البوابة 10.. رواية جديدة تحتفي بالمهمش والمهمل في حياتنا
البوابة 10.. رواية جديدة تحتفي بالمهمش والمهمل في حياتناالبوابة 10.. رواية جديدة تحتفي بالمهمش والمهمل في حياتنا

البوابة 10.. رواية جديدة تحتفي بالمهمش والمهمل في حياتنا

صدرت منذ أيام بالقاهرة، للروائي والقاص عمرو الرديني، رواية "البوابة 10" ضمن سلسلة كتاب المواهب عن المجلس الأعلى للثقافة، والمخصصة لشباب الأدباء تحت سن 35 عامًا.

تنقلنا لغة السرد في رواية عمرو الرديني، "البوابة 10"، إلى عوالم المهمشين وحياتهم التي تبدو عادية، ولا تثير اهتمام العابرين بجوارها، بل لا يشعرون بوجودهم في تلك المناطق المنزوية والمظلمة اجتماعيًا، حيث تعاني من البؤس الاقتصادي والمعنوي.

ومن خلال إحدى البوابات المنتشرة في مجمع مواقف مدينة دمنهور، وتحمل الرقم "10"، تلك البوابة المجهولة التي يمر عليها القاصي والداني، دون أن يجتهد في قراءة اللافتة الممسوحة، وتكاد تقرأ بصعوبة، وتحمل رقم 10، ويقف على مدخلها أحد أفراد الأمن، إذ يمنحه الروائي اسم يدل على حاله، فهو "المنسي"، حيث الوردية الثالثة له، والتي تدور فيها جميع أحداث الرواية.

هنا لا تتبع الرواية تاريخ شخصياتها ولا صراعها النفسي الطويل مع الزمن والأقدار، بل ترصد وتسجل مشاهد وحوارات مهملة، لذلك البطل المنسي، التي تبدو على السطح عادية، يتداولها بعض المكدودين والمطحونين، حينما يحل الليل وتهدأ حركة البشر، لكنها بعين الراوي الفاحصة والمدققة لما لا يلفت الانتباه، وما يتجاوزه الآخرون دون أن يستوقفهم، يلتقطه هو ليصنع منه مشهدًا سرديًا مزدحمًا بالدلالات الإنسانية، وكاشفًا لخصوصية هذا النوع من الكتابة التي أطلقت عليه الناقدة "هويدا صالح"، في عرضها لرواية الكاتب الكبير "إبراهيم أصلان"، وردية ليل: "إن شخوص أصلان في تلك الرواية جاءت من الهامش، هو كاتب المهمشين المنسيين الذين لا يلتفت إليهم المركز، هؤلاء الذين تم نسيانهم وتجاهلهم يحضرون بكثافة في مشروع أصلان السردي بعامة، وفي تلك الرواية بصفة خاصة، يأتي بهم ليصنع منهم أصلان أبطال اللحظات الإنسانية والأحلام البسيطة، يأتي بهم ليصنع من خلال وجودهم الكثيف الدهشة والفانتازيا والسخرية أحيانًا، حتى من أنفسهم".

 الروائي عمرو الرديني، في روايته "البوابة 10"، استفاد من رواية وردية ليل للكاتب الكبير "إبراهيم أصلان"، من حيث الاختزال اللغوي شديد الدلالة، فالرواية تقع في 84 صفحة فقط من الحجم الوسط، ولكنها تقدم واقع الحال المهمل والمهمش؛ ما منحها قدرًا من جمالها وفق قدرة صاحبها على الحركة السردية.

ويصف عمرو الرديني، البطل الحقيقي في روايته، بأنه المكان، حيث البوابة رقم 10 وما ترمز له من مكان مهمش لا يهم أحدا ولا ينظر إليه أحد، والواقع الخشن المخيم على البوابة، حيث تظهر فيه مشكلة البطالة وانتشار الأمراض والمخدرات في مواقف الليل.

كما أشارت الرواية إلي الأخطاء التي يرتكبها بعض المسؤولين تجاه تلك الأماكن البعيدة عن الترف الحكومي، فيتم إسقاطها من حساباتهم.

عالم المهمشين في الفضاء السردي للروائي عمرو الرديني، يحتل الجانب الأكبر، ففي مجموعته القصصية الهامة "كعب داير"، يهدي المجموعة بتلك الدلالة: (إلى كل قدم يغلفها غبار الشقاء.. في كل محافظات مصر) فهو يقدم في تلك المجموعة الذات المهمومة بما يدور في نفسها وما يدور من حولها، تلك الذات المقهورة من الأنا الرافضة لحالها، والمنبوذة من الآخرين المحيطين لها بأسوار من الزيف، تلك الذات التي تريد أن تصنع عالمها الخاص وتتحرر من سيطرة الآخرين.

تعد رواية "البوابة 10"، دون شك، من الروايات القصيرة، ومن الأشكال الروائية ذات المذاق الخاص، فهي تستفيد من فن الرواية وفن القصة القصيرة معًا، وهذا الشكل من الروايات مناسب جدًا لهذا العصر السريع المتلاحق في أحداثه وتقلباته وسرعة إيقاعه، والذي أطلق عليه الكاتب الأمريكي الكبير "آرنست هيمنجواي"، الرواية التلغرافية حسبما يقول الناقد الكبير الدكتور "صبري حافظ"، فإن همنجواي تعلمه من إرسال قصصه من باريس إلى مجلة (النيو يوركر) بالتليكس والدفع عن كل كلمة، يقول عنه «كان علي أن أفكر قبل أخذ القصة لمكتب التليغرافات: هل تستحق هذه الكلمة أن أدفع عليها، هل يمكن حذفها وتوفير ثمنها».

يذكر، أن الرديني، أصدر من قبل رواية "أربعة حبال تسعة مشابك"، عام ٢٠١٥، عن "دار العماد"، وتحت الطبع رواية "أرض و١٢ دور"، والفائزة بالجائزة الأولى لنادي القصة هذا العام، كما يوجد للكاتب ثلاث مجموعات قصصية "نسائي، كعب داير، ويونيو".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com