"مرايا لا تعكس" للإماراتي عبد الحكيم الزبيدي.. قصائد عن الوطن ولوعة الحب والخيبات
"مرايا لا تعكس" للإماراتي عبد الحكيم الزبيدي.. قصائد عن الوطن ولوعة الحب والخيبات"مرايا لا تعكس" للإماراتي عبد الحكيم الزبيدي.. قصائد عن الوطن ولوعة الحب والخيبات

"مرايا لا تعكس" للإماراتي عبد الحكيم الزبيدي.. قصائد عن الوطن ولوعة الحب والخيبات

يستكشف الشاعر الإماراتي الدكتور عبد الحكيم الزبيدي، العديد من المشاعر الإنسانية، عبر قصائد تشمل الرثاء للأحبة الراحلين، وكذلك الحنين للماضي، والإصغاء إلى صوته الداخلي مع الحب والحزن، في مجموعته الشعرية "مرايا لا تعكس" الصادرة عن دار رواشن للنشر 2020.
وعلى عكس مسار الموجة الشعرية السائدة في عقود مضت، والتي سار معها الكثير من الشعراء يتمسك الزبيدي بقارب القصيدة العمودية في نصوصه، ويضيف إليها بعض القصائد على طريقة التفعيلة.

قصائد متعددة في ديوانه، نظمها الزبيدي على بحور الشعر المختلفة،  منحت للنص إيقاعًا غنائيًا محببًا.

تمارين العاطفة
يبحر الشاعر عبر هذه المجموعة في اتجاهات متنوعة، ويقوم في نصوصه بإجراء تمارين لعاطفة، هي في الأصل تسكن داخل الذات. كما ينظم عاطفته تجاه وطنه الذي يجد فيه زوايا منفرجة من السعادة والخير، ويعد بذلك كل ضيف يحل ببلاده.
يقول الشاعر في نص بلاد العلا:

هذي بلاد العلا أرض الإمارات       أرض الهنا والأماني والمسرات
حيث المواطن يحيا في بلهنية     مرفه العيش موفور الكرامات
أرض تلاقت على أرجائها أمم      شتى اللغات تلاقت والديانات
تعيش فيها بعز وهي آمنة            يرفرف العدل في كل المساحات
كأنها جنة في الأرض وارفة       بدت على الكون في أثواب زينات



غرفة المرايا 

أما عنوان المجموعة الشعرية "مرايا لا تعكس"، فيعبر عن  لحظات تأمل فلسفية، يمكن تمريرها على معظم القصائد في مجموعته. فالدخول بين جدران المجموعة، يمثل التواجد في غرفة المرايا، والسؤال المتخيل هنا: كم نسخة ممكن أن تعكس المرايا للشخص  الواحد بين أسطحها؟  لكن الشاعر أراد أن يوقف  تكرار الشخوص هذا، فجعل المرايا لا تعكس، لربما قصد بذلك استهداف جوهر الحياة برمته، الذي لا يمكّننا من استرجاع لحظة مفقودة أو حبيب مشى في الدرب المعاكس، أو ميت اختار صندوقه تحت الأرض ليتخفى فيه.
ويكتب الزبيدي في نص"مرايا لا تعكس":

اسكب عبراتك لا تبخل    بدموعك للحب الأمثل
وأذكر أيامًا لا أحلى        مرت بالقلب ولا أجمل
ما أحلى تلك لُييْلات       قد بتنا كالقمر الأكحل
نتراكض في كنف الوادي  نرقى أو نهبط للأسفل
ما بحنا فيها بغرام          لم نفهم شيئًا لم نعقل

ويعبر عن صدمته من انكشاف عورة الزمن في طريقه، فيكتب:
لم نعلم أن غدًا آت             بشتات للشمل الملثم
لم نفهم من أمر الدنيا        إلا الضحكات على المبسم
يا ليلة حبي عوديني          واسقيني من فيك الأحوم
ما زلت على ذكرى حبي     أشتاق وآمل بل أحلم
هيهات وبين أيادينا         سنوات من حزن أدهم

زمن مهرق في السباق

لكن، يعود الزبيدي ليمسك مرآة مغايرة هذه المرة، لينقذ ما تبقى من الزمن المهرق في السباق، ويدعو الحبيبة للحظة واحدة من الماضي، هي من الحلم لربما، لكنها بهذا الحضور لحظة أكثر صلابة من الواقع، اللحظة التي نقف أمام مرآتها فتستحيل إلى نهر، يحملنا إلى بر الأمان.
وعن ذلك ينظم الزبيدي في نص"دعوة للحلم":

تعالي في ربى الأحلام     نغرق كل مأساة
ونطلق روحنا طيرًا         يحلق في السموات
بعيدًا عن عيون الخلق     لا   دانٍ  ولا آتٍ
نعيد   لياليَ  الماضي      بأفراح    وبسمات
وأيامًا   لنا    سلفت       تقضت مثل لحظات
هلمي   فالورى   فانٍ      وطيب العيش غرات
ففيم   نعيشها   همًا       بزفرات   وحسرات
وفي أيدينا    إن شئنا     قلبناها    مسرّات

عربات

ويرى الزبيدي خيط لحظات العمر أمامه، كأنه عربات مربوطة ببعضها، وكل عربة تشد الأخرى، لذا تبقى تلك العربة المحملة بالخذلان من الحب، هي التي تتحكم بذاكرته. وعربة الحلم التي ينشدها الشاعر في نص "حال المحب"، كفيلة بأن تصنع لبقية السائرات دربًا دون سقطات. فيكتب:
مالي أحدق في اللحاظ كأنني       أرنو على حذرٍ إلى مرآة
وأكاد أنشق في الخدود عبيرها      وتهب منها ألطف النسمات
مالي أمرر في الشفاه أصابعي       وأكاد أحسو أعذب الرشفات
وأخال أنّا وحدنا في كوكب             عن أعين الحساد في خلوات
نحسو من الشهد المصفى عذبه      لا قول منا غير خذ وهات

فراق

وبينما يكون المرء إلى جوار من يحب، تأتي نقطة التعثر التي تقلب الأيام إلى غربة، وتذهب بالأمنيات. وفي نص"لا تسافر" ينظم الشاعر:

لم أصادف منذ فارقتك
إلا غربة..
عشت حائرًا
والحظ عاثر.
أمضغ الشكوى..
وأتلو رجع أنّاتي..
وأقتات المشاعر.
لا تسافر!
وأعود اليوم مشتاقًا..
لأروي من معين الحب أحزاني..
وأطفئ حر أشواقي..
لوجه مثل ضوء البدر سافر.

ويكتب الشاعر في نص"مرافئ الغيم":
يتشكل في ذهني الغيم
كي يمطر
لكن يتبعثر
أستنْبت في قلبي البشر
كي أتفاءل بسقوط القطر
لكن الغيم
يأبى أن يتساقط في حضني نهرًا
أن يتدفق في جنبي عطرًا
أن يتعانق مع طل الصبح وقطر الليل
يتندى الورد يبلل وجه الصبح
لكن الغيم
يأبى أن يتساقط في حضني نهرًا
يا للغيم ويا للضيم.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com