بعد الهجوم على "الضاحك الباكي".. لماذا لا تحقق أعمال السيرة الذاتية نجاحًا في مصر؟

بعد الهجوم على "الضاحك الباكي".. لماذا لا تحقق أعمال السيرة الذاتية نجاحًا في مصر؟

خيّب مسلسل "الضاحك الباكي" الذي يتناول السيرة الذاتية للفنان الراحل نجيب الريحاني، آمال الجمهور الذي انتظر بشغف هذا العمل الذي يتناول حياة واحد من أهم الفنانين في تاريخ الفن العربي، وصاحب مدرسة فنية فريدة، حيث تعرض لانتقادات واسعة من الجمهور والنقاد منذ عرض الحلقة الأولى منه، واتهم بالرتابة وبطء الإيقاع.

وخرج صناع العمل عن المألوف، فبدلا من أن يقوموا بتبرير الأخطاء، قاموا بمهاجمة الجمهور والنقاد، واصفين الهجوم على المسلسل بـ"الحملة الممنهجة" التي تستهدف الفن المصري ككل، وليس المسلسل فقط.

ورغم أن المسلسل تحت قيادة واحد من أهم مخرجي مصر، وهو المخرج محمد فاضل صاحب التاريخ الزاخر بالأعمال الفنية الناجحة، التي حوت كبار نجوم الفن في الوطن العربي، والذي يعود بعد غياب طويل عن الفن، إلا أن ذلك لم يشفع له أمام النقاد الذين وصفوا العمل بالضعيف في كل عناصره.

يذكر أن "الضاحك الباكي" ليس العمل الأول من أعمال السيرة الذاتية الذي يتعرض للإخفاق، فعادة هذه النوعية من الأعمال لا تحقق نجاحا في مصر لأسباب عديدة نستعرضها في السطور التالية.

ارتباط الجمهور بالشخصية الأصلية

قالت الناقدة المصرية ماجدة خير الله، "إن من ضمن أسباب (فشل) أعمال السيرة الذاتية في مصر، ارتباط الجمهور بالشخصية الأصلية، وعدم الدقة في اختيار فريق العمل، سواء البطل أو الأشخاص المحيطين به، حيث إن العمل لا يتناول حياة الشخص فقط، ولكن يتناول عالمه بالكامل بالأشخاص المحيطين به، ودائما ما يخفق المخرج في اختياراته؛ مما يجعل الجمهور يعزف عنه، ويعرض العمل للفشل".

وأشارت إلى أن "مسلسل (أم كلثوم) الذي جسدت بطولته الفنانة صابرين يعد أفضل عمل ينتمي للسيرة الذاتية، ورغم أنه كان من الممكن أن يكون أفضل من ذلك، إلا أنه أظهر الشخصيات بدقة، من حيث الشكل والأسلوب".

وأضافت خير الله في تصريحات لـ"إرم نيوز": "من الأسباب التي تؤدي إلى فشل أعمال السيرة الذاتية، هي تدخل أسرة الشخص في الكتابة، ورفض إظهار الجوانب السلبية في حياته، وإظهار الشخصية بشكل مثالي وكأنه ينتمي للملائكة وليس للبشر، مما يعد تزييفا واضحا في التاريخ، ويؤدي إلى تلف العمل الفني".

وتابعت: "تدخل أسرة الشخصية في العمل وصل إلى أنه في أحد الأعمال التي تناولت حياة الرئيس المصري السابق جمال عبدالناصر، تدخلت ابنته ورفضت أن يتم إظهار والدها وهو يرتدي البيجاما، وقالت إنه لا بد من الحفاظ على صورة عبدالناصر وألا يظهر للجمهور بهذا الشكل، وكأن عبدالناصر كان ينام ببذلته، كذلك شخصية سيد درويش، فبرغم أنه لم يتم إنتاج عمل خاص به، إلا أنه ظهر في أكثر من عمل، ومن المعروف في التاريخ أنه كان يتعاطى مخدر الحشيش، وحينما أراد الكتاب تناول هذه النقطة رفض حفيده وقال إن هذا غير صحيح".

وأردفت الناقدة المصرية: "الشخصية هي في النهاية بشر، لها جوانب إيجابية وسلبية، ولا بد من إظهار الجانبين إن أردنا التعرض للشخصية".

وعن رأيها في مسلسل "الضاحك الباكي" قالت خير الله: "ضعيف وجاء مخيبا للآمال، ارتباك في الكتابة والإخراج، ورتمه ضعيف وممل، ويبررون ذلك بأنه مواكب للعصر الذي ظهر فيه نجيب الريحاني، وهذا غير صحيح، لأن الأفلام التي قدمها الريحاني كانت أفضل من المسلسل بكثير، وكانت سريعة عنه".

وأشارت إلى أن المخرج محمد فاضل رغم تاريخه الطويل إلا أنه أخفق في اختيار الأبطال، كذلك أخفق محمد أبو الغيط في السيناريو، موضحة أنه من الممكن أن بُعد فاضل عن الإخراج لسنوات عديدة جعلته غير ملم بالتطورات والتقنيات الحديثة، وجعله ينسى بعض الأشياء.

وواصلت خير الله: "لو شاهدت المسلسلات التي تعرض حاليا ستجد أن الكادر مختلف، ورتم العمل أسرع، ففي الحقيقة المخرج محمد فاضل صدمني وصدم الجمهور بهذا العمل".

وأضافت أن "الفنانة فردوس عبدالحميد تؤدي بطريقة قديمة وكأنها ما زالت تمثل في فترة الستينيات، ولا تتغير، عكس الفنانة أمينة رزق التي دائما ما كانت تطور من نفسها، وتظهر بشكل مختلف في كل عمل، وليس وحدها، بل فريق العمل بالكامل، فبرغم أن عمرو عبدالجليل بطل العمل من الجيل الحالي إلا أن إيقاعه قديم".

اختلاف الصورة الذهنية

من جانبها، أشارت الناقدة الفنية المصرية ماجدة موريس إلى أن "هناك العديد من الأعمال الفنية التي تنتمي لنوعية أعمال السيرة الذاتية حققت نجاحا كبيرا في مصر، على رأسها مسلسل (أم كلثوم)، إلا أنه في الحقيقة هناك أعمال كثيرة أخفقت، ويرجع ذلك إلى عدة أسباب، منها اختلاف الصورة الذهنية لدى الجمهور عن الشخص سواء فنان أو شخصية عامة عما يتم في العمل مما يجعله يعزف عن مشاهدته".

وأضافت موريس لـ "إرم نيوز": "دائما تكون الصورة الذهنية لدى الجمهور مختلفة عن العمل الذي يقدم، وذلك من خلال البرامج والكتب التي تتحدث عن الشخصية، والتي غالبا ما يأتي العمل مخالفا لها، فيبدأ مخ المشاهد يكذب الأحداث ويرفض أن يوافق على أن يرى الشخصية بهذا الشكل، كما أن عدم الدقة في اختيار الممثل الذي سيجسد الشخصية هي سبب رئيس في فشل العمل، فالشخصية إما أن يتم اختيارها من حيث التشابه في الشكل والجسد، فيرتبط الجمهور بها، أو أن يعبر الفنان عن الشخصية بأدائه وتعبيراته، فيتأمل الجمهور الشخصية والأداء ويتغاضى عن الشكل".

وأشارت إلى سبب آخر من أسباب إخفاق أعمال السيرة الذاتية قائلة: "كذلك بعض الوقائع السلبية في العمل تجعل المشاهد يرفض العمل، مثلا أن تكون الشخصية تعرضت لفقر شديد، أو أنه كان يشرب الخمر، فالسيرة الذاتية هي نهج العلاقة بين المشاهد والشخصية المقدمة، ولا بد أن يكون المشاهد متذوقا للفن ويعلم أنه لكل شخصية سلبيات وإيجابيات".

وعن رأيها في "الضاحك الباكي" قالت: "هناك عناصر كثيرة أدت إلى فشل المسلسل، منها بطل العمل عمرو عبدالجليل، الذي قدم شخصية الريحاني بأسلوبه هو وليس بأسلوب الريحاني، كما أن عامل السن كان مهما، فكيف لعمرو أن يجسد شخصية الريحاني في مرحلة شبابه وهو اقترب من 60 عاما، كذلك فردوس عبدالحميد التي جسدت شخصية أم لطفل رضيع، رغم تقدمها في العمر".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com