في "شيء من هذا الغبار".. الشاعر المصري عاطف عبد العزيز يطرق باب المحرمات
في "شيء من هذا الغبار".. الشاعر المصري عاطف عبد العزيز يطرق باب المحرماتفي "شيء من هذا الغبار".. الشاعر المصري عاطف عبد العزيز يطرق باب المحرمات

في "شيء من هذا الغبار".. الشاعر المصري عاطف عبد العزيز يطرق باب المحرمات

نشر الشاعر المصري عاطف عبد العزيز ديوان شعر جديدًا يتطرق فيه للمحرمات في المجتمع العربي المحافظ، من بوابة الغزل.

ويصوِّر الشاعر في الديوان، الذي يحمل عنوان "شيء من هذا الغبار"، اللحظة على شكل يوميات في العاصمة المصرية القاهرة، داخلًا في تفاصيل عادات قاطنيها وحياتهم الخاصة وزواياها المعتمة.

ويضم الديوان 20 قصيدة بالإضافة لنص أخير يحمل عنوان "سأم القاهرة" في مُعارضة لعنوان كتاب الشاعر الفرنسي الشهير شارل بودلير الذي يحمل عنوان "سأم باريس".

ومن خلال الومضات اليومية يصب الشاعر عواطفه وانفعالاته، في إطار لا يخلو من النقد المبطن للمدينة وسلبياتها وازدحامها وغبارها وصخبها، وأعراف سكانها.

المجموعة الشعرية صدرت حديثًا عن دار المتوسط- إيطاليا، مطلع يناير/كانون الثاني الجاري، في 80 صفحة من القطع المتوسط.

وقالت دار النشر في بيان تلقت "إرم نيوز" نسخة منه، إن "اللحظة الشعرية تتكثف في قصائد عاطف عبد العزيز الجديدة، حتى تغدو شيئًا من الغبار الخفيف النائم على زجاجة عطرٍ شاردة، كتفصيل صغير، ترافقه تفاصيل أخرى، يلتقطها الشاعر أو بالأحرى يمضي بها بعيدًا في الكتابة عن عاداته اليومية في مدينة القاهرة، عن حياته الخاصة، والتي يقلبها كصفحات ألبوم صورٍ تتوالد منه الذكريات والمشاعر المتناقضة والمشاهد والصدف، كمن يصنع حياة متخيلة، ثم ينغمس فيها كواقعٍ بديل".

ويتطرَّق الشاعر لخيبات وانكسارات القلب التي تتحوَّل إلى غبار يعلو الوجوه والأشياء والذاكرة لتغدو المدينة مسرحًا للأحداث البسيطة وحوادث القلب، ناهيكَ عن التماهي في الآخرين ولا يبدو أحد في مرآة الشاعر غريبًا أو أكثر غربة من الشاعر نفسه.

وفي قصيدة "تلك الأصوات"؛ يقول الشاعر: "في مدينةٍ كمدينَتنا/ غريبةِ الأطوار/ وتحتَ مطرٍ يهطِلُ الآن في الماضي/ كُتِب عليَّ أن أكون غيري/ وربما أكون أغيارًا عديدينَ يتناوبونني/ أنا الآن كثيرٌ جدًا/ بقَلبٍ واحدٍ".

وفي قصائد عاطف عبد العزيز يمكن للقارئ التنقل، حين يمسك بخيطِ السَّرد، بين أمكنةٍ عديدة، شوارع ومقاهٍ وحانات. والمكان من العناصر المهمَّة والرئيسة في الخطاب السردي، والقيمة الوظيفيَّة للمكان على مستوى بنية السَّرد أو على المستوى المضموني والرمزي، كما يرى الكاتب محمد حسانين في كتابه استعادة المكان "لا تقتصر على الإشارة إلى المواضع أو المواقع التي تدور فيها الأحداث، بل تلعب دورًا كبيرًا في إنتاج الدلالة وفي الربط بين عناصر القصَّة".

ومن هذا المنطلق أصبح وصف المكان يُحيل إلى إشارات وإيحاءات رمزيَّة، وما عاد مقتصرًا على ميزاته الجغرافيَّة، فهو ليس مجرَّد حيِّز في العمل الأدبي، بل يدخل في علاقة تفاعليَّة مع بقية العناصر السرديَّة وخاصَّة الشخصيَّة، ويحدِّد اتِّجاهاتها الفكريَّة والنفسيَّة، فهي تتأثر بالتقاليد والأعراف المتوارثة، وتخضع للأحكام والقوانين السائدة، لتفسِّر ردود أفعالها على ضوء طبيعة المكان الذي تحيا فيه.

قصائد عبد العزيز

ونلتقي في قصائد عبد العزيز، أشخاصًا سندرك أننا التقيناهم في منعطف ما، في لحظةٍ فاصلةٍ بين زمنَين مختلفَين؛ تماماً مثلما التقى الشاعر بحبيبة أبيه؛ وكتب: "في الحقيقةِ/ لم أَقوَ على إِخفاءِ دهشتي عندما فوجئتُ بخصرها الضامر/ خصرٌ ضامرٌ/ رغم سنها التي كانت قد أوغلت فيما بعد الستين/ لم أقوَ أيضًا على إِيقَافِ انثيالِ أفكاريَ الخشنة؛ مِن مثل: كم مِنَ الرجالِ/ يا ترى/ قد دنَّسوا المواضعَ التي زارها ذات يومٍ أبي/ وتركَ بها علاماته؟ هل خرج إلى الوجودِ كائناتٌ/ من هذا الجسد البهيِّ الذي يتأوَّدُ/ الآنَ تحتَ الضوءِ؟ كنتُ أعني بالطبعِ/ أولئكَ الذينَ كانوا منَ الممكنِ -لو سارتِ الأُمورُ في مجرياتها- أن يصيروا إخوتي".

ويضيف: "شاقٌّ، أن يرى المرءُ حبيبةَ أبيهِ الراحلِ صدفةً/ أو غير صدفةٍ/ فحينَ التقت عُيوننا/ خُيِّل إلي للحظةٍ أنها عَرفتني/ كما خُيِّل إلي أن الكأسَ ارتعشت في يدها المعروقة/ حتى إنني اضطُرِرت إلى الاعتذار لها/ عمَّا لم أفعل/ بعد أن تذكرت ذلكَ الرجلَ المسكينَ/ الذي انتابتهُ الرعشةُ في فراشِ الموت/ حينَ وصلهُ صوتها مرةً/ من المذياعِ البعيدِ".

"شيء من هذا الغبار" هي المجموعة الشعرية الحادية عشرة في مسيرة عاطف عبد العزيز، في القصيدة النثرية، وسبق أن صدر له 10 مجموعات شعرية؛ منها ذاكرة الظل عام 1993، وكائنات تتهيأ للنوم عام 2008، وبرهان على لا شيء عام 2016.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com