معرض تونس للكتاب.. بين ثراء البرنامج وضعف الإقبال
معرض تونس للكتاب.. بين ثراء البرنامج وضعف الإقبالمعرض تونس للكتاب.. بين ثراء البرنامج وضعف الإقبال

معرض تونس للكتاب.. بين ثراء البرنامج وضعف الإقبال

لم يتبق غير أربعة أيام فقط في عمر الدورة الثانية والثلاثين لمهرجان تونس الدولي للكتاب، ورغم ذلك فالإقبال يبدو ضعيفاً، أو على غير العادة.. لعلّها أبرز ملاحظة، وقفت عليها اليوم، وأنا أزور المعرض في مدينة الكرم، إحدى ضواحي العاصمة تونس.

سجلت إرم نيوز حضورها، بين أروقة المعرض، هناك تحت القبة الخضراء للفضاء الجميل، المخصص أساساً للمعارض، والذي زيّنته الكتب بما تنثره من روائح عطرة، في غياب الكتب المتطرّفة، على رأي مدير المعرض، العادل خذر، الحركة هادئة أو تكاد، وعشرات من الزائرين يتجوّلون بين الأروقة، ويقلّب بعضهم، كتباً، قد يثير عنوانها، أو الصور التي رسمت على صفحاتها الأولى، وقد يكون البحث عن شيء ما، هنا أو هناك.

سوء تنظيم

من يتصفح البرنامج الذي أعدته إدارة المعرض الدولي للكتاب، يلاحظ دسامة الفقرات، وتنوّعها، ولكنه في المقابل، يستغرب من قلّة المتابعين، ليس لفقدان الاهتمام، ولكن بحسب أحد العارضين، يعود إلى سوء تقدير من الهيئة المنظمة التي فوّتت على نفسها استغلال عطلة الربيع للتلاميذ والطلبة، وإمكانية تنظيم رحلات من الجهات الداخلية، بعد أن اختارت تنظيم المعرض مع نهاية العطلة، والعودة إلى الدراسة، كما أنّ المواطن التونسي عموماً، لا يلتفت إلى أموره الخاصة إلا في العطل والإجازات، وقلّما يهتمّ بأيّ حدث، في أيام العمل التي تتعدد فيه الضغوطات.

بهجة المعرفة

وأنت تدلف إلى داخل المعرض، كان أحد الرجال، كهلاً تجاوز الخمسين من العمر، بمعطفه المزركش، وبقبّعة على الرأس، يقف وبين يديه كتاب، وابتسامة عريضة تنساب من بين شفتيه، و"براءة الأطفال في عينيه"، كأنه يلتقي بعزيز له، قد يكون ذلك الكتاب، أو قد تكون عبارة معيّنة، أعادته إلى مرحلة الصّبا، فانتشى، لكأنما يخاطب حبيبته، "المعرفة"، وحيداً، بعيداً عن الأعين.. لكن هذا الانتشاء، انقطع فجأة، من خلال ردّ استنكاري، من طرف محمد الزامي، فيه اتهام إلى إدارة المعرض، متحدثاً عن بهجة المعرفة، قائلاً: "وهل تركتم له بهجة أو معرفة بعد فضيحة معرض هذا العام.. إدارة خرقاء ومعاملة سمجة لدور النشر والعارضين، جعلتهم لا يلقون لمعرضكم بالاً، ولم يعودوا يفكرون مجرد التفكير في القدوم إليه، ولا يخفى على أحد ما في ذلك من إساءة لسمعة تونس ومنزلتها الثقافية والحضارية".

وأضاف: "لا شكّ، أنّ هذا، يعكس المستوى العام الهزيل للثقافة وأدعيائها في البلاد، وما أنتم إلا معول من معاول هدمها".

جسور خطية وزخرفية

في أحد الفضاءات، مجموعة من الخطاطين، يبدعون، في ورشة  للخط العربي، من خلال جسور خطية وزخرفية بين الجزائر وتونس، هي أشبه بالمباريات الثقافية، وفي جانب آخر، وبمناسبة إحياء الذكرى السبعين بعد المئة للرّقّ، بحضور اللاعب الدولي الفرنسي السابق ليليان تورام، الذي تحدث عن حياته في فرنسا، في دروب الحبر، ضمن مسارات إفريقية، يشاركه كلّ من سيلفي نتسامي وصولانج بونقو من الغابون وسيودو نورو انداي من السينغال، في لحظات صدق، مع الذات ومع الغير.

نحبّ البلاد

وفي جانب آخر، من فضاءات المعرض العديدة، يحتفي المعرض بالشاعر التونسي الصغير أولاد أحمد، الذي يحبّه التونسيون، ويحفظون أبياتاً شعرية خالدة كتبها، من خلال قصيدة "نحب البلاد"، يقول فيها: نحبّ البلاد، كما لا يحبّ البلاد أحد، صباحاً، مساءً، وعند الصباح، وبعد المساء، ويوم الأحد.. ولو قتّلونا، كما قتّلونا، ولو شرّدونا، كما شرّدونا، ولو أبعدونا، لبرك الغماد، لعدنا غزاة، لهذا البلد".

كتاب الشاعر الصغير أولاد أحمد "قصائد مختارة"، الصادر عن "دار نيرفانا"، كتاب ثلاثي اللغات (عربي، فرنسي، إنجليزي)، ثنائي الفنون، حيث يجمع بين الشعر، شعر الصغير أولاد أحمد، والفنون التشكيلية من خلال رسومات لعدد من الرسامين شكلت مادة معرض "رأس على عقب".

الإرهاب والفساد

تمّ توقيع كتاب "الإرهاب والفساد: الحقائق الممنوعة"، للصّحفي التونسي ماهر زيد، المتخصّص في الشّؤون الأمنيّة، في تقديم من طرف الخبير الأمني يُسري الدّالي، مؤكداً على أنّ: "الإرهاب والفساد يتعايشان في فضاء موحّد كلّ منهما يتغذّى من الآخر"، وهو ما حاول ماهر زيد إثباته في كتابه اعتماداً على مجموعة من الوثائق والتّقارير والأسرار التي توصّل إليها.

خيمة الفنون

هناك، وأنت تغادر المعرض، تقام "خيمة الفنون"، وعرض "ساكسوفون" ضمن أنشطة ترفيهية موازية لفقرات المعرض، العرض كان بقيادة فاخر حكيمة، الموسيقي الحاصل على شهادة الدّكتوراة في العلوم الموسيقيّة، والذي أنشأ منذ سنة 2008 فرقة ساكسوفان، تعتمد أساساً على آلات النّفخ وبالخصوص آلة السّاكسوفون، وتشتغل الفرقة على الرّصيد الموسيقي العربي والتّونسي بتوزيع حديث يعتمد أساساً على أسلوب "الجاز فانك".

فرقة تتابع الموسيقى بالرقصات وعدد من المتفرجين، يتابعون باهتمام، بينما عدد من الأطفال يرقصون على موسيقى آلة الساكسوفون، في فضاء جميل، مثّل إضافة حقيقية للمعرض، فلا خلاف بين الكتاب والموسيقى، وكلّها تصبّ في بحر الثقافة.

المهيمنون

تحدث الشاعر والروائي، ذو الجذور التونسية، المقيم بالمهجر، الهادي قدور، والحائز على الجائزة الكبرى للأكاديمية الفرنسية، العام 2015، ومؤلف "المهيمنون"، عن إبرام عقد مع دار نشر سورية لتعريب كتابه "المهيمنون"، إلى جانب إبرام عقود لترجمته إلى الإسبانية والألمانية والروسية والإنقليزية، وعن إمكانية نقله إلى السينما.

"المهيمنون"، تدور أحداثه في عشرينيات القرن الماضي، بشمال أفريقيا في ظل الاستعمار، وهو أول عمل يتحدث فيه الهادي قدور عن تونس خلال الحقبة الاستعمارية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com