دينمو الثقافة السورية.. رحيل الأديب رفعت عطفة

دينمو الثقافة السورية.. رحيل الأديب رفعت عطفة

بعد صراع مع المرض، غادرنا، اليوم الإثنين، الأديب والمترجم السوري رفعت عطفة عن ستة وسبعين عاماً قضاها في خدمة الثقافة، إذ لعب على مدار عشرات السنوات دوراً مهماً في الحراك الثقافي السوري.

وتميز الراحل في إدارة المركز الثقافي في مدينته مصياف، جنوب غرب محافظة حماه، بين عامي 1987 و2004، ليتم إيفاده بعد ذلك إلى إسبانيا من قبل وزارة التعليم والتربية سابقاً لتأسيس المركز الثقافي السوري هناك، إلى جانب حصوله على منحة لدراسة الأدب الإسباني من عام 1968 وحتى 1974 حيث حصل على الماجستير.

عطفة المولود في مصياف عام 1947 ودرس الابتدائية والإعدادية والثانوية فيها، يعتبره الكثيرون علامة فارقة في الثقافة السورية، و"دينمو" خارقا لها، لأنه استطاع أن يعمل بطريقة مغايرة، وبوعي عالٍ لما تعنيه الإدارة الثقافية، إذ جذب إليه المقصيين والمهمشين وفتح الأبواب أمام الأصوات الجديدة، التي لم يكن ليعرفها أحد لولا تبنيه لها.

عطفة كمترجم له أكثر من 60 عملاً.. وهو أول مَن قدم الأديب الإسباني فاريوا بارغث ليوثا عبر ترجمة روايته الشهيرة "البيت الأخضر".

وفي المركز الثقافي الذي أسسه بمدريد عام 2005 ساهم في خلق عدد من النشاطات التي حققت موقعاً مهماً على الساحة الثقافية الإسبانية، بحيث نال المركز الثقافي السوري في إسبانيا جائزة أنشط مركز ثقافي في مدريد.

كما أسس عطفة الملتقى الثقافي السوري مع مدينة "المنكب"، وأسس في إسبانيا الحدائق النحتية السورية، إضافة إلى معارض لتصوير الفني والمهن اليدوية والزجاج والمطبخ السوري والموسيقى السورية، وكرم عدداً من الأدباء منهم: نزار قباني، نازك الملائكة، كما كرم مستعربين أيضاً من أمثال "بدرون مارتينس مونتالس".

وساهم من خلال عمله في اسبانيا في إقامة أسابيع الآثار السورية، واستمر نشاطه هناك حتى  بداية عام 2008، ليعود إلى مدينته مصياف مجدداً.

إضافة إلى ذلك استطاع عطفة أن يترك بصمته الخاصة في الترجمة عن الإسبانية، إذ إن الدراسة في مدريد مدة ست سنوات فتحت له آفاق الأدب الإسباني ومكنته من الغوص في أدبية أشهر أدباء العالم مثل فيدريكو غارثيا لوركا وبابلو نيرودا وأيضاً إيزابيل الليندي، وأنطونيو غالا، وميلان كونديرا، وغابرييل غارسيا ماركيز، وميغيل دو ثربانتس..

إضافة إلى اطلاعه على حركة المجتمع الإسباني الزاخر آنذاك وفهمه لتفاصيل حياتهم وثقافتهم ما جعل ترجماته على قدر كبير من الحيوية والجمالية.

وفي رصيد عطفة كمترجم أكثر من ستين عملاً من أهمها ثلاثية الكوميديا البربرية لـ"باليه أنكلان" والتي صدرت عام 1982 إضافة إلى أنه أول من قدم الأديب الإسباني "فاريوا بارغث ليوثا" عبر ترجمة روايته الشهيرة "البيت الأخضر"، إضافة إلى مجموعة من قصصه القصيرة عام 1991.

تمحورت موضوعات أعمال الراحل رفعت عطفة حول وجع الناس والإحباط الذي ينتابهم في بعض الأحيان.

ومن الترجمات المميزة له رواية "دونكيشوت" ورواية "ابن لص" للكاتب "مانويل روخث" في عام 1985، إلى جانب ترجمته "المخطوط القرمزي" لـ"أنطونيو غاليا"، وكذلك "الوله التركي"، و"غرناطة بني نصر" في فترة التسعينيات، وأيضاً رواية "علي بابا العباسي" للكاتب "رامون مايراتا".. وهي من العناوين التي لاقت انتشاراً كبيراً في الأوساط الثقافية العربية، لاسيما أن معظم كتابها لم يكونوا معروفين على الصعيد العربي لولا ترجماته لهم.

ولم يكتف عطفة بالترجمة ففي ميادين العمل البحثي بين الثقافة العربية والإسبانية نظم عدة ندوات كان آخرها في المركز الثقافي العربي السوري في مدريد عام 2007 وشارك فيها أكثر من خمسة وثلاثين باحثاً من جميع أنحاء إسبانيا والوطن العربي.

وإلى جانب نشاطه الكبير في ميدان الترجمة، فإن له تجربة واحدة في الرواية وهي بعنوان "قربان"، وفي القصة القصيرة له مجموعة "الرجل الذي لم يمت" وتضم أكثر من أربعين قصة تروي تجاربه في الحياة، سواء من خلال المعيش الشخصي، أو من خلال المعيش المجتمعي بكل أبعاده.. وتمحورت موضوعاتها حول وجع الناس والإحباط الذي ينتابهم في بعض الأحيان.

وله في الشعر ديوانان هما "إغفاءات على حلم متكرر" و"قصائد الحب والأمل".

أخبار ذات صلة
الروائي سعد القرش: "لا يصح للمؤلف الدفاع عن كتابه لأنه لم يعد يخصه"

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com