"حينما تتنفس الأشياء".. مجموعة قصصية تتطرق لأمراض المجتمع العراقي في حقبة الاستبداد
"حينما تتنفس الأشياء".. مجموعة قصصية تتطرق لأمراض المجتمع العراقي في حقبة الاستبداد"حينما تتنفس الأشياء".. مجموعة قصصية تتطرق لأمراض المجتمع العراقي في حقبة الاستبداد

"حينما تتنفس الأشياء".. مجموعة قصصية تتطرق لأمراض المجتمع العراقي في حقبة الاستبداد

تتطرق المجموعة القصصية "حينما تتنفس الأشياء" الصادرة حديثًا للكاتب العراقي "هادي المياح" للأمراض الاجتماعية التي شابت المجتمع العراقي خلال خلال عقود من الاستبداد، ومعاناة الفرد العراقي والعربي عمومًا، ليؤكد على أن معاناة شعوب المنطقة تكاد تكون واحدة.

ولا تتشابه أنماط الكتابة السردية في قصص المجموعة، إذ امتاز أسلوب الكاتب بالخروج عن النمطية، والإتيان بشيء جديد في كل مرة والابتعاد عن التكرار واجترار الذات، في محاولة لتبني نهج رشيق يتفادى مصيدة الملل والرتابة، واعتمد الكاتب تبويبًا استند على الخطوط العريضة والعلامات والرموز المتعددة والمختلفة في الوقت ذاته، عاكسًا حالة من التشابه المطلوب، بما يخدم المغزى والفكرة عمومًا".

وتتضمن المجموعة 17 قصة؛ هي قصة "كأن القرش لا يزال هنا"، وقصة "لا أحد ينصت إليه"، و"في التايمز سكوير"، و"ماسح زجاج السيارات"، و"قالها الشيخ بصراحة"، و"الاعتذار الأخير"، و"نيبيرو"، و"مقابلة"، و"ورشة سيد"، و"ما يحدث بعد الآن"، و"الأشياء تتنفس أيضًا"، و"القِرمَدينة"، و"المشروع"، و"طهماز"، و"الجذور"، وبابا نويل"، و"الشيطان لا يسرق".

وفي حديث خاص لـ"إرم نيوز"؛ قال المياح، إن "فكرة تأليف المجموعة نبعت من حاجة متأصلة لتجسيد ذلك الواقع وتوثيقه، لأن التوثيق يجعل الأحداث حية على مر الزمن، وهذه هي مهمة القاص؛ اقتناص مواضيعه من الواقع الذي يعيشه ويؤثر في أحاسيسه وخيالاته".

وأضاف أن "قصص المجموعة تستهدف جميع شرائح المجتمع؛ القصص بنيت لتبصير وإسعاد القارئ أيًا كانت وظيفته أو مركزه الاجتماعي".

وتابع أن "الجديد في المجموعة قد لا يكون جديدًا على الأدب، ولكنه ربما جديد على ما يطرح في المكتبات حاليًا، إذ إن كثيرًا من الكتَّاب يختارون الأسهل للتأثير على القارئ، ومثال ذلك توظيف الجنس ليكون المادة التي تتعامل مع العواطف والإثارة".

وأشار الكاتب إلى أنه وظف تقنيات وأنماطًا عدة في الكتابة السردية، تدخل ضمن إطار الحداثوية وغير المألوف، مع الميل إلى ملامسة الواقعية السحرية والفنتازيا وشذرات من السريالية، ولم يغفل الكاتب تقنية أنسنة الأشياء، وفي بعض الأحيان لجأ إلى التلميح والرمز ليكون حاملًا مخففًا لوطأة تشيُّؤ الإنسان الحامل لأوزار الحياة منذ يوم ولادته.

مجموعة "حينما تتنفس الأشياء" من إصدارات دار المختار للنشر والتوزيع، مصر- القاهرة، عام 2019، وتقع في 121 صفحة من القطع المتوسط. وصمم غلافها فلاح العيساوي، ورسم لوحة الغلاف الفنان صالح كريم.

يقول المياح على لسان بطل قصة كأن القرش لا يزال هنا" مركزًا على وصف وتوثيق أدق تفاصيل الحياة اليومية: "عاد مهمومًا إلى منزله. دخل الحمام مهرولًا متضايقًا من نفسه وملابسه. وبأسرع ما يمكن، صار تحت الدش مباشرة. في الخارج كان الجو خانقًا، وفي السوق، هناك الكثير من المضايقات التي تمتزج بالهواء والتنفس. كان عليه أن يجتاز كل ما يصادفه ويعبر الزحمة والبسطات، ويتحمل رائحة الثمار التالفة، والعرق الآدمي المنبعث مع الهواء. كانت عربات الدفع الصغيرة، تمر بمحاذاته باستمرار ودونما انقطاع. في كل دقيقة تمر عربةٌ، ويسمع صو ت صبي خلفه: - انتبه؛ وراءك عربة! وفي محاولة سريعة للتخلص من أحدهم، اصطدم بالفتاة التي أمامه، فالتفتت إليه بدهشة، ورمقته بعينين زرقاوين بلون البحر، ارتسمت فوق حاجبيها تقطيبةٌ حادة، ثم دنت منه ورفعت يدها و.. هل أنت اعمى".

ويضيف معززًا القصة بحوار مقتضب يعبر عن اغتراب البطل الذاتي والاجتماعي: "بدا له كأن البحر قد هاج. نسي ما حدث وتسمر في مكانه، أمامها دون حراك، لم تحضره كلمة اعتذار، فقط ردد بعفوية وبصوت منخفض مستذكرًا: - البحر من أمامكم والعدو من خلفكم. نعم؛ قالها هكذا! سمعته الفتاة، ردت عليه بنبرة حادة: - في البحر، تعيش أسماك القرش! ارتاب وانحرف محاولًا الابتعاد عنها. لسوء حظه، صدمته عربةٌ دفع داست على قدمه. ندت عنه آهةٌ، وانحنى إلى الأرض بلا وعي، بينما ظلت عيناه معلقتين بالعربة. كانت الفتاة ما زالت واقفة مذهولة في مكانها، تترقب ما يجري. ربما أرادت التأكد من عفويته وحسن نواياه".

الكاتب في سطور

هادي المياح؛ كاتب وقاص عراقي. خريج جامعة البصرة. عضو اتحاد الكتاب والأدباء في العراق- فرع البصرة. سبق أن صدرت له مجموعة قصصية بعنوان "أسف فوق البحر" عام 2017، وشارك في مجموعات قصصية مشتركة، هي "مرآة السرد.. وصدى الحكاية" عام 2018، و"روضة القصص" عام 2017، و"آن لنا أن نروي" عام 2018، و"ضفاف النيل" عام 2018، و"ضفاف الرافدين" عام 2018. وينشر أعماله الأدبية في دوريات عربية عدة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com