يقدم الفيلم الأمريكي "لا حركة مفاجئة/ No Sudden Move" الصادر مطلع تموز/ يوليو 2021، "حبكة إجرامية" مشوقة في إطار من الكوميديا السوداء، والإسقاطات السياسية المتعلقة بالفساد والنفاق الاجتماعي.
وتدور أحداث الفيلم في خمسينيات القرن الماضي، حول مجموعة لصوص مجندين لتنفيذ مهمة توحي بالبساطة، إلى أن تتضح لهم خفايا العملية، ويعمدون إلى استغلال سر خطير للفوز بكسب غير مشروع.
ويحاول اللصوص سرقة وثائق وتصاميم عائدة لإحدى كبريات شركات السيارات، في مدينة ديترويت الأمريكية، ليدخلوا بذلك إلى خط منافسة محتدمة بين مؤسسات كبرى.
ويسود الإيقاع الهادئ منذ اللحظات الأولى للعمل لنتعرف ببطء على شخصيات غامضة في سياق غير مفهوم، ويكتفي المُشاهد بالمراقبة دون أن يستشف شيئا محوريا من خلال الحوارات.
ويُجمع اللصوص على تنفيذ المهمة، ولكن الأمور تتشابك وتزداد تعقيدا مع اقتحام منزل "مات" العميل في شركة مستهدفة من قبل المافيا.
ويصور المخرج في الفيلم، أساليب الضغط والتهديد، ضد مات، من خلال احتجاز عائلته كرهائن، لينفذ مآرب اللصوص في الوصول إلى خزنة مديره السرية ويسرق الوثيقة المطلوبة.
ونستشف من خلال الأحداث غياب النية المسبقة لدى اللصوص بإيذاء أفراد عائلة مات، إذ تركز المهمة على جلب المستندات فقط دون المساس بحياة أي شخص.
وفي ظل التوتر وتشنج الأعصاب يستهجن الأطفال معاملة اللصوص الطريفة ومحاولاتهم الحثيثة لخلق جو من المرح والدعابة وكأن شيئا لم يحصل.
وتبقى الأمور على ما يرام، وفق مخطط دقيق رسمه اللصوص، في عملية خططوا لأن تكون نظيفة تماما، إلى أن يتغير مسار الأحداث بشكل مفاجئ غير متوقع، ليسود جو من الارتياب والقلق يستمر حتى النهاية.
ويلاحظ المشاهد تركيز العمل على مصدر المال، وتتضح له تفاصيل تنم عن رغبة اللصوص بالتحرر والاستقلال وجمع مبالغ ضخمة من أرباح المؤسسات، ويتحول الفيلم إلى حامل لرسالة تنتصر للمسحوقين وتنتقد تغول رأس المال. على غرار بعض أفلام ومسلسلات السطو المسلح الغنية بالإسقاطات في الآونة الأخيرة.
ومع التوجه الجديد للصوص يبرز صراع آخر في العمل، مع صدور أوامر صريحة من زعيم المافيا بتصفية الجميع.
وأشاد نقاد بمخرج الفيلم ستيفن سودربيرج؛ معتبرين أنه قدم فيلما ناجحا تخطى التوقعات. في حين عاب مشاهدون على العمل، تشعبه وتطرقه لكثير من القضايا، لنشهد فيلما مكتظا بجملة من الرسائل، إذ ينقلنا السيناريو من عالم الإجرام إلى النظريات الاقتصادية ومنها إلى الثنائيات الوهمية واختلاف الأعراق، وصولا إلى الفساد السياسي وعبودية العمل.
وخفف المخرج من حدة الحبكة القائمة على نظرية المؤامرة، بتعزيز عنصر المرح والتركيز على الكوميديا السوداء التي كانت ماثلة في أشد المواقف جدية.
ومن ناحية الشكل، نجح المخرج في انتقاء كوادر التصوير مع التركيز على جماليات الزوايا المنحدرة منها والدائرية؛ ما عزز تعلق المشاهد بصريا بالفيلم، فضلا عن اختياره لإضاءة مريحة.
وشارك في بطولة العمل كل من دون تشيدل، وبينشيو ديل تورو، وديفيد هاربور، وبريندن فريزر، وكيران كولكين.