"إجراء شكلي بحت" يغيّر وجه السينما العالمية
"إجراء شكلي بحت" يغيّر وجه السينما العالمية"إجراء شكلي بحت" يغيّر وجه السينما العالمية

"إجراء شكلي بحت" يغيّر وجه السينما العالمية

لطالما اعتبر النقاد أنّ فيلم "إجراء شكلي بحت" للمخرج الإيطالي جوزبيه تورنتوري، شكل نقلة نوعية في تاريخ السينما العالمية، عبر جرأة طرحه، وعمق مضامينه، ومعالجته لفكرة ما بعد الموت التي حاول الكثير من المخرجين تجنبها، إلى أن صدر الفيلم عام 1994، ليقلده البعض المخرجين وينسج على منواله.

الفيلم من تأليف وسيناريو وحوار، تورنتوري، وكذلك قام بمونتاجه وإخراجه بنفسه، فهو نتاج تجربة ورؤية فردية، من بطولة الممثل الفرنسي المشهور، جيرار دوبارديو، والممثل والمخرج رومان بولانسكي.

ويعد الفيلم رائداً في التطرق إلى فكرة ما بعد الموت، أو ما يطلق عليه دينياً "عالم البرزخ" في رحلة خيالية تذكرنا بالكوميديا الإلهية لدانتي، ورسالة الغفران للمعري، ولكن برؤية بسيطة، ودون تعقيدات مكانية، فمعظم المشاهد تم تصويرها في مكان واحد (إحدى القلاع الأثرية).

تتناغم في الفيلم المشاهد، مع المؤثرات السمعية، بالإضافة إلى عوامل الطقس التي كانت تتغير وفقاً للحالة العاطفية القلقة للأبطال، ما يمنح العمل شحنات من الروحانية والعمق.

وانطلاقاً من أسماء أبطال العمل التي تعبر بوضوح عن كونها وهمية؛ فالمحقق يحمل اسم "ليوناردو دافنشي" وبطل الفيلم الرئيسي يحمل اسم "أونوف" حاول تورنتوري مزج الواقع بالخيال، والماضي بالحاضر، والحقيقة بالوهم.

وجاءت الموسيقا التصويرية لتكمل لوحات الفيلم، وقد أبدع الموسيقار إينو موريكوني، في خلق جو مشحون حيناً، وساكن في حين آخر، استطاع التعبير عن الخوف والتردد والقلق، الذي يعيشه بطل الفيلم، إلى أن يتمكن في النهاية من معرفة موقعه الحقيقي، وكشف الغموض الذي حوله، بتيقنه واستسلامه لحقيقة كونه ميتاً.

فيلم "إجراء شكلي بحت" دعوة وجودية لإعمال العقل، وطرح الكثير من التساؤلات عن وجود الإنسان، والهدف من الحياة، ومواجهة الأغوار العميقة في الذات البشرية، وفضح زيف وادعاء البشر، والكذب الذي شاب حياتهم، حتى بات الفرد يكذب على نفسه، ولا يعرف حقيقة ذاته، ليترك المخرج النهاية مفتوحة، حين يتم نقل البطل إلى جهة مجهولة بعد انتهاء التحقيق معه، واكتشافه حقيقة موته واسترجاعه لهويته.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com