أوستن خلال اتصال مع غالانت: أميركا في وضع جيد للدفاع عن نفسها وشركائها
يحرص دائمًا على أن يكون له "موقف من الحياة" من خلال كتاباته، يشغله الإنسان بأسئلته الوجودية، الإنسان البسيط، وكل الأسئلة الملحة التي تدور حولها حياته.
وكان له الفضل في عودة الفيلم السوداني إلى المهرجانات العالمية بعد غياب 20 عامًا من خلال فيلم "ستموت في العشرين". وحظي "إرم نيوز" بفرصة للحوار مع صاحب البوكر عن "شوق الدرويش" حمور زيادة.
لديّ حاجة للحكي، أكثر منها أسئلة. لدي أسئلتي الخاصة طبعًا كأي إنسان له موقف من الحياة. تشغلني فكرة الموت والفناء، التهديد بالعدم والنهاية، تشغلني فكرة العلاقة مع الآخر. الآخر الإنسان عمومًا، والآخر المختلف على وجه الخصوص.
أعتقد أن كل ما كتبته حتى الآن كان فيه ظلال قوية للقضيتين. لكني أكتب بدافع الرغبة في سرد الحكايات أولاً. هذه رغبة أقرب للغريزة، كأنها سبب وجودك، أن تقص القصص على العالم، ثم تمضي تاركاً وراءك إرث الحكاية. للحكايات مقدرة على الخلود، والاستمرار، ومغالبة الدهر.
شجَّعتْني تجربة فيلم "ستموت في العشرين" على تكرار التجربة، فوقعت عقدًا لتحويل رواية "الغرق – حكايات القهر والونس" إلى عمل درامي. أتمنى أن تجد التجربة الجديدة حظَّ التجربة الأولى ذاتَه.
بالتأكيد الترجمة من العربية إلى لغات أخرى لا تعني إقبال القارئ غير العربي على أدبنا المترجم. لكنها خطوة أولى مهمة.
مع توفر المترجم سيبدأ القارئ غير العربي بالتعرف على أدبنا شيئًا فشيئًا. هي منافسة صعبة طبعًا إذا أخذنا في الاعتبار كثافة الأدب المكتوب بلغات القراء الأصلية.
لكن الترجمة هي بداية الطريق بلا شك، حتى الآن فإنّ أغلب قراء الأدب العربي المترجم هم من يدرسون الأدب العربي. فهي قراءات شبه أكاديمية، لكن تأتي ظروف استثنائية تدفع القارئ الفضولي لمحاولة معرفة منطقة من العالم عن طريق أدبها وفنونها، مثل: أفغانستان، والعراق، وسوريا.
كل كاتب يضع شيئًا منه في ما يكتب، حكاياتنا تعبّر عنّا بشكل من الأشكال، حتى لو بشكل غير واع، لكنها تظل حكايات وروايات ليست هي الكاتب.
في تقديري أنّ من يريد الكتابة عن نفسه سيتجه إلى أدب السيرة الذاتية، حين كتبت "النوم عند قدمَي الجبل" كنت أحكي حكاية الإنسان مع القدر ومع المجتمع، كنت مشغولًا بسؤال قدرة الإنسان على تحديد مصيره.
رأى مخرج العمل في القصة رؤية أخرى قدمها في فيلم "ستموت في العشرين"، وقد أسعدتني هذه الرؤية بالتأكيد، فانفتاح العمل على عدة تأويلات وقراءات هو دليل جودة.
وشجعتني تجربة فيلم "ستموت في العشرين" على تكرار التجربة، فوقعت عقدًا لتحويل رواية "الغرق – حكايات القهر والونس" إلى عمل درامي. أتمنى أن تجد التجربة الجديدة ذات حظ التجربة الأولى.
حتى هذه اللحظة أنا سعيد بكتابة الرواية والقصة، وأترك عبء تحويل ما أكتب لعمل درامي لغيري من المختصين. لم أشعر بعد بإغراء الكتابة الدرامية بشكل مباشر، لا أظن أني أرفضه. لكني لم أجد ما يغريني حتى هذه اللحظة، ربما في وقت لاحق أشعر أنّ لديّ من الجراءة ما يؤهلني لمحاولة الكتابة للدراما مباشرة.
أنا كاتب كسول جدًّا، أقضي وقتًا طويلًا في انتقاء الحكاية المناسبة، والموضوع الذي أريد طرحه. أحاول باستمرار كتابة الأفكار التي لديّ، ثم أقضي وقتًا طويلًا في التردد قبل اختيار إحداها، بعد ذلك أستغرق زمنًا في البحث عن الأسلوب الأمثل للرواية. فبالنسبة لي أهم ما في الحكاية هو "كيف تحكيها".
بمعنى أن أكتب عنها عملًا روائيًّا؟ لا أظن. في تقديري أن الأحداث العظمى مثل حرب السودان هذه تحتاج إلى وقت ليتمكن المبدع من تحويلها إلى عمل فني وإلا سيسقط في فخ العمل التسجيلي. فإذا كتبت قد أكتب بقصد واعٍ شيئًا تسجيليًّا عن ويلات الحرب وقصصها. لكني لست متحمسًا لشيء كهذا الآن.
فكرة تحول الحياة في لحظة، لأسباب خارجة عن إرادتك، هذه فكرة مرعبة ومهددة لأمان الإنسان النفسي.
في مساء يوم الجمعة الـ14 من أبريل ذهب السودانيون إلى النوم ولديهم خطط لحياتهم، مواعيد سيوفون بها غدًا، ثمَّة طموح ومخاوف، ثم استيقظوا صباح السبت الـ15 من أبريل على عالم جديد وواقع مختلف، الذين نزحوا تركوا خلفهم كل حياتهم، أصبح الناسُ عاطلين عن العمل. كل طموحهم تركز على فكرة "النجاة". لم يعد هناك مستقبل ليخططوا له، أن ينهار كل شيء في لحظة، أن تؤدي رصاصة أطلقها جندي لا تعرف اسمه ولا يعرف اسمك إلى تغيير مجرى حياتك كلها وربما إلى الأبد. هذه فكرة بقدر ما هي مرعبة، بقدر ما هي مغرية بالعمل الإبداعي حولها.