رواية "قريناتي" لمها حسن تلجأ للميثولوجيا في قالب سريالي

تركز رواية "قريناتي"، الصادرة حديثاً للكاتبة السورية مها حسن، على القيم الروحانية الشرقية وبشكل خاص لدى شريحة النساء.

وتتقاطع في الرواية مصائر متباينة من تيارات متنوعة وإثنيات مختلفة، تفرض نفسها بقوة على التكوين النفسي للشخصيات وأمزجتها ورؤاها وهواجسها.

وتتبع أحداث الرواية مسيرة حياة 3 نساء، في خط واقعي بسيط، ليتحول مسار الحبكة تغيرا مفاجئا، وكأننا في عالم سحري، ويبدأ التعقيد وتشابك القصص، وتشكل نهاية كل قصة إيذانا بانطلاق الأخرى.

ومع الغوص في ثنايا الأحداث تبرز ومضات سريالية، تأخذنا من مجهول إلى آخر، حيث الدهشة والقلق والجمال لمجرد الجمال.

ولجأت الكاتبة لتطعيم روايتها بالرمز والأسطورة والميثولوجيا، لنشهد الغيلان والجنيات والأشباح، فضلا عن مفاهيم تجريدية من الفلسفة الشرقية؛ مثل التقمص وتناسخ الأرواح.

تقول الكاتبة بلسان الراوي العليم: "رأت إيزيس جسدها يهوي سريعا قبل أن يحط وسط الشارع ويتحطم. مرتطمة بإسفلت الطريق، رأت ظلا أو شبحا أو كائنا شفافا يخرج من جسدها المتكسر على الأرض، ويعرُج ليلتصق بالحائط، فتصير قطة. كانت القطة التي تنظر إلى الجسد المحطم، بينما سيارة الإسعاف تعوي قادمة من بعيد، راحت تموء بألم خفيف، ثم أفاقت وهي تسمع مواءها ذاته، الذي يوقظها من مناماتها منذ سنوات".

وتغص الرواية بحكايات الجدات الغرائبية، في مزيج متقن يخدم سيرورة الأحداث. فيها يلتحم الواقعي بالتخييل، لينسج خيوط الحبكة، وتبرز أمامنا هموم يومية عن المعاناة الفردية وثقل الحب والخيانة والفن والحرية وهواجس الجسد.

تقول الكاتبة في روايتها: "أما لمعان، التي كانت تعيش في مكان بعيد وشبه مجهول، فقد أفاقت في تلك اللحظة وهي تسمع عواءها. حلمت أنها ذئبة، وقد أطلق صياد سهما اخترق بطنها. كانت حاملا، وكان السهم قد أصاب الجنين".

رواية "قريناتي" من إصدارات دار المتوسط للنشر، إيطاليا، ط1، 2021، وتقع في 304 صفحات من القطع المتوسط.

الكاتبة في سطور

مها حسن أديبة سورية تقيم في فرنسا، سبق وصدرت لها مجموعة كتب؛ منها: "اللامتناهي، سيرة الآخر"، "صورة الغلاف"، "تراتيل العدم"، "حبل سري"، "نفق الوجود"، "بنات البراي"، "مترو حلب"، و"عمت صباحا أيتها الحرب". ووصلت روايتها "حبل سري" إلى اللائحة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية (بوكر).