أمين معلوف.. الروائي الخائن!
أمين معلوف.. الروائي الخائن!أمين معلوف.. الروائي الخائن!

أمين معلوف.. الروائي الخائن!

 منذ أن ظهر الروائي اللبناني أمين معلوف، قبل أيام، على شاشة قناة إسرائيلية، لم تهدأ الإدانات التي وصفت صاحب "صخرة طانيوس"، بنعوت لعل أبسطها وصفه بـ"الخائن".

وغدا معلوف متهما، غيابيا،أمام محاكم ميدانية، رتبت، على عجل، في الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وثمة من رأى أن هذا الظهور جاء طمعا في جائزة نوبل، لكننا لم نعرف على أي قناة ظهر الروائي الفذ، من قبل، حتى نال جائزة "غونكور" الرفيعة، مثلا؟ وبأي ثمن اشترى مقعدا في الأكاديمية الفرنسية المرموقة!

والحال، أن معلوف، الذي عرف بمحاربته في أغلب كتاباته لـ"الهويات القاتلة" والتعصب والانغلاق، لم يخض في السياسة على قناةi 24 ، وإنما تحدث عن كتابه الأخير "مقعدعلى السين"،والذي يتناول فيه تاريخ الأكاديمية الفرنسية، كما تحدث - بحسب متابعين للمقابلة - عن قضية عمرها أكثر من قرن، حين دافع الروائي الفرنسي أميل زولا عن الضابط اليهودي الفرنسي دريفوس عبر مقالة "إني أتهم" المشهورة.

القناة الإسرائيلية، بالطبع، لها توجهاتها، وهي استعانت بصاحب "حدائق النور" كي تضيء قضية تهمها. لكن لا يمكن لمعلوف أن ينساق مع سياسات القناة، فقناعاته وأفكاره معروفة ومنشورة، ومن الغبن اتهامه بـ"الخيانة" لمجرد ظهوره على تلك القناة.

والمفارقة أن أولئك الذين هاجموا الرجل، هم أنفسهم يتلقفون ترجمات من الصحافة العبرية، وينشرونها في صفحات الإعلام المقاوم، وهم كذلك ينتقدون قنوات عربية لأنها تستضيف شخصيات إسرائيلية بحجة أن ذلك يعطي مساحة للعدو كي يروج للسياسات الإسرائيلية من خلال منبر عربي، ووفقا لهذه المعادلة، كان على المنتقدين، المنتمين في غالبيتهم لتيار "المقاومة والممانعة" أن يصفقوا لمعلوف الذي أطل، عبر الأقمار الاصطناعية،على قناة إسرائيلية كي يقدم وجهة نظر مغايرة لتلك الصورة النمطية، المضللة التي يروجها الإعلام العبري.

والملاحظ أنه وفي الوقت الذي تحترق فيه الأوطان، وتتفاقم العصبيات الطائفية والمذهبية، وتتعرض المنطقة لأقسى حملات القتل والتهجير، تأتي هذه المقابلة العابرة لتشغل النخب الإعلامية والثقافية العربية.

وإذا ما دقق المرء في مواقف "الغاضبين" سيعثر على حقائق مذهلة، إذ صمت هؤلاء عن فظائع شهدتها المنطقة، كالانتهكات التي يرتكبها الحشد الشعبي ضد السنة، أو البراميل المتفجرة التي يسقطها نظام بشار الأسد على السوريين، أو تمادي حزب الله في احتكار لبنان، وتكريس النفوذ الإيراني، بينما بلغت "الحمية الوطنية" لديهم أوجها حين رأوا "روائيا لبنانيا مارقا" يتجرأ على الظهور في قناة إسرائيلية.

لا أحد ينكر حساسية ظهور روائي بقامة معلوف على قناة "معادية"، لكن صاحب "سلالم الشرق" لم يشأ بذلك أن يقلل من عدالة القضية الفلسطينية، ولا أن يشكك بحقوق الفلسطينيين المشروعة التي لا يمكن أن تمس بمثل هذه الإطلالة، ثم أن الساسة، ودون الخوض في تفاصيل يعرفها المنتقدون جيدا، قطعوا أشواطا بعيدة في السير نحو "سلام مؤجل" مع الإسرائيليين، إلى درجة يصبح معها ظهور معلوف مجرد حدث عابر لا يستدعي كل هذا الاستنفار والسخط.

والأرجح، أن هذه المقابلة كانت ستمضي بسلام نحو أرشيف القناة الإسرائيلية، لو لم ينتبه لها الكتاب "المقاومون" الذين دأبوا على البحث في تواريخ ووقائع راهنة أو منسية بهدف توظيفها لأغراض سياسية بحتة عنوانها الأبرز قضية فلسطين، التي أضحت الورقة الرابحة الوحيدة في أيدي أولئك الذين يغمضون أعينهم عن القتل والتجويع والدمار في سوريا والعراق، مثلا، ويفتحونها على اتساعها حين يتعلق الأمر بإسرائيل، الذريعة الجاهزة لتنظيف سجل المستبدين، ولتلك الأقلام المأجورة التي تصفق للاستبداد، دون أن تنسى، في الآن ذاته، التباكي على فلسطين المحتلة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com