سوق الكتب في بغداد يطوي صفحته على عراق جديد (صور)
سوق الكتب في بغداد يطوي صفحته على عراق جديد (صور)سوق الكتب في بغداد يطوي صفحته على عراق جديد (صور)

سوق الكتب في بغداد يطوي صفحته على عراق جديد (صور)

عندما بدأ ماهر أبو حسام عمله في بيع الكتب في بغداد قبل نحو عقدين من الزمن كان يبيع في اليوم نحو 40 كتابًا، إذ كان هناك نهم للمعرفة في عهد صدام حسين رغم أن النظام منع أي شيء لم يعجبه.

وانتهت الرقابة عندما أطاح الغزو الذي قادته الولايات المتحدة بصدام في عام 2003 لكن بالمقارنة مع الأيام التي كانت تزدهر بها المبيعات فإن أبا حسام يبيع أحيانًا حاليًا بضعة كتب في متجره بشارع المتنبي.

والشارع الواقع على ضفة نهر دجلة حيث اعتادت عشرات المتاجر والعربات عرض الكتب هو رمز إلى حد ما للتغيير الذي طرأ على المدينة.

ومنذُ عام 2003 شهد سوق الكتب طفرة في المتاجر والكتب والناشرين الجدد، وتعافى من هجوم بقنبلة في عام 2007 أودى بحياة نحو 30 شخصًا.

ويقصد صناع السينما والموسيقيون والفنانون السوق، يوم الجمعة، من كل أسبوع حيث يتجمعون قرب تمثال للمتنبي الذي عاش في القرن 12 الميلادي.

وتحسّنت الأوضاع الأمنية في بغداد منذ الصراع الطائفي الذي دار في 2006-2007 لكن الكثيرين لديهم احتياجات أكثر إلحاحًا من الكتب.

وأصبحت الأولوية الآن للتغلب على المصاعب الاقتصادية والتضخم الناجم عن خسارة العراق عائدات نفطية وشراء الوقود لتشغيل المولدات الكهربائية.

وقال أبو حسام بينما كان جالسًا وسط الكتب ذات الموضوعات المختلفة سياسيًا ودينيًا وعلميًا في متجره المكون من غرفة واحدة: "عندنا في 2003 التجارة كانت جيدة، وصلت كتب من الخارج"، مضيفًا أنه "اليوم الناس ما عندها اهتمام ولا فلوس للكتب".

ويقول بائعو الكتب إنه إضافة إلى الأوضاع الاقتصادية فإن ارتفاع قيمة الجمارك لتعويض انخفاض عائدات النفط أدى لارتفاع تكلفة استيراد الكتب، كما تضرر سوق بيع الكتب من حالة عدم الثقة التي أعقبت الانتخابات في شهر مايو/أيار.

وقال بائع الكتب أحمد إسماعيل إن "عدد الذين يشترون الكتب ليس كما كان قبل الانتخابات".

إدمان الخيال

وكان شارع المتنبي على مدى عقود مركزًا للحياة الثقافية في العراق، ويتلخص وضع المدينة في الساحة الأدبية العربية في مقولة "القاهرة تكتب، وبيروت تطبع، وبغداد تقرأ".

ولأن تعبير شراء الكتب عبر الإنترنت لا يكاد يسمع في العراق فإن القراء يقضون ساعات في متاجر الكتب أو يتجولون بورقة صغيرة مدون بها عناوين الكتب التي يريدون شراءها.

ويصدر الناشرون العراقيون كتبًا جديدة، لكن الباعة الجائلين يبيعون أيضًا كل شيء بدءًا من دليل متحف العراق الذي نهب في عام 2003، مرورًا بكتب الدعاية الشيوعية لألمانيا الشرقية في الثمانينات، ووصولًا إلى الكتب المصورة التي تضم صور العراق في أيام مجده في السبعينات.

وقال عبد الستار جبر الأستاذ في جامعة المستنصرية بعد شراء كتاب عن التاريخ القديم لروسيا باللغة العربية: "أنا أعتقد الكتاب الأكثر رواجًا ونوع الكتب هو الروايات، إذ تأخذ استقراء أو استطلاع لدى أصحاب المكتبات ولدى الرواد ومن يشتري، من يتناول الكتاب بالشارع هو يقرأ الرواية".

وأوضح أن "الرواية الآن انتشارها كبير جدًا وأيضًا معلومة مفيدة جدًا أن الرواية بالعراق بعد 2003 شهدت اهتمامًا كبيرًا في تأليفها، وهناك أكثر من 1200 رواية بعد عام 2003، رواية عراقية".

وغير أن نوعية القراء تتغير، فخلال زيارتين لسوق الكتب كان أغلب المترددين من كبار السن بينما ينتمي صغار المترددين غالبًا إلى فئة الطلاب الذين ينشغلون بإعداد الرسائل العلمية.

وقال مدير الموارد البشرية المتقاعد عدنان منصور (75 عامًا) الذي يتردد على السوق منذُ عام 1959، إن "الجيل القديم الذي كان يحب القراءة ينتهي، الشباب يهتم أكثر بالإنترنت".

وبينما كان منصور يحتسي الشاي على مقهى الشهبندر يتذكر أيام كان يجوب الشارع بائعو كتب يدفعون أمامهم عربات يد، وجمع منصور نحو 6000 كتاب يكتظ بها قبو منزله، واشترى هذه المرة 6 كتب عن الدين.

ويقول أبو حسام الذي اعتاد منصور شراء الكتب منه إنه سيظل في مجال بيع الكتب حتى لو خسر، وقال: "ليست هذه التجارة الرائجة بأيامنا لكني أحب الكتب".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com