موسيقى "كناوة" المغربية نغمات من جنوب صحراء إفريقيا
موسيقى "كناوة" المغربية نغمات من جنوب صحراء إفريقياموسيقى "كناوة" المغربية نغمات من جنوب صحراء إفريقيا

موسيقى "كناوة" المغربية نغمات من جنوب صحراء إفريقيا

الموسيقى "الكناوية" من الألوان الفنية المحبوبة في المغرب وخارجه، فهي موسيقى روحية يلفها الحزن و الغموض، كما أن نغماتها الإفريقية تجعلها غير بعيدة من البلوز و الجاز، فكلها ألوان عبر بها الإنسان الإفريقي الذي انتزع من أحضان أهله وعشيرته ليزج به في سوق العبودية بكل أنحاء العالم.

وتحمل الموسيقى الكناوية المغربية مزيجا من الأهازيج الإفريقية والعربية والبربرية، جعلت منها لونا متميزا قد يشكك البعض في أصولها الإفريقية، لكن الواقع أنها موسيقى قادمة من جنوب الصحراء الإفريقية، من السنغال وغانا والسودان (بلاد تومبوكتو قديما )، حملتها جيوش الدولة "السعدية" (حكمت المغرب بين 1554 و 1659) ،التي كانت تسعى وراء خيرات إفريقيا الثمينة من ذهب وعاج وتوابل وغيرها.

ويرجع بعض الباحثين اسم لفظ "كناوي" إلى كلمة "قناوي" أو "قن" أي عبد، لأنها ظهرت أول الأمر بين العبيد وحملت أنينهم وحكاياتهم العجيبة، فيما يؤكد الباحث المغربي "محمد الكوخي" أن الكلمة لها علاقة بمصطلح "اكناو" الأمازيغي، ويقصد به الشخص الأبكم أو الشخص الذي يتحدث بكلام غير مفهوم.

وتعتمد الموسيقى الكناوية على آلات الهجهوج و السنتير والكمبري والطبل وكذا الصاجات المعدنية الكبيرة، كما تصاحبها رقصات بهلوانية تتطلب رشاقة كبيرة، ومن المفروض أن الراقص يبلغ درجة من الانسجام والسمو الروحي بحيث لا يشعر بجسمه ويصبح بخفة الريشة.

يقود مجموعة كناوة فنان يحفظ هذا الثرات الموسيقي كلماتا وأنغاما ويطلق عليه اسم "المعلم" ، أشهرهم في الوقت الحالي المعلم احميدة بوسو وعبد اللطيف المخزومي ومصطفى بقبو وحميد القصري ومحمود كنية، يتميز كل واحد منهم بطريقة أدائه وعزفه على آلة السنتير أو الكمبري، وتتوحد المجموعة في ارتداء أزياء بألوان فاقعة، كما يضعون قبعات متميزة ومعروفة لدى كل من سبق أن شاهدوا هذا اللون الفني.

كلمات الأغاني الكناوية غريبة ومبهمة ولا يفسرها إلا عاشقها والباحث فيها، تكون بدايتها ونهايتها بذكر الله و الصلاة على نبيه، لكن وسطها يشير إلى حكايات وأساطير، ويذكر أسماء بعض الجن كـ"سيدي ميمون" و "لالا عيشة" وغيرهما .

وجرت العادة في مختلف مناطق المغرب أن يرافق الموسيقى الكناوية طقوس أقرب إلى الدجل و الشعوذة، وأشبه بحفل "الزار" عند المشارقة، مع الرقص الجنوني والذبائح والبخور وما إلى ذلك، إلا أن مهرجان كناوة الذي تحتضنه مدينة الصويرة منذ 19 عاما غير الكثير من خصوصيات هذه الموسيقى وصورتها أيضا، وأعاد لها الاعتبار كفن له أبعاد تاريخية وروحية.

ففي مدينة الصويرة التي كانت تعرف قديما باسم "ميناء تومبوكتو" وكذا ب "موكادور"، توجد أشهر زاوية كناوية "سيدنا بلال"، لذا اختيرت سنة 1997 لاستضافة مهرجان "كناوة وموسيقى العالم"، والذي أصبح موعدا عالميا يحج إليه عشاق الموسيقى من مختلف أنحاء العالم، ومن بينهم أسماء فنية كبيرة.

وللإشارة انطلق مهرجان كناوة وموسيقى العالم أمس الخميس 12 مايو/أيار، وستستمر فعالياته طيلة أربعة أيام بمختلف ساحات المدينة وفنادقها وزواياها، وهو فرصة لتكريم عدد من "المعلمين"، وكذلك للقيام بسهرات عزف مشترك بين موسيقى "كناوة" و ألوان أخرى كلبلوز والجاز والريكي وغيرها.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com