شعراء يخلعون رداء القصيدة ويبحرون في عالم الرواية
شعراء يخلعون رداء القصيدة ويبحرون في عالم الروايةشعراء يخلعون رداء القصيدة ويبحرون في عالم الرواية

شعراء يخلعون رداء القصيدة ويبحرون في عالم الرواية

أكد مثقفون وكتاب أن أسباباً كثيرة تقف وراء تحوُّل الشعراء لكتابة الرواية، في مقدمتها الضائقة المالية وعدم إيلاء دور النشر الاهتمام الكافي بالشعر، مقارنة بالرواية التي باتت تصنف على أنها "ديوان العصر".

كما أسهمت كثرة الجوائز العربية المقدمة للرواية في تهافت الكتاب عليها، فضلاً عن رغبة بعض الشعراء في الولوج إلى عالم التجريب والكتابة عن طريق السرد الروائي.

"إرم نيوز" رصدت ظاهرة أدبية، طفت على المشهد الثقافي العربي، تتعلق بتحول عدد لا يستهان به من الأصوات الشعرية، إلى كتابة الرواية، وفي هذه القضية يقول الناقد المصري الكبير شعبان يوسف: نعيش الآن عصر الجماعة المعلوماتية، فلم يعد صوت الشاعر كافياً لكل ما يحدث من حولنا، بل تتضاءل فرص الشعر في عالمنا العربي نشراً وقراءة، وتضيق المساحات التي كانت مفتوحة له سابقاً.

ويضيف يوسف لـ "إرم نيوز" أن الشاعر الذي لم يعد شاباً يبحث عن دار تتبنى ديوانه السابع أو الثامن، ويعجز عن وجودها، سواء في بيروت أو في القاهرة وغيرهما، فيختار أن ينشر ديوانه على حسابه أو أن يدفع للدار كلفته كاملة، وما إن يصدر الديوان حتى ينام على الرفوف أو في منازل أصدقاء الشاعر.

ليس الشعر فقط الذي انحسر دوره وسحره على الجماهير، وفق يوسف بل إن المسرح أيضاً لم يعد حاضراً كما كان في أوائل القرن الماضي، متابعاً إن ما يجري حالياً هو الاحتفاء بالروائيين وتخصيص العديد من المؤسسات الثقافية بطول بلدان العالم العربي الجوائز المالية لهم فيما يعيش الشعراء حالة من الانعزال والتجاهل الإعلامي والمادي.

ويوضح الناقد أن "الهوان المادي" ليس السبب الوحيد لاتجاه الشعراء إلى كتابة الرواية، فمنهم من يرى ذائقته الإبداعية في الولوج إلى عالم التجريب والكتابة عن طريق السرد الروائي.

 وتعد الشاعرة الدكتورة سهير المصادفة أحد النماذج الشعرية اللافتة، التي اتجهت إلى عالم السرد، بعد نشرها ديواني "هجوم وديع" 1997، و"فتاة تجرب حتفها" 1999. وكتبت المصادفة روايات "لهو الأبالسة" 2003، و"ميس إيجيبت" 2008، و "رحلة الضباع"، وعن هذا الانقلاب السردي من ساحات الشعر إلى ميادين الرواية تقول المصادفة: لن أكون محايدة عند الإجابة عنه، فقد بدأت حياتي كشاعرة وما زلت أكتب الشعر، وما زالت شعرية اللغة، تحلق فوق كتابتي النثرية بشكلٍ عام، ومن ثم أخشى أن أواجه قناعتي المستترة بأن كل ما ليس شعراً لا يعول عليه كثيراً.

وتتابع سهير حديثها لـ "إرم نيوز": أعرف الكثير عن أسرار نجاح روايات خالدة نزح أصحابها من آبار شعرية خالصة، حتى أن أنجح الأفلام السينمائية لم يكن هناك ما يميزها عن غيرها لتكون باذخة الجمال، هكذا إلا اقترابها من أن تكون قصيدة، أعرف أيضاً المدهش عن كل ذلك، أن أكثر خطب الساسة التي غيرت وجه التاريخ، والتي صنعت لأصحابها كاريزما مهولة، حتى وإن كانوا من النازيين كانت تحاول أن تقترب من الشعر.

وهناك من الشعراء الكبار، من أمسك بقصائده كمن أمسك بقبضة يديه بالريح، وفق المصادفة التي تشير إلى أنه لم يعاند موهبته الشعرية ويتجه إلى كتابة الرواية، ولكن وصل به اليأس من قله الحضور الجماهيري على ندوات الشعر إلى نشر ديوانه في موقعه الإلكتروني بعدما سئم عالم النشر والناشرين، كالشاعر اللبناني المهاجر إلى أستراليا منذ عام 1988 وديع سعادة.

وتضيف المصادفة أن هذا الشاعر الطليعي أسقط فكرة القراء والجمهور من رأسه مكتفياً بالقراء الحقيقيين الجديرين بقراءة هذا الشعر، لافتة إلى أن مثل وديع سعادة فعل كثيرون سابقاً وافتتحوا مواقع لهم على الإنترنت، وبعضهم أنشأ مواقع للمختارات الشعرية والشعر العربي والعالمي، وفي مقدم هؤلاء الشاعر البحريني قاسم حداد، الذي وفر للقراء عبر "جهة الشعر" صفحات لا تحصى عن الشعر والشعراء، يقرأونها مجاناً ويتصفحونها عندما يريدون.

التجربة الإنسانية قد تجبر الشاعر على تغيير مساره السردي، فيتحول إلى رحاب الرواية، وعن ذلك يقول الكاتب عزت القمحاوي لـ  "إرم نيوز"، "لا أظن أن سؤال التلقي يمثل شاغلاً للشاعر أو الروائي الجاد الذي يمارس الكتابة بوصفها فعلاً ووجودًا، لا يمكن الاستغناء عنه".

ويردف: الشعر حقق لمحمود درويش في المناخ نفسه، ما لم تحققه الرواية لأحد، ولهذا أتصور أن الذين يتجهون إلى الرواية إما أنهم في بداية الطريق ويمارسون حقهم المشروع في البحث عن صيغة فنية يستقر فيها إبداعهم، أو أنهم شعراء مكرسون، استجابوا لروح العصر من دون تخطيط.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com