"مملكة آدم" تتوِّج الشاعر الأردني أمجد ناصر "نبيًا" بلا غفران‎
"مملكة آدم" تتوِّج الشاعر الأردني أمجد ناصر "نبيًا" بلا غفران‎"مملكة آدم" تتوِّج الشاعر الأردني أمجد ناصر "نبيًا" بلا غفران‎

"مملكة آدم" تتوِّج الشاعر الأردني أمجد ناصر "نبيًا" بلا غفران‎

أصدر الشاعر الأردني أمجد ناصر، حديثًا، ديوان شعر يحمل عنوان "مملكة آدم" مستعينًا بأدوات الميثولوجيا والتراث ليصور الجحيم بطريقة مختلفة عما جاء في الديانات وكتب الأساطير.

ويبتعد جحيم أمجد ناصر عن الماورائيات، على الرغم من تكرار لفظ الجلالة، ونظرة الله لما يجري في مملكة مخلوقه آدم، وعلى الرغم من الإشارة إلى عزرائيل والشيطان وارتقاء الشاعر إلى السماوات، وهو حي، وبغض النظر عن كونه شاعرًا أو نجارًا أو ميكانيكيًا.

وفي ثنايا الديوان يتصور ناصر نفسه نبيًا من نوع آخر، رسولًا غير إلهي، مُعدِّدًا طبقات الشقاء ومراتبه، لنشهد جحيمًا لم تتطرق له رسالة الغفران للمعري، أو الكوميديا الإلهية لدانتي، فجحيم ناصر جحيم دنيوي نعيشه في تفاصيل حياتنا اليومية في عصرنا الاستهلاكي، تحركه رموز الفساد والاستبداد والجشع.

يقول ناصر في إحدى قصائده: "حيثُ صارت الكلمةُ للزومبيِّين/ مصَّاصي الدماءِ/ أَكَلَةِ لُحُومِ البشر/ هَاتِكِي الأعراضِ/ مُغتصِبي الصِّبيَةِ الصغارِ/ رجالِ الخازوقِ والكراسي الكهربائيةِ/ مُحوِّلي القُرُودِ إلى بشرٍ، والعكس/ عاقّي آبائِهم وأمَّهاتِهم/ الذين يقطعون الرؤوسَ كَدَرْسٍ سريعٍ في التشريحِ".

ويمثل الديوان الجديد، نقطة تحول في مسيرة ناصر الإبداعية، ويظهر في القصائد سعيه الحثيث للاقتراب من الكمال الفني، مستعينًا ببلاغة المعنى والمبنى، ومضمنًا النصوص حوارات فلسفية وجودية، مشوبة بزخم عاطفي وجداني، وأحكامًا أخلاقية.

وتسعى نصوص الديوان جاهدة لتتمكن من جعل القارئ متماهيًا في تفاصيلها، ومبصرًا لأهوال جحيم مملكة آدم العصري، وكأنه أمام عمل بصري؛ كمشاهدة فيلم سينمائي أو مسرحية تراجيدية، في نقد اجتماعي وسياسي لاذع وجارح، ولكنه وجداني مرهف ومنحاز أخلاقيًا في الوقت ذاته.

يقول ناصر في قصيدة صوت من الصحراء: "أنا نبيٌّ من دونِ ديانةٍ ولا أتباعٍ. نبيُّ نفسي. لا أُلزِمُ أحدًا بدَعْوتي، ولا حتّى أنا، إذ يحدُثُ أن أكفرَ بنفسي، وأُجدِّفَ على رسالَتِي. نبيّ ماذا؟ ومَنْ؟ لا أعرفُ شيئًا في هذه الظّلمةِ التي تلفُّني. لا أحملُ صليبًا على ظَهْري، وليس لي ناقةٌ تنشقُّ من الصخرِ. أتلمَّسُ طريقي بالضوءِ الصادرِ من عَينَيَّ، ولا أرى يدي التي تُلوِّحُ لجُمُوعٍ وَهْميةٍ، تموجُ تحتَ سفحِ الجبلِ".



وقال الناقد والمترجم السوري "صبحي حديدي" في تقديمه للديوان: "هذه المُعاصرة على وجه التحديد، شهدت وتشهد أفانين جحيمٍ لا تتفوق على خوارق العذاب في مختلف تنويعات الجحيم التي صورتها المخيلة الإنسانية، أو توعدت بها الأساطير والنصوص المقدسة فحسب، بل لعلها، أيضًا، تتحدى أقصى ما يملك التخييل من طاقات استحضار الشر، وتمثيل القسوة، واستكناه الألم، وتجسيد الموت".

وأضاف: "هذا ما يفعلُه أمجد ناصر هنا، على امتداد سبع طبقاتٍ جحيميةٍ، يدير في كل منها بنية اشتباكٍ إنساني وأخلاقي؛ فردي وجمعي، مادي ملموس، ومجازي تخييلي، في آنٍ معًا. ولكن، دائمًا، ضمن إطار اشتغالاتٍ خلاقة، لاستقصاء معادلات الشعر والشعرية خلف هذه البنى المشتبكة والمتشابكة".

صمَّم غلاف الديوان وأخرجه فنيًا الفنان خالد الناصري، ونشرته دار المتوسط - إيطاليا، ويقع في 82 صفحة من القطع الوسط.

يشار إلى أن أمجد ناصر؛ شاعر وروائي وصحافي أردني مقيم في لندن، عمل في عدد من الصحف والمجلات العربية وترأس تحرير صفحاتها الثقافية، وصدر له نحو 20 كتابًا في الشعر والرواية وكتابة الرحلة واليوميات؛ منها ديوان "شقائق نعمان الحيرة" وكتاب "خبط الأجنحة؛ سيرة المُدن والمنافي والرحيل". وتُرجِم بعضها إلى لغات أجنبية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com