حقوق الملكية الفكرية... قصة طويلة عن إبداع العقل الإنساني (صور)
حقوق الملكية الفكرية... قصة طويلة عن إبداع العقل الإنساني (صور)حقوق الملكية الفكرية... قصة طويلة عن إبداع العقل الإنساني (صور)

حقوق الملكية الفكرية... قصة طويلة عن إبداع العقل الإنساني (صور)

فور فوز الناشر المصري، محمد رشاد، برئاسة اتحاد الناشرين العرب في انتخابات أجريت على هامش فعاليات الدورة الـ47 من معرض القاهرة الدولي للكتاب، قال "رشاد"، إنه يسعى إلى إعادة ترتيب البيت من الداخل، فالمهنة تتدهور، ولا بد من إنقاذها عبر آليات قابلة للتطبيق.

وأضاف، أنه سينفذ برنامجه الذي اختير في ضوئه لرئاسة الاتحاد، بالعمل على تسهيل حرية انتقال الكتاب العربي "بعيدًا عن التعقيدات الروتينية وإلغاء الضرائب والرسوم المفروضة على الكتاب وعلى مواد صناعته"، إضافة إلى حماية حقوق المؤلف والناشر من قراصنة التزوير بالتطبيق الجاد لقانون حماية الملكية الفكرية، وعقد دورات تدريبية وورش عمل للناشرين، بهدف مساعدتهم في فتح منافذ غير تقليدية للتوزيع داخل العالم العربي وخارجه.

ما يهمنا في تصريح رئيس اتحاد الناشرين العرب الجديد، ما يتعلق بحقوق الملكية الفكرية، وهي تعني ببساطة نتاج فكر الإنسان من إبداعات مثل الاختراعات والنماذج الصناعية والعلامات التجارية والأغاني والكتب والرموز والأسماء.



ولا تختلف حقوق الملكية الفكرية عن حقوق الملكية الأخرى، فهي تمكن مالك الحق من الاستفادة  بشتى الطرق من عمله، الذي كان مجرد فكرة ثم تبلور إلى أن أصبح في صورة منتج، ويحق للمالك منع الآخرين من التعامل في ملكه دون الحصول على إذن مسبق منه، كما يحق له مقاضاتهم في حالة التعدي على حقوقه، والمطالبة بوقف التعدي أو وقف استمراره والتعويض عما أصابه من ضرر.

ويعد مفهوم حقوق الملكية الفكرية ليس جديدًا، ويعتقد أن شرارته قد أوقدت في شمال إيطاليا في عصر النهضة، وفي سنة 1474، صدر قانون في البندقية، ينظم حماية الاختراعات، ونص على منح حق استئثاري للمخترع، أما نظام حق المؤلف فيرجع إلى اختراع الحروف المطبعية والمنفصلة والآلة الطابعة على يد "يوهانس غوتنبرغ" عام 1440.

وفي نهاية القرن الـ19، رأت عدة بلدان ضرورة وضع قوانين تنظم الملكية الفكرية، أما دوليا فقد تم التوقيع على معاهدتين، تعتبران الأساس الدولي لها؛ هما اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية 1883، واتفاقية برن 1886 لحماية المصنفات الأدبية والفنية.



والملكية الفكرية محمية قانونا بحقوق، منها مثلًا؛ البراءات وحق المؤلف والعلامات التجارية التي تمكّن الأشخاص من كسب الاعتراف أو فائدة مالية من ابتكارهم أو اختراعهم، ويرمي نظام الملكية الفكرية من خلال إرساء توازن سليم بين مصالح المبتكرين ومصالح الجمهور العام، إلى إتاحة بيئة تساعد على ازدهار الإبداع والابتكار.

ويحتفل العالم في يوم 26 أبريل من كل عام، باليوم العالمي للملكية الفكرية، لتعزيز المناقشات الدائرة حول دور الملكية الفكرية في تشجيع الابتكار والإبداع.

يذكر، أن مصر قد التزمت بالاتفاقيات الدولية في مجال حقوق الملكية الفكرية، وعملت على الاستفادة من (منظمة الويبو) التي أنشئت لترعى حقوق المبدعين وأصحاب الملكية الفكرية في العالم منذ1983.

ولكن للأسف، على الرغم من تلك التعهدات الدولية التي تلتزم بها مصر وغيرها من البلدان العربية، إلا أن واقع الحال يشير بغير ذلك، فهناك للأسف عشرات الكتب التي تم السطو عليها وقرصنتها، والتي تباع على أرصفة مصر القديمة، وفي منطقة الحسين تحديدًا، وكل يوم ينضم كتاب جديد إلى ضحايا عمليات السطو على الكتب بكل ما ينطوي عليه الأمر من ازدراء لحقوق الملكية الفكرية وحقوق القارئ، في وقت واحد معاً.

ولعل أشهر تلك الكتب التي تعرضت للسطو بعد معظم أعمال الكاتبة التركية الشهيرة "اليف شافاك"، والتي تتم سرقتها وطباعتها بأقل من ربع ثمنها الأصلي، كتاب "الرجال من المريخ النساء من الزهرة" بعد تعرضه لقرصنة طباعية رديئة، سيجد أنه حتى حق القارئ بكتاب أنيق قد تم السطو عليه هو الآخر.



حيث يتم بيع كتاب "الرجال من المريخ.." بكثافة ملحوظة، نظراً إلى كون الكتاب يلقى كثيراً من الإعجاب والرواج في أوساط القراء الأكاديميين والعاديين على حد سواء، والكتاب أصلاً من الكتب التي حققت أعلى مبيعات في مختلف أنحاء العالم، وقد نجح مؤلفه الدكتور "جون غراي" في أن يجعل كتابه مطلبًا لكثير من أصحاب الحاجات الاجتماعية الملحة، أو الأزمات والعلاقات الشخصية والعائلية التي تتعرض لطارئ ما، خصوصاً أنه عُرف بصفته معالجاً للمشاكل الأسرية ومستشاراً لشؤون الأسرة والزواج.

الكتاب الذي تم السطو عليه وقرصنته، ثم بيعه بأثمان رخيصة تتناسب مع تدني مستواه الفني والطباعي إلى الحدود الدنيا، صدر بترجمته العربية عام 2012 عن دار مكتبة جرير في المملكة العربية السعودية، وما  تزال الدار تنشر إعلانه على صفحتها الرسمية على الإنترنت، ويبلغ سعر الكتاب 45 ريالاً سعودياً، وهو ما يتناسب مع جودة طباعته الأصلية لديها، أما الكتاب المقرصن فإن سعره على الأرصفة الآن لا يتجاوز الـ8 ريالات، حيث تظهر الطباعة الرديئة والنسخ الضوئي العشوائي والورق منخفض النوعية إلى الحد الأدنى، وفوق كل ذلك، يظهر الخلل في ضبط الصفحات بسبب التصوير الضوئي السريع، فتأتي الصفحات مائلة أو محشورة في زاوية الكتاب، هذا فضلاً عن توزيع الحبر الذي يظهر الخطوط فاتحة وغامقة ومظللة في كل صفحات الكتاب المقرصن.

كما توجد عشرات الروايات التي تسرق فور صدورها لأشهر المبدعين العرب من أمثال: رواية "عزازيل" ليوسف زيدان، و"ساق البامبو" لسعود السنعوسي و"الطلياني" لشكري المبخوت وغيرهم بالمئات.

وهناك مشاحنات وتبادل اتهامات تمت بين الشعراء بعضهم البعض، كل يتهم الآخر بالأخذ من نتاجه الإبداعي، ولعل أشهر تلك الاتهامات ما واجه الشاعر الأشهر (هشام الجخ)، بعد أن اتهمه الشاعر عبد الستار سليم بسرقة ما يقرب من 35 مربعا شعريا، قام عبدالستار بتأليفها في كتابه الشعري "واو عبد الستار" الصادر عام 1995.

وقال الشاعر الصعيدي عبد الستار سليم وقتها: "الشاعر هشام الجخ قام بسرقة ما يقرب من 35 مربعاً من كتابي الشعري واو عبد الستار، الصادر عام 1995 من سلسلة (أصوات أدبية)، وما فعله الشاعر لا يمثل قيم ثورة 25 يناير الخالدة التي احتفى بها، شأن الكثيرين من الشعراء المصريين والعرب".

وعلى خلفية هذه الاتهامات حينها، قام الشاعر هشام الجخ، بالردّ على صفحته بموقع فيسبوك، ببيان قال فيه: "المربعات التي أقولها في حفلاتي هي من التراث الشعبي القناوي، وليست ملكا لأحد، وقام الكثيرون بجمعها، أشهرهم طبعا الأستاذ عبد الستار سليم، في كتابه الشهير (فنّ الواو)، وقد أعلنت هذا الكلام في جميع الحفلات والمحافل والبرامج الإذاعية، لكي لا يتهمني أحد بسرقة المربعات، ومَن هذا الغبي الذي يفكّر أن يسرق شيئا في شهرة مربّعات قنا، ده يبقى غبي قوي صحيح".

أما حكاية أكبر سرقة ثقافية شهدها التاريخ، فتأتي في فيلم وثائقي عرض مؤخراً بعنوان «سرقات الكتب الكبرى»، يروي ويكشف سرقة الكيان الصهيوني لأكثر من 80 ألف كتاب ومخطوطة فلسطينية وبعضها نادر ولا يقدر بثمن من المكتبات والمنازل التي تم تهجير أصحابها من الفلسطينيين، ويكشف الفيلم على مدار 48 دقيقة، وأخرجه اليهودي المقيم بهولندا «بيني برونر»، واستغرق إنتاجه 5 أعوام تفاصيل سرقة استمرت أكثر من ستين عاماً للإرث الثقافي الفلسطيني، نهبت الدولة العبرية خلالها قرابة 80 ألف منها من مدينة القدس وحدها، ونحو 30 ألف كتاب من المدن الأخرى.



كما تعرض كتاب الفيلسوف الكبير عبدالرحمن بدوي، "دور العرب في تكوين الفكر الأوروبي" للسرقة بالكامل، في إحدى السلاسل العلمية الشهيرة.

وفي تصريح خاص لإرم نيوز، يقول الباحث اللغوي والكاتب الصحفي إبراهيم عبد المعطي: "من أسوأ الأمور التي تواجه المبدع أو الباحث، أن يجد جهده الذهني قد تم السطو عليه، فيشعر بالألم النفسي والحسرة على الإرهاق والوقت اللذين بذلهما في تكوين مصادره".



وأضاف: "قد يستغرق المبدع سنوات طويلة للخروج بمنتجه النهائي، وعندما يخرج إلى النور يصل إلى مستوى عال من السعادة والنشوة، لذلك ما يدعو للأسف أن نجد السرقات العلمية قد انتشرت في الأوساط الأكاديمية".

واستطرد قائلًا: "عندما قرأت في أحد الكتب الصادرة منذ سنوات قليلة عن السلسلة، وجدت أن المؤلفة سمحت لنفسها بالسطو على صفحات كاملة من كتاب للفيلسوف الكبير الدكتور عبدالرحمن بدوي، عنوانه (دور العرب في تكوين الفكر الأوروبي) ولم تقم سوى بتغيير كلمة العرب، في كل فقرة من كتابها، إلى كلمة المسلمين، دون خجل أو إحساس بالذنب".

وأوضح: "لذلك أقول إن سرقة الأفكار والمجهود الذهني خيانة كبيرة، ويجب أن تكون هناك عقوبات جنائية لمن يقومون بهذا، لأنهم ليسوا أقل ممن يسطو على منزل أو شركة، ويجب تشديد هذه العقوبات ليكون هؤلاء عبرة لغيرهم ممن يجرؤ على اقتراف هذه الجريمة".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com