155 عاما على وفاة أول معلم لـلغة العربية في روسيا (صور)
155 عاما على وفاة أول معلم لـلغة العربية في روسيا (صور)155 عاما على وفاة أول معلم لـلغة العربية في روسيا (صور)

155 عاما على وفاة أول معلم لـلغة العربية في روسيا (صور)

تستعد المؤسسة المصرية الروسية للثقافة والعلوم، لإقامة احتفال شعبي ونصب تمثال يوم الجمعة الموافق 25 مارس المقبل، للشيخ المعلم محمد عياد طنطاوي (1810-1861) في قرية نجريد- مركز بيسون بالغربية، وذلك في الذكرى 155 على وفاته.

دعت للاحتفالية المؤسسة المصرية الروسية للثقافة والعلوم، تكريما لذكرى الشيخ المعلم محمد عياد الطنطاوي، الذي كان أول معلم للعربية في روسيا، خلال الفترة من 1840 وحتى 1861، حيث وافته المنية بمدينة سانت بطرسبورج (عاصمة روسيا آنذاك) التي عمل بها أستاذا لتدريس اللغة العربية، ودفن بمقابر الأتراك .



وستشهد الاحتفالية نصب تمثال نصفي للشيخ المعلم عياد الطنطاوي، وتوزيع كتب عن حياته وتراثه وإلقاء أبحاث حول مخطوطاته القيمة، والتي ترك منها ما يزيد عن المائة مخطوطة، وستقوم المؤسسة المصرية الروسية للثقافة والعلوم بتوزيع نسخ إلكترونية من هذه المخطوطات على المشاركين في الاحتفالية.

قد لا يعرف الكثيرون، اسم الشيخ محمد عياد الطنطاوي (1810-1861)، رغم أنه يحظى بمكانة كبيرة في دوائر الاستشراق الأوروبي والروسي، نظرا للدور المهم الذي لعبه في إرساء حركة الاستشراق في روسيا، وفي وضع اللبنات المبكرة للحوار الثقافي العربي الروسي، وهو بشهادة المستشرق الروسي الكبير"كراتشكوفسكي" شخصية متفردة وغير مكررة في تاريخ الاستشراق الروسي والأدب العربي الحديث.

ولد الشيخ محمد بن عياد بن سعد بن سليمان الشافعي، سنة 1810، في قرية نجريد من أعمال مركز طنطا بمصر، ووالده من قرية محلة مرحوم (محافظة الغربية)، وكان يعمل ببيع القماش والصابون والبن.



أتم حفظ القرآن، في سن الـ13، وانتقل إلى القاهرة، حيث قام بالدراسة في الأزهر وقرأ في الأزهر على علماء كبار "متنورين" من أمثال الشيخ حسن العطار (توفى 1835) والذي تولى مشيخة الأزهر فيما بعد.

بعد أن انتهى من دراسته في الأزهر، بدأ في تدريس تفسير القرآن والمنطق بالجامع الأزهر، ولكنه كان مولعا بعلوم اللغة وآدابها، فبدأ يعطي دروسا في الشرح والتعليق على كتب الشعر والأدب وبسبب هذا العشق صار لا يضاهيه أحد في هذا المضمار.

بسبب ضيق ذات اليد، بدأ في تدريس اللغة العربية وآدابها للأجانب، فعمل في المدرسة الإنجليزية في القاهرة، نتيجة للحركة العلمية في مصر، في عهد محمد علي، واتجاه الأخير لجذب العقول الأوروبية، للعمل بمختلف الوظائف بمصر، حيث بدأت تفد إلى مصر مجموعات من المستشرقين في مختلف المجالات، ولحاجتهم لتعلم العربية بدأت علاقة الشيخ عياد بمجموعة من المستشرقين، بغرض تعليمهم اللغة العربية، أشهرهم الفرنسي فرنيل، صاحب "الرسائل في تاريخ العرب قبل الإسلام"، الذي قدم إلى مصر عام 1831، الفرنسي بيرون (طبيب بالقصر العيني) وله كتاب حول علم الخيل وأنسابها، الألماني فايل مؤرخ الخلافة، ثم مدرس الآداب الشرقية في جامعة هايدلبرج، الألماني برونر، والإنجليزي إدوار لين مترجم كتاب ألف ليلة وليلة.



غادر "الطنطاوي" القاهرة عام 1840، وكان السفر عن طريق النيل إلى الإسكندرية، ومن هناك ركب الباخرة، وقد وصل إلى أوديسا على ساحل البحر الأسود، يرافقه تلميذه السابق "موخين"، ومن هناك غادر إلى "كييف"، ثم واصل رحلته بعد ذلك ليصل إلى "سانت بطرس بورغ" مايو سنة 1840، ومنذ ذلك العام كان قد غادر مصر في مارس من السنة نفسها، فيكون قد قضى في طريقه نحو 70 يوماً.

وظل يعمل في التدريس 15 عاما، لم يغادر فيها روسيا منذ قدومه إليها إلا مرة واحدة عام 1844، زار خلالها القاهرة وطنطا واهتم بجمع المخطوطات الشرقية، واصطحب معه زوجته علوية وابنه أحمد.

لم يقتصر دور الشيخ الطنطاوي على التدريس فقط، بل أنه عين مستشارا في الدولة الروسية، وقلده القيصر وسام ستانيسلان ووسام القديسة حنة، بسبب امتياز التلاميذ في البحث، كما قلده القيصر خاتما مرصعا بالألماس الغالي.



وجمع الطنطاوي في تدريسه بين الطرق العملية والنظرية، فمن جهة كان يدرّس قواعد اللغة، ويشرح أمثال لقمان، ويقرأ قطعا من مؤلفات تاريخية، ومن مقامات الحريري، كما كان يدرّس الترجمة من الروسية إلى العربية، والخطوط الشرقية، وقراءة المخطوطات، والمحادثة باللغة العربية، وزاد على ذلك عام 1855 تدريس تاريخ العرب.

عانى الشيخ الطنطاوي، في سبتمبر 1855، شللاً أصاب أطرافه السفلى، ثم امتد هذا إلى يديه، ومع ذلك فقد ظل يعمل، متسلحا بإرادة حديدية، لكنه خضع للضعف العام الذي ألم بجسمه إلى أن استعفي من الخدمة في 31 يناير عام 1861،، ووري الثرى في مقبرة "فولكوفو الإسلامية "، وكتب على شاهد قبره: "هذا مرقد الشيخ العالم محمد عياد الطنطاوي.

كان مدرس العربية في المدرسة الكبيرة الإمبراطورية بسانت بطرس بورغ المحروسة، وتوفي في 29 أكتوبر 1861.

وتبلغ مجموعة المخطوطات التي تركها الطنطاوي، وتم الاحتفاظ بها في جامعة بطرسبرج حوالي ثلاثمائة مخطوطة، جزء منها عبارة عن كتابات تخص الطنطاوي، والجزء الآخر عبارة عن مخطوطات اقتناها في فترة عمله في الأزهر.

وتتناول المخطوطات موضوعات في تاريخ الإسلام، والصوفية، والطب، والأخلاق، والفلسفة، والدين، واللغة العربية، والعروض، واللغة العامية، وتعتبر مخطوطة كتاب الطنطاوي (تحفة أولي الألباب في أخبار بلاد روسيا) من أهم هذه المخطوطات، وهو كتاب شيق يجمع بين أدب الرحلة والسيرة الذاتية، فإلي جانب تناول الكتاب لرحلة الطنطاوي من مصر إلى روسيا وسفراته إلى بلاد البلطيق وفنلندا في فترة إقامته في روسيا، يتناول الكتاب وصفًا لجغرافية روسيا وتاريخها، وملامح من الحياة الاجتماعية، والثقافية والعادات والتقاليد السائدة في روسيا معطاة على خلفية الواقع التاريخي لروسيا في منتصف القرن التاسع عشر المعاصر للطنطاوي.

ومن أعماله الهامة أيضا، كتاب بالفرنسية بعنوان (أحسن النخب في معرفة لسان العرب) وهو يعد من بواكير الكتابات التي لمست مواضيع اللغة العامية، وقد اكتسب الكتاب أهمية ومكانة عند المستشرقين الأجانب.

 

 

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com