الكاتب العربي في زمن كورونا.. مشهد فانتازي وفيروس يجبرنا على إعادة النظر بكل شيء
الكاتب العربي في زمن كورونا.. مشهد فانتازي وفيروس يجبرنا على إعادة النظر بكل شيءالكاتب العربي في زمن كورونا.. مشهد فانتازي وفيروس يجبرنا على إعادة النظر بكل شيء

الكاتب العربي في زمن كورونا.. مشهد فانتازي وفيروس يجبرنا على إعادة النظر بكل شيء

تعد العزلة من الخيارات الإنسانية المطلوبة أحيانًا للهرب من زحام الحياة، وهذا الأمر يكون مطلبًا ملحًا لدى المبدعين خاصة. لكن في الوضع الطبيعي إن كان ذلك الأمر إجباريًا، فالأمر معاييره كلها تختلف.

 فهل الميل إلى العزلة هو طلب من نوع آخر للحرية، حيث يقول الفيلسوف الألماني أرتور شوبنهاور، إنه "من لا يستمتع بالعزلة لا يهوى الحرية"، وما أدوات الحرية المتاحة في نظام إجباري.

لقد أوصلت جائحة فيروس كورونا الجهات الرسمية في معظم دول العالم، إلى فرض العزلة الإجبارية على المرء، من خلال المطالبة بالحجر المنزلي الإجباري، كإجراء يحد من انتشار الوباء، الذي يتمدد بفعل الاختلاط مع الآخرين، ولأن للكاتب طقوسًا يومية مغايرة عن الآخرين، فقد أجرت "إرم نيوز" مقابلات مع العديد من الكتّاب والمبدعين في الوطن العربي حول كيفية التعامل مع الحجر المنزلي، والرؤية الشخصية لكل منهم في التعامل مع هذه الجائحة.

وإزاء ذلك، قالت الشاعرة السعودية هدى المبارك:"لدينا إنترنت سريع يسهّل التفاعل الاجتماعي الافتراضي، ومكالمات الفيديو التي تساهم بكسر الوحشة، وألعاب جماعية وفردية، وهذا شيء متأصل من ثقافتنا كجيل. ونحن منغمسون في العالم الافتراضي، لدرجة أن الجيل السابق كان يستاء لأننا في هذا العالم دائمًا مع عدم وجودنا الفعلي اجتماعيًا، يبدو أننا في لعنة ما نحبه وما انشغلنا عنه، نحن مجبورون عليه الآن، فهل هو ممتع حقًا حين لا يكون لدينا خيار للتواصل الاجتماعي إلا هو؟".

وعن الهم الجمعي تجاه فيروس كورونا، أوضحت أن"هذا هو التحدي المباشر للكتّاب هذه الفترة وصنّاع المحتوى، هو كيف نوصل الفكرة بشتى الطرق بأننا في وضع رغم الظروف السيئة أفضل من غيرنا، وتوصيل الثقافة العلمية والأيديولوجية للمجتمع عن هذه الجائحة، وكيف نمنع أنفسنا عن الوصول إلى خط الخطر والطوارئ فيه".

 وعن الأثر مستقبلًا، على الصعيد الاجتماعي، أفادت المبارك، أننا"سنتعلم كيف نستطيع أن نمسك العصا من المنتصف بين الحياة الاجتماعية الفعلية والحياة الافتراضية لوسائل التواصل الاجتماعي".

أما الشاعر العراقي عبود الجابري، فقال إن"فكرة حظر التجوال تؤطر لفكرة السجن، فالسجن فكرة وليس مكانًا، فحتى لو توافرت لك كل متطلبات الحياة الترفيهية في البيت، فإن الأمر مرتبط بإحساسك بأنك سجين، وهذا يولد ضجرًا لا يحتمل".

وأضاف الجابري المقيم في الأردن:"نحن في الغربة موتورون إنسانيًا ووجدانيًا، ومحاصرون بالقلق، على الأحباب والأهل، ولأننا جزء من مجتمع آخر، فإننا نقلق على الناس هنا بنفس القدر، بعد ربع قرن في الأردن".

وعن خطر كورونا أشار الجابري إلى أننا "سلاسل في مواجهة هذا الخطر، وننشد السلام للعالم أجمع  للنجاة من هذا التهديد، والعالم يستوي أمام هذا الخطر، فهذه فضيلة يجب أن نستغلها فيما بعد، وهي أن الناس جميعًا سواسية".

عالم هش

من ناحيتها، رأت الشاعرة البحرينية بتول حميد، أن"‏‎كورونا الفتاك الصغير فضح هشاشة العالم، من يصدق أن فيروسًا يكاد أن يشلّ الكرة الأرضية والحركة فيها، وأتساءل بخيبة: لماذا لم نكن على استعداد لهكذا ظرف؟!، إقفال حدودي، وإغلاق مدارس وجامعات، وإلغاء حفلات ومؤتمرات، وإقفال مساجد، والإصابات تتزايد، أين التكنولوجيا والتطور الطبي؟!، لم يفضح كورونا هشاشة العالم فحسب بل كان اختبارًا حادًا لإنسانيتنا والتي هي في تراجع، فالإنسان فينا ينقرض".

وفيما يتعلق بالعزل المنزلي، قالت حميد:"البقاء في المنزل ملاذي الآمن سلفًا، لكن المشكلة هي حالة الانتظار وأجواء المحيط العام الموبوءة بالمرض والكآبة، وأهرب عبثًا إلى الشعر والموسيقى وأدفن نفسي في كتب الأدب، وتعينني أيضًا الأفلام، والكتابة في الوقت الراهن طوْق نجاتي الوحيد، ولم يعد بإمكاني مصافحة الجميع، لكن الشعر يمد يديه دائمًا ليهمس لي ثمة فخ وجودي رائع يدعونا للكتابة".

من جهته، قال الشاعر السوري المغترب وفائي ليلا:"أول ردة فعل تجاه الجائحة، أحسست أن العالم فعلًا يحتضر، تبعًا لحاله السابق، والبعض لا يريد أن يشعر بالمأساة، لكن تجب مواجهة الحقيقة الصعبة".

وأردف ليلا:"لقد تم حصارنا في بيوتنا بشكل غير مسبوق، بعد أن كان ذلك أمنية في وقت سابق، وهذا السجن المفروض فرصة لتنفيذ المشاريع المؤجلة، إلا أن المؤجل لم يأخذ حيزه للانشغال والقلق في متابعة الأحداث"، متابعًا أن"هذا الفيروس كشف ضعف العالم أمام أي مواجهة حقيقية، والإنسان الذي اهتم بالسلاح والحروب هاهو يسقط، وهذا الحدث العالمي، يؤكد أن الإنسان لم يتجاوز المربع الأول في الكون، والمشهد فانتازي، كائن مجهري يجبرنا على إعادة النظر في كل شيء!".

بدوره، قال الكاتب الفلسطيني عبدالله الزيود عن العزلة الإجبارية:"لدي العديد من المشاريع المؤجلة، من قراءة الكتب ومشاهدة الأفلام والفيديوهات وخطط الكتابة، أجلتها مسبقًا لضيق الوقت، والآن أتقافز بينها".

وعن دور الكاتب في مواجهة الكوارث أفاد الزيود أنه "على الكاتب أن يشارك خبرته في الوحدة مع الآخرين، ويقوم بمشاركة يومياته على مواقع التواصل الاجتماعي في مدارات مختلفة، مثل النكات، وقراءات الكتب، والفيديوهات المختلفة"، مشددًا على "أهمية دعم الكادر الطبي بالكلمة والتصفيق، واتباع تعليماتهم للنجاة جميعًا من هذه الجائحة، فهم جيشنا في مواجهة الفيروس".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com