الباحثة السورية هلا قصقص توثق "مساجد دمشق في العصر المملوكي"
الباحثة السورية هلا قصقص توثق "مساجد دمشق في العصر المملوكي"الباحثة السورية هلا قصقص توثق "مساجد دمشق في العصر المملوكي"

الباحثة السورية هلا قصقص توثق "مساجد دمشق في العصر المملوكي"

توثق الباحثة السورية هلا قصقص، في كتابها "مساجد دمشق في العصر المملوكي"، حقبة مهمة في تاريخ العاصمة السورية دمشق.

والكتاب دراسة تاريخية عمرانية، تدخل في صلب اختصاص قصقص العلمي للحصول على شهادة الدكتوراه في تاريخ الفن والتراث الدمشقي.

ويسلط الكتاب الضوء على جوانب متنوعة من العصر المملوكي في دمشق، إذ شهد حياة غنية مزدهرة في مختلف النواحي الفكرية، ما أدى إلى نهضة عمرانية لم تشهدها المدينة من قبل.



وعلى الرغم من أن الفترة المملوكية كانت فترة حروب، فإن الأمراء المماليك اهتموا أشد الاهتمام ببناء مساجد ومدارس ومنشآت عمرانية أخرى، كانت بدورها مراكز علمية لمختلف أنواع العلوم، الدينية منها والدنيوية.

وأشار الكتاب إلى أن النهضة الثقافية والمعرفية أدت إلى ظهور مئات المؤلفات والكتب والتراث الضخم في مختلف أنواع الفنون والعلوم.

وأعان على اهتمام السلاطين والولاة بالحركة العمرانية، ما شهدته دولة المماليك من رخاء وثروة، فضلا عما تسبب به التتار من خراب دفع ولاة الأمر في دمشق إلى تسريع الحركة العمرانية، لترميم الأضرار، لتتفوق دمشق على حواضر العالم الإسلامي من حيث العمران والسكان.

ويسعى الكتاب، من خلال السياق التاريخي والعمراني، إلى تصنيف مساجد دمشق في العصر المملوكي، من خلال تحديد مواقعها وتاريخها وترجمة المؤسس لها، وما إلى ذلك من تفاصيل غنية تفتح للقارئ الباب للدخول إلى تلك المساجد والتجول في أركانها بعد معرفة تفاصيلها التاريخية.



ويحفز الكتاب تحليل الواقع الحالي ومقارنته مع ما جاء في المصادر السابقة للتوصل إلى دراسة أنماط العمارة المملوكية، والعمل على التمييز بين العناصر المعمارية القديمة، والأجزاء المرممة، والأجزاء المضافة على الكتلة المعمارية والمشيَّدة في عصور لاحقة.

وفي حديث خاص لـ"إرم نيوز" قالت قصقص إن "صور المدارس والخانات والحمامات والبيمارستانات، وجميع الأماكن الأثرية في دمشق، ولا سيما المساجد، لطالما استوقفت انتباهي فكنت أقصدها في غير أوقات الصلاة، لأتأملها في صمت وسكون، وأستجلي محاسنها دون أن يعكر صفوي أحد، فأتأمل عقودها وسقوفها ومحاربها ومنابرها، وأملأ نفسي من جمالها وصفائها، وأصور ما شئت من جوانبها وتفاصيلها".

وأضافت "لاحظت أن الناس قليلا ما يلتفتون إلى جمال المساجد، ولا يحسون بجلالها وقدسيتها، من خلال النظر إلى محاسنها، وإنما يأتونها فقط ليؤدوا فرضا واجبا، كأنهم يؤدون دينا ثقيلا يحمدون الله على الفراغ منه، وهل هناك أجمل من الاعتكاف في مسجد بديع الصنعة جميل التقاسيم صاغ الإيمان عمده وعقوده وسقفه".

وتابعت "من هنا ابتدأ الطريق في رحلة توثيق المساجد الدمشقية الأثرية بتاريخها وتفاصيلها وتطورها من طراز إلى آخر، ابتداء من العصر الأموي والنوري والأيوبي والمملوكي وانتهاء بالعصر العثماني".



وقسمت الكاتبة بحثها إلى 3 فصول رئيسة، الأول يتناول الحديث عن الفضاء العام لمدينة دمشق في العصر المملوكي، والحياة الغنية والمزدهرة بمختلف النواحي الفكرية التي أدت إلى نهضة عمرانية لم تشهدها دمشق من قبل، وكيف ساهمت تلك النهضة بتطوير تخطيط المدينة العمراني، وذلك بإنشاء أحياء جديدة خارج السور، وإقامة منشآت عمرانية بعضها ديني كالمساجد والخوانق والربط والزوايا، وبعضها علمي كالمدراس الدينية والطبية والعلمية، والآخر اجتماعي كالأسواق والحمامات والبيمارستانات والمتنزهات.

أما الفصل الثاني فتناول الحديث عن مساجد دمشق في العصر المملوكي، بترتيب زمني بدءا بمساجد دولة المماليك البحرية، وهي الأفرم وتنكز والكريمي والسادات والسنجقدار، ثم مساجد دولة المماليك البرجية، وهي السلحدار والشحم والطاووسية والتينبية والفارسية ومنجك والسقيفة وبلبان والتوريزي والمزار والورد وهشام والجوزة والدلامية والشاذبكية والمعلق والصابونية والبزوري والحيوطية والسيبائية.

وكانت البداية في تحديد موقع كل مسجد، ثم الحديث عن تاريخه، وسبب تسميته، واسم منشئه أو واقفه، مع التعرض إلى أهم الأحداث التي عاشها. وبعد ذلك ما هي إلا دراسة تحليلية للمسجد، جاءت على الترتيب التالي، الواجهة والمدخل وجميع العناصر الزخرفية فيها من مقرنصات وحشوات وزخارف هندسية وكتابية، وبعدها الصحن بعناصره المختلفة من أرضية وواجهات وبحرة، ثم الرواق إن وُجِد، والحرم بجميع تفاصيله من واجهات وسقف وأعمدة وأقواس، والدخول في تفاصيل المحراب والمنبر، وأخيرا دراسة تحليلية للمئذنة.

والفصل الأخير دراسة معمارية لجميع عناصر المساجد الدمشقية في العصر المملوكي من واجهات وأبواب ونوافذ ومآذن وقبب وأقواس وأعمدة، فضلا عن العناصر التزيينية الغنية التي تميزت فيها العمائر المملوكية، وأساليب ومواد الزخرفة والتزيين، ومنها الزخارف الهندسية والنباتية والكتابية وأعمال الخشب والحجر والقاشاني والمقرنصات، وانتهاء بعنصر الرنك الذي تميزت به المساجد المملوكية الدمشقية عن غيرها من العصور السابقة واللاحقة.



ويتطرق الكتاب لأسباب تسمية المساجد المملوكية التي تمتاز بغرابتها، إذ شهد بعضها تحورا مع الزمن باستبدال أحرف بأخرى لاستسهال اللفظ.

وقالت قصقص "واجهت في بحثي صعوبات متعلقة بالزيارات الميدانية، في ظل الحرب، فالدخول إلى الأماكن الأثرية وتصويرها بات أمرا مستحيلا دون تصريح، أما ظروف التصوير فكانت غير داعمة بسبب الإضاءة والفوضى والاكتظاظ، خاصة خلال أوقات الصلاة".

"مساجد دمشق في العصر المملوكي" من إصدارات دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع، دمشق، ويقع في 288 صفحة من القطع المتوسط.

عن الباحثة

هلا قصقص، كاتبة وباحثة سورية في تاريخ الفن والتراث الدمشقي. صدر لها مجموعة كتب عن تاريخ العاصمة السورية، منها "مساجد دمشق في العصر العثماني"، و"المقهى الشعبي الدمشقي" الذي حازت عنه جائزة خير الدين الأسدي عام 2020. تنشر مقالاتها وأبحاثها في دوريات عربية وعالمية عدة.

 

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com