"المواطنة الإيجابية" مسك ختام فعاليات منتدى الفجيرة الرمضاني
"المواطنة الإيجابية" مسك ختام فعاليات منتدى الفجيرة الرمضاني"المواطنة الإيجابية" مسك ختام فعاليات منتدى الفجيرة الرمضاني

"المواطنة الإيجابية" مسك ختام فعاليات منتدى الفجيرة الرمضاني

استضاف مجلس رجل الأعمال محمد علي الملا في إمارة الفجيرة ندوة رمضانية بعنوان "المواطنة الإيجابية" والتي نظم فعاليتها منتدى الفجيرة الرمضاني بالتعاون مع نادي الفجيرة العلمي، برعاية غرفة تجارة وصناعة الفجيرة، وبحضور خالد الفزاري مدير نادي الفجيرة العلمي ونخبة من الشباب الإماراتي. 

أشرف على مجريات الندوة وأدار أعمالها الشاعر والإعلامي خالد الظنحاني المشرف العام على منتدى الفجيرة الرمضاني الذي استهل تقديمه للمشاركين في الندوة بكلمة بيَّن من خلالها أهمية المواطنة كفكرة ومدلول عملي يجمع بين الواجب والانتماء والمعتقد بما يؤسس لحياة إيجابية يفعِّل المواطن من خلالها إحساسه بالمسؤولية تجاه الوطن مستحضرا قولاً للرئيس الأميركي الراحل (جون كنيدي) يظهر من خلاله ما ترمي إليه فكرة المواطنة الإيجابية "لا تسأل ماذا قدم لك وطنك، بل سل ماذا قدمت انت لوطنك".

وأضاف: إن الوطن يكبر بأبنائه، وكلما كان عطاء أبناء الوطن لوطنهم أكبر ازداد الوطن عزة ومنعة وقوة، فالمواطنة فطرة في المرء عليه أن يُكسبها القدرة على الاستمرار بوعي وفهم وغيرة على الأرض التي تمثل الجذور والأساس المعرفي لساكني الوطن سواء كانوا من أبنائه أم كانوا مقيمين لأن الوطن يقدم خيره للجميع ويظلل الجميع بوارف عطائه ومنعته وأمانه، المواطنة لا تعني أن نكون إيجابيين تجاه الوطن وحسب بل أن نكون أيضاً موضوعيين ومبادرين وفاعلين في البرهنة على هذا الانتماء الحقيقي. 

وذكر أن المواطنة فعل وممارسة ووعي ومبادرات وعطاءات لا تنظر إلى ما يقدمه الآخر كمقارنة بل بالعمل الواعي البنَاء الذي يعطي النتائج المرجوة من عمل المرء.

وأعرب محمد علي الملا في مستهل الندوة عن سعادته بالحضور الطيب الذي أنار المجلس، خصوصا جيل الشباب الصاعد من أبناء الإمارات الذين سيتحملون في مقبل الأيام مسؤولية الوطن في كافة مناحيه الفكرية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والخدمية وغيرها، وقال: أرجو أن يبرهن شباب الإمارات من خلال أعمالهم على وعيهم تجاه الوطن وجعل المواطنة قيمة حضارية كلٍّ في موقعه فكل فعل جيد في سبيل الوطن هو مواطنة، وكل فهم واع لاحتياجات الوطن وتأمينه بجودة عالية مواطنة، وكل غيرة على مصالح الوطن مواطنة.

وأضاف: إذ ليس للمواطنة مقياس تقاس عليه ليكون مرجعاً نتعرَّف من خلاله على نسبة ما يقدمه المرء ليصل إلى ذلك المستوى إنما المواطنة من حق كل مواطن وهي أيضاً واجب كل مواطن لأنها غرس لا ينمو إلا بالاهتمام والرعاية والمحبة والغيرة والعمل الصالح والجاد والصادق.

وأكد أستاذ الثقافة الإسلامية والمجتمع في الجامعة الكندية بدبي الدكتور سيف الجابري أن المواطنة الإيجابية تنبع من منطلق الذات فهي الحب في أفضل تجلياته وأسمى معانيه، وهي المنطلق الأساسي لفهم طبيعة العلاقة بين الوطن وساكنيه سواء كانوا من أبنائه أم غير ذلك.

وقال: حين نتحدث عن المواطنة الإيجابية نتذكر أقوال سبحانه في كتابه العزيز بكثرة وتأكيد على ارتباط الإنسان بأرضه والعمل على حمايتها والدفاع عنها وصونها، فالمواطنة هي الأرض وهي الانتماء لهذه الأرض، فسواء كنت من الفجيرة أم دبي أم أبوظبي فأنت تحرص على أن تكون الأرض التي تقيم على ترابها مستوفية لشروط العيش الكريم وهذا لا يتحقق إلا بالعمل الدؤوب لجعل الوطن الذي نعيش فيه كما نشتهي ونأمل، ولكن ليس بالتمني وحسب بل بالعمل الفاعل والمؤمن والمخلص. لقد تحدث الباري في أكثر من 200 مكان عن الانتماء للوطن وهذه كما عرفنا قضية مشتركة بين كل من يعيش على هذه الأرض، فأنا أشارك في بناء هذه الأرض حباً بها لأني ولدت فوق ترابها وشربت من مائها وتنشقت هواءها وهي أمور لا يمكن العيش من دونها وبالتالي يصبح الوطن من خلال هذه المشاعر قيمة جمالية وفكرية وأخلاقية علينا التعامل معها بمسؤولية وجدارة بالحياة، فعندما يكون المرء خارج وطنه ويتوفاه الله يوصي أن يحمل إلى وطنه ليدفن فيه. إن المبادرات الوطنية التي قدمتها القيادة الرشيدة للدولة تبين مدى حب المؤسسين الأوائل، وعملهم الجاد لسمو الإمارات ووضعها في مصاف الدول المحترمة عالمياً تأكيد على هذه المواطنة، وما تقوم به القيادة الرشيدة وما تقدمه من خدمات لمن يحيا هنا وما نراه من تقدم فاعل يؤكد أهمية المواطنة ومدى تحمل القيادة الحكيمة لمسؤولياتها تجاه أبنائها.

ولفت إلى أنه لا يكفي أن نكون إيجابيين لنحقق فعل المواطنة لأن هناك الكثير مما يجب أن نقوم به تجاه الوطن لنكون مواطنين إيجابيين وفاعلين. فحب الوطن ذاتي غير مرتبط بالدين منبعه أن نعطي بلا حدود فالله سبحانه وتعالى ربط الحب بالإيمان فما تقدمه لوطنك يكون أجراً وثواباً لك " من مات دون أرضه أو عرضه فهو شهيد" وأطيعوا الله ورسوله وأولي الأمر منكم بهذه السلسلة الذهبية نخدم الوطن ونجعل منه واحة مودة وإخاء وتعاون وبناء.

ومن جهته، أوضح الكاتب والباحث الأكاديمي محمد حمدان بن جرش أن فكرة المواطنة الإيجابية أهم الأفكار التي تطرح للمناقشة بين الناس من دون تفريق بين مواطن ومقيم. وبالتالي أود هنا أن أشير إلى أمر قاله من سبقنا في العيش على هذه الأرض "المجالس مدارس" فنحن من خلال هذه المجالس نتعرف إلى بعضنا البعض فنتبادل الآراء ونتقاسم المعارف والأفكار والخطط، ونؤكد على الصداقات ونزيد من فعاليات العمل الجماعي.

وأضاف: لقد قامت دولة الإمارات أول ما قامت على المحبة والتسامح والعطاء. وقد وجه إلي سؤال في إحدى زياراتي خارج الدولة مفاده "هل نجحتم في الإمارات ببناء وطن نموذجي"، وكان الجواب أن الولاء والانتماء للوطن غرسا فينا المواطنة الإيجابية، فالمؤسس الشيخ زايد طيب الله ثراه غرس فينا هذا الحب وهذا الولاء للوطن مهما كان حجم التحديات والمسؤوليات. فيجب أن نشعر بالسعادة على أرض الوطن. متسائلا، ما الذي يدفعك لتكون إيجابيا تجاه الوطن؟ هذا السؤال تبدأ الإجابة عنه من الأسرة الخلية الأولى في المجتمع حيث يتعلم الأطفال من أهلهم تلك القيم الحميدة التي يتشربونها ولاءً وانتماءً. فإن المواطنة الإيجابية يجب ألا تطلق على المرء من دون شروط تحقيق مرتكزاتها التي تقوم على كثير من المفاهيم الأخلاقية والسلوكية والعملية والتربوية إلى آخر ما هنالك من معايير وقيم ومنجزات. 

وأكد بن جرش أن المواطنة الإيجابية فعل حضاري واعٍ يقود إلى تنوع في العطاء من كافة الفعاليات على اختلاف توجهاتها. ولا أظن أن الوقت يمكن أن يسعفني في تحقيق ما أود طرحه في هذا الاتجاه إلا أنني سعيد بهذا الحضور الكريم والمشاركة في فهم أمر هو من الأهمية بمكان يلزمنا جميعاً العمل على تحقيقه بأفضل حالاته لتثبيت حقيقة المواطنة الإيجابية.

ومن جانبه، تحدث الفنان بلال عبدالله في مداخلته عن اللقاءات المجتمعية باعتبارها واحة تفاعل بين مختلف أبناء الوطن على اختلاف أحوالهم الاجتماعية والفكرية والثقافية.

وقال: نحن في دولة الإمارات نعيش في نعيم والحمد لله بفضل ما وصل إلينا من منجزات المؤسسين والقيادة الحكيمة التي لا تألو جهدا في سبيل إسعاد الناس وحمايتهم ونأمين رفاهيتهم، وإقامة العدل بينهم. ولذا علينا أن نعمل بكل طاقاتنا لكي نحافظ على تلك المكتسبات ، ونطورها ونغنيها بأعمال إيجابية تتجاوز الأمنيات إلى الفعل الحقيقي والمنتج.وإذا تكلمت من وجهة نظر فنية في موضوع المواطنة الإيجابية أجد أن للفنان دور مهم جداً في هذا المجال لأنه يستطيع من خلال الفن وما توفر له من وسائل فنية أن يصل إلى كل بيت وهذا أمر في غاية الأهمية فالفن الذي يطرح قيماً وطنية يدعِّم في مشاهديه مشاعر الانتماء أكثر، وكلما كان الفن المطروح أكثر إيجابية وصدقاً ومحبة كانت النتائج أفضل بالنسبة إلى المتابع، الفن يا أخوان جزء أساسي من عملية الانتماء والإنماء الوطني وعلى الفنانين تقع مسؤولية كبيرة في جعل الفن الهادف والجاد والصادق دعائم يرتكز عليها الوطن ليبقى شامخاً ومصاناً ومتقدما. إن ارتقاء الفن جزء من المواطنة الإيجابية لأن السموم التي يمكن أن تبث من خلال ما يرد من أعمال فنية وافدة يؤثر سلباً في أفكار المتلقين ولهذا يكون الفن الجاد بمثابة جدار الذي يقي الفكر الوطني من التشوهات التي يبثها الفن المفسد.

بعد ذلك أتاح الإعلامي الشاعر خالد الظنحاني المجال لمداخلات الحاضرين التي أكدت بمجملها على أهمية العمل لتأكيد المواطنة، فالمواطن الذي يطلب أن تؤمن له الرفاهية والخدمات من دون أن يكون مشاركاً في الحصول على تلك المزايا من خلال عمله الدؤوب والمنتج والمحب والمتواصل غير جدير بما يصل إليه، وعليه أن يعيد تقييم نفسه وفهم معنى المواطنة والعمل في الاتجاه السليم للوصول إلى حالة الرضا عن الأداء في صالح الوطن.

ومن أهم المداخلات التي أفاد منها الحاضرون كانت مداخلة الأستاذ الدكتور محمد أبو الفرج صادق رئيس جامعة ياس بأبوظبي الذي تحمل مشقة السفر من إمارة أبوظبي إلى الفجيرة لينضم إلى هذه الندوة ويفعل فكرتها، وقد ساق الدكتور أبو الفرج من الأمثلة الواقعية ما يؤكد على أن المواطنة ليست مجرد شعار أو حالة يختص بها أشخاص دون غيرهم. بل هي حالة ولاء وانتماء لما يقدمه الوطن لكافة الناس الذين يعيشون في كنفه بغض النظر عن انتمائهم أو جنسيتهم أو لونهم أو معتقدهم، ففي دولة الإمارات العديد من الجنسيات العربية والأجنبية لكنها في المحصلة تتشابه في كونها تحصل على منجزات الإمارات على قدم المساواة مع أبناء الإمارات، وهذا يعزز الشعور لدى كل من يقيم على هذه الأرض الطيبة بأن الوطن للجميع وعلى الجميع أن يعمل ليكون هذا الوطن دائما كما يأمل المحبون مصاناً ومنيعاً ومعطاءً وراسخاً ومحبوباً.

أما ما ميز هذه الندوة الرمضانية فكان الحضور الكبير غير المتوقع الذي جاء لمتابعة الحلقة الأخيرة من حلقات منتدى الفجيرة الرمضاني والذي أغنى الندوة وأكسبها فاعلية ورونقاً من خلال المداخلات القيمة التي أدلى بها العديد من الحضور الكريم.

ثم قرأ الشاعران الدكتور مصطفى الهبرة وأحمد الطوفان اليماحي قصيدتين شعريتين شحنا من خلالهما الندوة بطاقة ثقافية إبداعية تركت أثراً إيجابياً في نفوس الحاضرين.

وفي ختام اللقاء، قام خالد فزاري رئيس نادي الفجيرة العلمي بتكريم مستضيف الندوة والمتحدثين بشهادات تقديرية تقديرا لجهودهم ومشاركتهم الفاعلة التي لاقت نجاحا كبيرا وحضورا مميزا.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com