مسلسل "لوبين".. رحلة انتقام بتلميحات عرقية
مسلسل "لوبين".. رحلة انتقام بتلميحات عرقيةمسلسل "لوبين".. رحلة انتقام بتلميحات عرقية

مسلسل "لوبين".. رحلة انتقام بتلميحات عرقية

حقق المسلسل الدرامي البوليسي "لوبين" 2021، نسبة مشاهدة عالية على منصة نتفلكس، إذْ يستعرض العمل رحلة رجل أمن فرنسي من أصول أفريقية، للانتقام لوالده من عائلة ثرية، تسببت في أذيته قبل عقود من الزمن.

وتتناول أحداث المسلسل حكاية البطل المهاجر السنغالي أساني ديوب (عمر سي) الذي يعيش في باريس، ويعرف جيدًا كيف يتم تجاهل المهاجرين السود، ويستخدم شعارات كبيرة حول الاضطهاد العرقي لتنفيذ عمليات سرقة مستوحاة من ألغاز اللص الخيالي "أرسين لوبين" الذي قدمه الروائي الفرنسي موريس لوبلان، في روايته "مغامرات أرسين لوبين ".



هذا هو الهدف الضمني عند "أساني"، لكن الدافع الدرامي المشوق كخلفية للأحداث، هو الانتقام لوالده من عائلة ثرية تسببت في سجنه دون وجه حق، وانتحاره.

يعرض المشهد الافتتاحي للمسلسل، كادرًا عريضًا لمتحف اللوفر الباريسي ليلًا، يدخل طاقم التنظيف للمكان لأخذ المواد والادوات الخاصة بالنظافة. أحد هؤلاء هو أساني، عامل التنظيف، حيث يركز المشهد على نظراته المتأملة باندهاش للأعمال الفنية في المتحف، ومايلفت نظره، عِقد كان في يوم من الأيام هدية من الملك لويس السادس عشر، إلى ماري أنطوانيت.



غموض مستمر 

في المسلسل  يستطيع المخرجان جورج كاي، وفرانسوا أوزان، أن يقدما تحديات عقلية مثيرة، من خلال إبقائهما على مساحة من الغامض في الأحداث، وما خلفها، فتتوارى أصول العلاقات بين الشخصيات، لنكتشف بعدئذ بأن المخرجين هما من قاما بصناعة لغز، في اكتشافه لحظة دهشة درامية مثيرة. وليس فحسب، بل أن اكتشاف إجابة اللغز الأول تفتح على أسئلة أخرى للغز آخر، في دائرة غموض وتحفيز متواترة صنعها فريق العمل.

ويتميز المسار الحسي للحلقات بالميلودرامية أكثر، على الرغم من تواجد المشاهد الأكشن في الأحداث، لكن البعد العاطفي كان دومًا مرافقًا لشخصية أساني، وارتباطه بفكرة قديمة أخرجها من خزنة ذكرياته.

 احتمالات متعددة

تحمل شخصية لوبين كاريزما وصفات البطل الذي يمتلك دومًا الفكرة المتعددة الأسنان، فطريقه مدعم بمفاتيح تحويل للمسالك، ومجهز للتحول لمسار آخر في أي وقت، وهو ما يفتح باب الاحتمالات المتعددة بشكل مستمر خلال الأحداث، ويعزز من جاذبية الحدث المستقبلي غير القابل للتوقع.

ويمتلك لوبين أداة الصبر على النقطة المحاطة بتركيزه، وجيد التصويب على هدفه. كما ويمتلك البطل ملكة التحايل والمكر، ويعرف كيف يقلب الحدث لصالحه، كما يفعل جيدًا أثناء التحقيق، بالتعلق بشعارات الاضطهاد العرقي، واستخدامها لصالحه للخروج الآمن.

بينما يقدم أساني الشخصية بطريقة مبهجة وجاذبة، من خلال البنيان الجسدي، والشراسة في النظرة، وكذلك تفاعله الجيد مع المشهد التلفزيوني.

صندوق ألغاز

يندرج المسلسل المكون من سبع حلقات تحت فئة دراما صندوق الألغاز، ففي كل مرة يتم الكشف عن جزء كامن في الصراع، من المؤكد أنه لم يمر مرور الكرام في الخطة الدرامية. ويظهر التطور في الخط الدرامي للشخصية بشكل متقن، حيث أجاد "أساني" التخفي خلف الجريمة للظهور في ثوب رجل أعمال نبيل.

ومرجع أساني الأساس كان مغامرات وألغاز كتاب لوبلين، إرثه الوحيد من والده المنتحر في السجن. يقول أساني في لحظة ما: "هذا إرثي ..هذا أسلوبي.. أنا لوبين".



 تمييز عرقي

فيما نجد مساحة أخرى للتلميح للتمييز العرقي داخل السرد الدرامي، من قبل كاي وأوزان، حين يجد الشرطي يوسف (سفيان كراب) حلًا سليمًا للغز متحف اللوفر، ونظرًا لأنه من أصول شرق أوسطية، يتم تجاهله من قبل زملائه البيض في جهاز الشرطة. وحتى الصحفية الفرنسية (آن بينوا) طردت من عملها، على معايير متعلقة بعمرها وجنسها، هذا التنقل بين المركزي والهامشي من الشخصيات، وكذلك الحدث، يزخم الفكرة العرقية التي يدور حولها الجدل في النص، والتي هي في الأصل من صنعت الصراع.

ويتجدد التصوير الفوتوغرافي للمصورَين  كريستوف نوينز، ومارتيال شميلتز، إذْ يستخدمان تنوع الإضاءات والعدسات والظلال الأمامية، لإخفاء هوية أساني في الكثير من الالتقاطات، وتفرض مهاراتهما في التعتيم والإضاءة جوًا من الغموض، كأداة مساهمة في تقنية مشاركة اللحظة الدرامية الغامضة، وهو ما يدعم حرفية المسلسل.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com