محمود عكاشة يستحضر رموز التراث في "حكايات جحا"

عمد الكاتب محمود عكاشة في مجموعته القصصيَّة "حكايات جحا" إلى استحضار التراث في قصصه، ليستلهم من رموزه، ما يمكِّنه من تجاوز عقبات وإشكاليَّات الواقع الراهن.

ولم يلتزم عكاشة بالرواية الشعبيَّة التقليديَّة لحكايات جحا، ولم تكن عمليَّة التوظيف لديه مجرَّد إعادة لحادثة تاريخيَّة سابقة، بل ألبسها لبوساً عصرياً، متعاملاً مع المخزون التاريخي بوصفه مادَّة قابلة للتجديد والتحديث، لتتناسب مع روح العصر الراهن وقضاياه.

وتضم المجموعة 25 قصَّة قصيرة، تسلِّط الضوء على معاناة المواطن اليوميَّة، وأمنياته وأحلامه ورؤاه المفقودة، في إطار من الكوميديا المرَّة.

ولعلَّ عكاشة أراد من استلهامه للمضامين التراثيَّة، الابتعاد عن الطرح المباشر للقضايا المعاصرة، مستعيناً بالرمز والخيال والأسطورة والحكايات الشعبيَّة، ما أضفى نوعاً من الإدهاش والجماليَّة على خطابه القصصي.

وتأتي شخصيَّة جحا لتكون خير حامل للدلالات المعاصرة، التي فرضها الواقع المُعاش، ويغلب عليها القهر والضياع والفقر والتشتت، لتعبِّر بتغيُّر أحوالها وصفاتها عن انقلاب وانحطاط الأخلاق والقيم والمُثل في الحياة المعاصرة.

"حكايات جحا"؛ هي محاولة لتعرية الجوانب السلبيَّة في الواقع العربي المعاصر، ولفضح الحالة المتردِّية وانهيار القيم الأخلاقيَّة بفعل سياسات الهيمنة والتسلُّط التي خلَّفت الانكسار والهزيمة في الواقع العربي.