في حاجة ماسة له، لتوثيق تاريخ مفرداتها، ومراحل تطورها عبر العصور، ليبصر الحلم الذي بدأ بالمستشرق أوجست فيشر النور أخيرا بعد 7 عقود.

وينهي مشروع هذا المعجم تقصيراً تاريخياً بحق لغة الضاد التي من دون اللغات الحيّة الأخرى في العالم لم تتوفر على معجم مرجعي يتتبع تطور مفرداتها ويُؤرّخُ لجذور ألفاظِها عبر الـ18 قرناً الماضية، بعد محاولات متعثرة سابقة لم يكتب لها النجاح رغم ريادة العرب في صناعة القواميس والمعاجم منذ القاموس الرائد لابن منظور "لسان العرب" في القرن الثالث عشر.

ورغم ذلك، فإن المهمّة الواعدة لا تزال في بدايتها، إذ تم إنجاز 30% من المشروع إلى حد الآن، وهي التي تغطي 9 أحرف من حروف الأبجدية العربية، وهذا الإنجاز تم إنهاؤه في زمن قياسي لا يتجاوز العامين.

بماذا يمتاز المعجم التاريخي؟

عكف على إنجاز هذا المشروع الهام، 300 خبير لغوي، يمثلون 11 مجمعا لغويا تحت مظلة اتحاد مجامع اللغة العربية، بإشراف تنفيذي مباشر من "مجمع اللغة العربية في الشارقة".

وقال رئيس مجمع اللغة العربية في الخرطوم محمد بكري الحاج، إن المجمع بات حلقة وصل بين المجامع اللغوية في العالم العربي، وقد توحدت فيه نشاط عشرة مجامع لغوية.

ويشتمل المعجم على كل كلمة استعملت في اللغة دون استثناء، ويؤرخ في أجزائه الـ36 لتسعة أحرف من حروف اللغة العربية، إذ يبين أساليبها وتاريخ استعمالها.

وتم الاعتماد على مصادر متنوعة في إنجاز هذا المشروع، وهي القرآن الكريم والشعر الجاهلي والنقوش القديمة.

وأوضح المدير العلمي للمعجم التاريخي الدكتور مأمون وجيه أن "المعجم التاريخي" يعتمد على منهجية جمع النصوص الحية جمعا جغرافيا يشمل مختلف مناطق استعمال اللغة العربية.

وتم رصد المادة اللغوية المتعلقة بالجذر في آلاف الوثائق، وتم البحث في دلالات النصوص، ثم رد كل دلالة إلى عصرها، والتي يعود بعضها إلى ما قبل الإسلام، حتى عصرنا الحاضر.

وقال الدكتور خليل النحوي، رئيس مجلس اللسان العربي في موريتانيا، إن ما يميز "المعجم التاريخي" أنه يشتمل في أجزائه الـ36 على أكثر من 6200 جذر.

وتختلف المعاجم التاريخيّة عن القواميس التقليدية برصدها التاريخ العضوي لتاريخ المفردات في مختلف السياقات التاريخيّة، مما يتطلب تتبعاً واسع النطاق لاستعمال الكلمات منذ ما قبل التدوين وما روي عن العرب القدماء، وتراث الشعراء الجاهليين، وأيضاً تتبع اللفظ في القرآن الكريم والحديث النبوي وأعمال الشعراء والأدباء والعلماء إلى أحدث الأعمال اليوم.

وقد أظهر المعجم ألفاظاً في العربية تعود في تاريخها إلى لغات موغلة القدم، مثل الحضارة الفينيقية القديمة، وأمدّتها لغة العرب بفرصة الاستمراريّة والبقاء حتى وقتنا الرّاهن.

حفظ للهوية وصونها

ويعتزم القائمون على مشروع "المعجم التاريخي" توفير كل مواده إلكترونيا للباحثين والقراء في كل مكان، إذ تم توفير المجلدات التي تم إنجازها إلى حد الآن، مجانا، لكل الراغبين على مستوى العالم، من خلال موقع المعجم ذاته.

وكذلك تم إنجاز تطبيق إلكتروني للمعجم التاريخي، بحيث يكون في مُتناول أصحاب الهواتف الذكية والألواح الرقمية المحمولة.

وبدوره، أعلن حاكم الشارقة الشيخ سلطان القاسمي عن وقف يخصص لدعم هذه المجامع لأداء رسالتها على الوجه الأكمل، على أن يكون الوقف في إمارة الشارقة.

لافتا إلى أهمية إقامة مراكز خاصة تعود ملكيتها لمجمع اللغة العربية في الشارقة، حيث إن هذا نوع من المدّ لإبقاء هذه اللغة موجودة في الواقع العربي.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com