أدب الرحلة.. مغامرة تطل على ثقافة الآخر
أدب الرحلة.. مغامرة تطل على ثقافة الآخرأدب الرحلة.. مغامرة تطل على ثقافة الآخر

أدب الرحلة.. مغامرة تطل على ثقافة الآخر

بلاد وعباد، ملوك وصعاليك، شطار وعيارين، طقوس بديعة وأخرى غريبة وطريفة للميلاد والزواج والموت، هكذا دوّن لنا الجميع من تجار ومغامرين ورحالة وأدباء وشعراء رحلاتهم عبر أرجاء المعمورة، عيونهم كانت على "الآخر"، الذي أتوا إلى بلاده، بقصد التجارة أو المغامرة أو تحصيل العلم؛ حيث اختلفت فيما بينهم المقاصد، ولكنهم اتفقوا على أن يكتبوا ما شاهدوا.

ولعل أشهر تلك الرحلات في الأدب العربي، هي التي قام بها "ابن بطوطة"، ذلك الفتى المغربي الذي خرج من مدينته "طنجة" وهو في الثانية والعشرين من عمره، مرتدياً ثوب الترحال، يجوب أرجاء العالم الإسلامي، قاصدًا الكعبة، وزيارة قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- فلم يخرج مع قافلة الحج، بل خرج مع قوم لا يعرفهم، ولم يستقر مع جماعة منهم، فأخذ ينتقل من مركب إلى آخر، ومن قافلة إلى أخرى، وكان اهتمامه برؤية أصناف الناس، والغرائب التي يصنعونها هو شغله الشاغل.

قطع ابن بطوطة 140 ألف كيلومتر، أكثرها في البحر، وتعرض للأخطار والمهالك في الصحاري والغابات، وقطاع الطريق في البر، وقراصنة البحر، ونجا مرارًا من الموت والأسر، ليكتب بعد 24 عاماً قضاها في الترحال والسفر، تجربته الفريدة في مخطوطته الشهيرة "تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار".

ربما يتشابه الكاتب الكبير أنيس منصور مع الرحالة المغربي "ابن بطوطة" في رؤيته للعديد من البلدان والشعوب، وإذا كان الرحالة ابن يطوطة استغرق نحو ربع قرن ليجوب العالم، فإن الكاتب الكبير أنيس منصور اختصرها في 200 يوم حول العالم، فقط وهو نفس العنوان الذي دون فيه تلك الرحلة الشهيرة التي قام بها في ستينيات القرن الماضي، وظلت حديث الملايين في العالم العربي ونقلتها الصحف العالمية ووكالات الأنباء.

ويقول عميد الأدب العربي  طه حسين في مقدمة الطبعة الثالثة لكتاب أنيس منصور "حول العالم في 200 يوم": "هذا كتاب ممتع حقاً: تقرأه، فلا تنقص متعتك، بل تزيد كلما تقدمت في قراءته".

ويقول محمود تيمور في مقدمة الطبعة "التاسعة" من كتاب منصور: كاتب الرحلات الناجح، هو الذي تتوفر له ألمعية الملاحظة، ورهافة الفطنة، وسرعة الالتقاط والقدرة على استبانة الملامح والمعالم، وبخاصة ما يدق منها على النظرة العابرة، وما يتصل منها بالعادات والسلوك والأوضاع الاجتماعية، التي لا تخلو من غرابة، وكل هذه المؤهلات تستجمع للأستاذ أنيس منصور.

اشتهر الدكتور حسين فوزي، بلقب السندباد، ذلك الرحالة الأزلي في كتاب “ألف ليلة وليلة”، حيث كان يكتب كل ما يصادفه من أحداث وأمور في أثناء رحلة قام بها لأحد البلدان، فأصدر كتبًا عديدة مثل “سندباد إلى الغرب” (1950) الذي نجد في معظم فصوله، إشارات إلى كتاب وموسيقيين وأماكن قد يعرفها الشخص المطلع وقد لا يعرفها، وكذا عبارات بالإنجليزية والألمانية واللاتينية، واستخدم نفس العنوان في كتبه الأخرى مثل: ”سندباد مصري” (1961)، و”سندباد في سيارة” (1973) وغيرها.

لم تقتصر الكتابة عن الأسفار والأمصار على عشاق الترحال من الرجال العرب فقط، بل تنقل لنا الدكتورة عائشة عبد الرحمن، بنت الشاطئ، شعورها بالصدمة حينما زارت جزيرة العرب في منتصف القرن الماضي، فهي لم تتخيل أن هذه الجزيرة قد تطورت إلى أبعد حد، ولم تعد هي التي كانت تعرفها من قبل، حيث اكتنفها شعور الاستغراب والدهشة والعجب، منذ أن وطأت قدماها الطائرة من جدة إلى الظهران، وذلك راجع إلى هذا الانقلاب الحياتي والمعيشي لجزيرة العرب، وما استحدث فيها من عمران وبناء وتمدن.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com