هل أسهمت مواقع التواصل الاجتماعي في تعزيز حضور القصة القصيرة؟
هل أسهمت مواقع التواصل الاجتماعي في تعزيز حضور القصة القصيرة؟هل أسهمت مواقع التواصل الاجتماعي في تعزيز حضور القصة القصيرة؟

هل أسهمت مواقع التواصل الاجتماعي في تعزيز حضور القصة القصيرة؟

يزداد حضور القصة القصيرة في يوميات القارئ، يوما بعد يوم في العالم، وفي المنطقة العربية بشكل خاص، بفضل وجود منصات النشر الإلكتروني، ومواقع التواصل الاجتماعي.

وباعتبار القصة القصيرة جديدة النشأة بعض الشيء في خارطة الأدب العربي، فإن تواجدها كان في الماضي القريب يقتصر على الكتب الورقية، التي في الغالب لا تصل لدول عربية كثيرة، كما أنها لا تلقى اهتماما من الناشر والقارئ.

فيما كان ظهور المواقع الاجتماعية، بمثابة فك لعزلة كاتبي القصة القصيرة، بخلق مساحة للنشر، والتواصل مع القراء، وفهم وتدارك حاجاتهم من حيث اللغة و الأسلوب وطريقة الطرح والموضوعات. وكذلك اكتشاف لخطة عمل جديدة مع الجمهور والناشر، حققت لكاتب القصة المكانة المأمولة.

لا يحتاج الناس على مواقع التواصل الاجتماعي إلى سرد طويل؛ لأن جلوسهم أمام شاشة الهاتف الخلوي في الغالب يكون متقطعا، ويخضع لخريطة الفراغ اليومي في حياة الشخص.

ربما يشبه حضور القصة على مواقع التواصل الاجتماعي في هذا العصر طريقة انتشارها أول مرة، قبل ثمانية عقود، بين المسافرين في القطارات في ألمانيا وفرنسا وإنجلترا، ومن ثم امتدت الفكرة لكافة أنحاء العالم.

القصة لا الشخص

إن ما يميز القصة القصيرة عن الرواية في هذا الإطار، القدرة على تكييف الحدث مع مساحة الوقت.

فالكاتب في الرواية يتناول كل صغيرة وكبيرة عن شخصية روايته المركزية، أما في القصة القصيرة، فالكاتب يقدم للقارئ لمحة عن الشخصية، من خلال حدث ما، يتسبب في تغيير حياتها.

الأمر يشبه أن نلتقي بشخص في المطار، يعجبنا الحوار معه، أو ردة فعله تجاه حدث ما. هذا هو سلوك القصة، وسلوك مواقع التواصل معنا في الكثير من الأوقات، يكون أيضا بنفس الأثر، من خلال الالتفات والإعجاب بفكرة، أو طريقة سرد ما، لصانع محتوى على المواقع الاجتماعية، والغريب أننا قد ننسى اسمه بعد أيام، لكننا نبقى نتذكر الموقف.

هنا نتأثر بالطرح، بهذه الطريقة، دون أن نعرف كل شيء عن الشخصية. إننا نتشارك مع هذا الشخص بعضا من الوقت، لكن ليس من الضرورة معرفة تاريخ حياته.

ربما تكمن جاذبية القصة في هذا النقص، حيث يثير التساؤل والشكوك والغموض. إنه لمن ميزات القصة أنها تثير أسئلة أكثر مما تجيب، عن الشخصية، ماضيها ومستقبلها. لو لاحظنا، هنالك أشخاص كثيرون لا نعرفهم على مواقع التواصل، لكننا نحتفظ بصداقتهم الافتراضية، هذا أيضا يشبه طريقة عمل القصة في حياتنا، البحث والتشارك في حدث وحيد.



نهج شعري

ثمة تشارك غريب تفعله القصة القصيرة مع الشعر أيضا، الذي من مهامه توصيل شعور من الصعب صياغته بالسرد، مشاعر ما تحت الكلمات، هذا لأنه يقوم على الحذف والتكثيف، في القصة أيضا حذف مشابه لتفاصيل الشخصية وتكثيف نحو حدث ما، إنه نهج شعري بحت، فلا نستغرب حين نجد "والتر دي لاماري"، وديلان توماس قد كتبوا الشعر والقصة، وفعلت ذلك شيخة حليوي، و أيضا مازن معروف الذي انتقل من كتابة الشعر للقصة القصيرة وفاز بعدة جوائز، وترجمت مجموعاته لأكثر من لغة.

مع تعدد كتاب القصة القصيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، ازدادت المنافسة في كتابتها، قد يكون بسبب التأثر، أو الغبطة تجاه كاتب آخر لكثرة تجميعه للمتابعين.

كما أن الموقع الاجتماعي فتح للكاتب خيارات ممتعة في أخذ رد فعل راجع من المتابعين حول ما يكتب، بشكل مستمر. كذلك مشاركة الكاتب معهم المناسبات والتهنئة بالأعياد، هذا من أدوات زيادة الالتفاف حوله.

بعض الكتاب يقوم بنشر قصته على شكل تويتات متتابعة، ليثير التشويق في نفس متابعيه، ويزيد من عددهم.

الكاتبة الأمريكية جينفير إيجان نشرت قصة على تويتر تتألف من 8500 كلمة، بعنوان "الصندوق الأسود" بحيث كانت تنشر سطرا جديدا كل دقيقة، لمدة ساعة كل ليلة.

قام تيل جايمان الكاتب الأمريكي، بنشر السطر الأول من قصة خيالية، وكان السطر الثاني من كتابة متابعيه على تويتر. لقد لعب هذا الكاتب لعبة ذكاء، باختيار السطر المكمل من بين 240 مشاركة من المتابعين، هذه حيلة لنقل الشعور بالود تجاه الجمهور، وتعزيز انتمائه لما يكتبه الكاتب.



اهتمام إعلامي

بينما تتطور القصة بلغتها وأنماطها وتركيبتها، بفضل انتشارها على مواقع التكنولوجيا، تزداد تحركات الآلة الإعلامية العربية نحوها، حيث بدأت مواقع الصحافة في تخصيص الزوايا الأدبية لنقد وتحليل القصة بالإضافة للشعر والروايات.

وباشرت الدول في تنظيم المهرجانات الخاصة بالقصة القصيرة، بشكل دوري كما وظهرت منذ سنوات جائزة الملتقى للقصة القصيرة في الكويت، على غرار جائزة البوكر الإماراتية في الرواية، وجوائز أخرى متعددة.

الرابط الأقوى لإتمام هذه الفعاليات كلها، يكمن في تواجد معظم هؤلاء الإعلاميين على مواقع التواصل الاجتماعي وسهولة التواصل مع غالبية الكتاب البارزين في القصة القصيرة، الذي يتم من خلال فيس بوك وتويتر وانستغرام.

هنالك جزء أخير رئيسي، لنجاح دوران عجلة القصة، ألا وهو الناشر، الذي بالطبع كما يعنيه البنيان الأدبي، يعنيه زيادة الأرباح مما ينشر. لقد ازداد اهتمام الناشرين بطباعة ونشر القصة القصيرة، بعد ملاحظة اهتمام القراء بمناقشتها، ومتابعتها، على مواقع التواصل الاجتماعي، كما ولاحظوا بأن الكاتب المبدع للقصة القصيرة، يحظى بمتابعات كبيرة، على المواقع الاجتماعية. لذلك يتابع الناشر أسماء جديدة من كتاب القصة القصيرة، للفوز بأحدهم كل فترة، أو من خلال تنظيم مسابقات للنشر للكتّاب الشباب، وتقديم الفائز،  للمنافسة في سوق بيع الكتاب العربي.

لكن الناشر هنا يضع شرطا صعبا في طريق الكاتب، بأن تكون القصص المنشورة في مجموعته، لم يسبق نشرها للمتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي، لضمان رواج المنتج. هذا يوضح تأثيرا آخر لهذه المواقع في مسار القصة القصيرة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com