مسؤول أمريكي: الولايات المتحدة لا تعتقد أن إيران تريد الانجرار إلى حرب شاملة
تصنع رواية “الديوان الإسبرطي” لصاحبها المتوج بجائزة "البوكر" لعام 2020، الروائي الجزائري عبد الوهاب عيساوي، الكثير من ردود الفِعل وسط النقاد والروائيين الجزائريين، لجرأة طرح الكاتب وخوضه في فترة مهمة من تاريخ الجزائر، يتحاشاها كثيرون.
وتحاكي الرواية حقبة الوجود العثماني والاحتلال الفرنسي ببلاده في الفترة الممتدة من عام 1815 إلى 1834، في مدينة المحروسة (الجزائر)، تتمحور حول خمس شخصيات سرد عيساوي أدوارها في 384 صفحة، أصدرتها دار ميم الجزائرية للنشر، لصاحبتها أسيا علي موسى.
تتويج آخر للأدب
يعرب الروائي الجزائري عيساوي في حديث مع "ارم نيوز"، عن سعادته لإهداء بلاده جائزة "البوكر" التي تعد الأولى من نوعها لروائي جزائري، معبرا عن أمله في أن يفتح تتويجه الباب أمام الروائيين الجزائريين ويكسر الجمود المخيم على المشهد لتحقيق نجاحات مستقبلية للأدب الجزائري.
وعن إنتاجه الإبداعي يقول "هي رواية تاريخية صدرت قبل سنتين في المعرض الدولي للكتاب لعام 2017، تتكلم عن فترتين زمنيتين ابتداء من عام 1815 وهو تاريخ هزيمة نابليون بونابرت في "واترلو" قرب بروكسل عاصمة بلجيكا وتنتهي أحداثها في عام 1833-1834 بقدوم اللجنة الأفريقية إلى الجزائر".
وتتجسد الرواية، حسب عيساوي، في خمس شخصيات تتحدث عن احتلال الجزائر، منها شخصيتان فرنسيتان هما الضابط “كافيار” الذي كان جنديا في جيش نابليون ليجد نفسه أسيرا في الجزائر، ثم مخططا لحملة الاحتلال، بالإضافة إلى الصحفي “ديبون” الذي لا يوافق على طريقة الاحتلال.
أما الشخصيات الجزائرية الثلاثة تتباين مواقفها من الوجود العثماني في الجزائر، كما تختلف في طريقة التعامل مع الفرنسيين، وهي ممثلة في “إبن ميار” المستشار عند الداي وهو من الأشراف والأعيان في الجزائر وكان مدافعا عن العثمانيين.
بالمقابل يتبنى الشاب “حمة السلاوي” وجهة نظر أخرى إذ شارك في المعارك ضد المستعمر الفرنسي بضاحية سيدي فرج غرب العاصمة، أما الشخصية الخامسة فهي المرأة "دوجة" التي تتعرض للكثير من الظلم على يد الاحتلال ولكنها لا تستطيع تغيير الوضع.
انتقائية القراءة
ولأن لكل رواية منتقدين، لم تحد "الديوان الإسبرطي" عن ذلك، وهو ما يجعل الروائي يرد قائلا "علينا الاتفاق على فكرة أن عبد الوهاب ليس من ينتقد الفترة العثمانية وإنما الشخصية الروائية هي من فعلت ذلك عن طريق ثلاث شخصيات جزائرية، واحدة تقف على الهامش وليس لها أي إيديولوجية، وأخرى متفقة مع العثمانيين وثالثه تعارضهم".
وأبرز الروائي الجزائري "المنطقي أن أي شخص يريد كتابة رواية فإنه يحاول تقديم كل وجهات النظر الموجودة وليس من المعقول تقديم وجهة نظر واحدة، وهذا ما تطرقت له الرواية ".
وأضاف "من قالوا إن الرواية تنتقد التواجد العثماني في الجزائر استهدفوا شخصية واحدة ونسوا الأخرى التي تدافع عن العثمانيين وترعى مصالحهم، وفي حقيقية الأمر مشكلتنا مع القراءة في الجزائر هي الانتقائية".
يسترسل عيساوي في نفس السياق "لم أجد شخصا من الذين انتقدوا قرأو الرواية، بل هي مجرد أفكار محمولة ووجهات نظر سماعية، وفي نظري الرواية الجيدة التي تجعل القارئ يعود إلى البحث وديوان الإسبراطي رواية تحرض الناس على القراءة لأن الجزائريين لديهم مسافة بينهم وبين تاريخهم وبالتالي لما تستفزهم الرواية سيعودون للقراءة والنبش في التاريخ وهذا نجاح بحد ذاته".
وعن شغفه وتركيزه على هذا النوع من الرواية، يقول "الرواية التاريخية تُعطيك فرصة لقراءة التاريخ و استيعاب الحاضر"، كاشفا عن تحضيره لمشروع روائي جديد يرتكز على التاريخ أيضا ويسلط الضوء على قضايا وطنية في بلاده.
ترجمة للإنجليزية
هذا وحصل عبد الوهاب عيساوي على الجائزة النقدية البالغة قيمتها 50 ألف دولار، إضافة إلى ترجمة روايته إلى اللغة الإنجليزية، والجائزة العالمية للرواية العربية، هي مكافأة سنوية تختص بمجال الإبداع الروائي باللغة العربية، أطلقت في أبوظبي العام 2007، وتقوم "هيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة" في الإمارات بدعمها ماليا.
وعيساوي روائي جزائري من مواليد 1985 بمدينة الجلفة، مُهندس دولة إلكتروميكانيك ويعمل كمهندس صيانة، فازت روايته الأولى "سينما جاكوب" بالجائزة الأولى للرواية في مسابقة رئيس الجمهورية عام 2012، بالإضافة لتتويجه تنويه جائزة الشارقة عن مجموعته "حقول الصفصاف" 2013.
كما فاز بجائزة آسيا جبار للرواية عام 2015 التي تعتبر أكبر جائزة للرواية في الجزائر، عن رواية "سييرا دي مويرتي"، أبطالها من الشيوعيين الإسبان الذين خسروا الحرب الأهلية وسيقوا إلى معتقلات في شمال أفريقيا.
في العام 2016، شارك في "ندوة" الجائزة العالمية للرواية العربية (ورشة إبداع للكتاب الشباب الموهوبين)، وفازت روايته "الدوائر والأبواب" بجائزة سعاد الصباح للرواية 2017، كما فاز بجائزة كتارا للرواية غير المنشورة 2017 عن عمله "سفر أعمال المنسيين".
إشادة
وكتب الروائي الجزائري أمين الزاوي وهو عضو في لجنة تحكيم جائزة بوكر "هنيئا للروائي عبد الوهاب عيساوي هذا الفوز المستحق عن روايته "الديوان الإسبرطي".
واعتبر الزاوي في منشور له أن "الرواية المكتوبة بلغة عالية وسردية فاتنة وذكية بعيدا عن الحشو والنفخ اللغويين، مسكونة بالاقتصاد اللغوي على الرغم من حجمها الكبير 384 ص، تقرأ التاريخ الجزائري والمتوسطي بكل عنفه غير منفصل عما يجري من حولنا في الراهن".
وأضاف "فوز هذه الرواية هو اعتراف بما حققته الرواية الجزائرية من تكريس جماليات جديدة، من خلال الأسماء الجادة بعيدا عن عقدة الأجيال".
بالمقابل دون الإعلامي الجزائري نجيب بلحيمر "تتويج رواية الديوان الاسبرطي لعبد الوهاب عيساوي بالبوكر إنجاز مهم للأدب الجزائري. القراءة أفضل طريقة لتهنئة عبد الوهاب ودار ميم".