رواية "ريكامو" تفوز بجائزة الإبداع التونسي
رواية "ريكامو" تفوز بجائزة الإبداع التونسيرواية "ريكامو" تفوز بجائزة الإبداع التونسي

رواية "ريكامو" تفوز بجائزة الإبداع التونسي

اختتمت الدورة الثانية والثلاثون لـ معرض تونس الدولي للكتاب، والتي امتدت من 25 مارس إلى الثالث من أبريل الحالي، بفوز رواية "ريكامو" للكاتب والصحفي التونسي يوسف رزوقة (59 عامًا) بجائزة الإبداع في الرواية، حيث تم اختيارها من بين 19 رواية، تنافست على الجائزة، وقدرها 15 ألف دينار، (نحو 7500 دولار أمريكي).

وتشكلت لجنة تحكيم جائزة الإبداع في الرواية، من الكاتب والناقد محمود طرشونة وسلوى السعداوي، الأستاذة بكلية الآداب بجامعة منوبة، والكاتب محمد الحبو.

رواية "ريكامو" الفائزة ليوسف رزوقة، صادرة عن دار زينب للنشر في 242 صفحة، وغلافها يمثل لوحة للفنان والرسام البانامي أوزفا لدو هيريرا، وهي الرابعة في مدونة المؤلف السردية، بعد "الأرخبيل"، و"مسمار تشيخوف"، و"وداعًا براءة العالم"، إلى جانب العديد من الأعمال الشعرية والكتابات البحثية والمقالات.

وللكاتب يوسف رزوقة، رواية قيد الطبع في مصر، بعنوان "أعشاش مغشوشة".

ووزع "رزوقة"، النص على عشرين فصلاً، منحها اسم "نوبة"، ورقّمها بالتتالي، "نوبة واحد، اثنان وهكذا"، بعد أن استهلها بعنوان مختلف: "نوبة الالتفات"، مثلما لو كان يشي بشواغل النص، وقد استعار اقتباسات أربعة لعبدالرحيم البيساني، عن هم الكتابة، وابن خلدون عن انهيار الدول، وكازانتزاكيس الذي نلمس ظله في الرواية، وأخيرًا لجلال الدين الرومي، عن المحبة المنعتقة من أسر المكان، ثم نوبة الدخول وهي بمثابة مدخل للحكاية، منها يباشر الكاتب سرده.

كل نوبة من نوبات النص يستهلها الكاتب بـما يشبه التلخيص أو الإشارة إلى الحدث الأبرز، حيث يمكننا لو جمعناها بالتتالي أن نحصل على ملخص الحكاية الكلية.

أما التفاصيل والحكايات المتناسلة من بعضها، وما تحمل من منمنمات صغيرة، فيقدمها الكاتب على مهل وبسرد مشوق، يشعر القارئ بأنه يشارك الكاتب في حياكته لنسيج الرواية، بقدر ما تبدو الحكاية ممتعة ومشوقة ومسلية، وعامرة بتفاصيل الحياة العادية، بقدر ما تحمل بين طياتها من شواغل روائية وهموم ثقافية.

وتتصدر الثورة التونسية بشكل خاص، وانتفاضات الربيع العربي بشكل عام، أحد أهم شواغلها، وما آلت إليه هذه الثورات من انحدار واغتصاب من قبل الجماعات الدينية والإسلام السياسي، كما أن قضية الإرهاب حاضرة بقوة، والإقصاء والتغيير الديموغرافي الموجه والمدار بالعنف، كالاعتداء على المسيحيين ودور عبادتهم، "والفاعل أو الفَعَلَة: مجموعة إرهابيين فاشيّين ذوي اتّـجاهات ومرجعيّات متطرّفة"، وسيطرة الحركات المتطرفة على المجال العام، وقضية المرأة، التي كانت بارزة في الرواية، مثلما كانت الشخصيات النسائية فيها هي الشخصيات البارزة والفاعلة والمؤثرة في النص، بينما شمار الشخصية الأساسية الذكورية، فيبدو مثلما لو كان يدور في فلك الشخصيات النسائية، كما أنه يشكّل ذاكرة التاريخ والأحداث فيه "لشَمَّار ذاكرة ذات دَفْقٍ وسَعَة، هو خزّان عملاق للأحداث قديـمها وحديـثها"، ماسحًا التاريخ الحديث لتونس، منذ الاستقلال، وحتى الوقت الحالي الذي آلت إليه بعد الثورة، عن طريق ثلاثة أجيال، موسى أكهو أو موسى الرملي، الملقب بالبارون وزوجته ابنة العامة شامة شمامة، اللذان قاما بالسطو على حياة الشعب بتبنيهما ياسة ابنة العائلة الفقيرة، حيث تتماهى قصتهما مع قصة الرئيس المخلوع وزوجته.

ياسة الرملي، وشمار العسلي، بطلا الرواية، تجمعهما قصة حب مختلفة، انطلاقًا منها تُنسج الرواية، وإذا كان الروائي يعنون الفقرات في الفصول بكلمة "ريكامو" لتشكل جملاً مختلفة، فإن التناغم يبدو جليًا بين الكلمة وبنيان النص.

"الريكامو" كما تكشف الرواية في خواتيمها، هو نسيج من الدانتيلا المخرّم الذي يدغدغ الرغبات والأحلام السرية، ياسة هي ابنة بالتبني لأحد الأغنياء الذين أثروا على هامش الفساد، تبناها نزولاً عند رغبة زوجته العاملة في أحد المصانع التي يمتلكها، سطا على حياتها منذ كانت وليدة في ساعاتها الأولى لأسرة من الريف، تقطن وادي العسل، تكبر ياسة في جو من الرياء والنفاق والانحلال القيمي، وتكتشف حقيقتها في عمر المراهقة، لتبدأ رحلة التمرد في مشوارها الطويل، يصورها السارد كشخصية جموحة ثائرة، تلتقي بشمار العسلي في الجامعة، ويحصل التقارب بينهما.

وفي أول لقاء جسدي بينهما، يتخلص شمار من عقدة الختان التي كانت عائقًا نفسيًا أمامه في اجتياز حاجز العذرية بعلاقته بالمرأة، والذي دفع بالفتاة التي كانت توافيه في البرية في قريته إلى الارتماء في حضن والده، فتزوجها مما دفع بشمار إلى مغادرة القرية، وعدم الرجوع إليها إلا بعد أن أمضى سنوات طويلة في ترشيش العاصمة، أي تونس العاصمة، وبعد أن يكون أنهى دراسته واشتغل وأسس أسرة اقتنى بيتًا وصار لديه رصيد فائض عن حاجته، يتزوج شمار بغير قناعة، تموت ابنته الوحيدة وزوجته، وتتزوج ياسة من رجل ثري لا تحبه ولا يساويها في الثقافة والتعليم، لكنه اشترى الشهادة العلمية والمكانة الاجتماعية بماله، بل وأسس حزبًا سياسيًا.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com