قرار الرئيس الأميركي باراك أوباما بالتدخل بشكل مباشر في الحرب الأهلية في سوريا من خلال تقديم المساعدات الفتاكة المحدودة لبعض أعضاء المعارضة السورية، هو التزام كبير في السياسة الخارجية، لكنه أيضا قرار مرتبك ومختلط.
ويقول المحلل السياسي البارز ميكاه زينكو، عضو مجلس العلاقات الدولية الأميركي "بصرف النظر عن أن قضية استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا استندت إلى أدلة غير مؤكدة، وأن الإدارة الأميركية قررت تسليح المتمردين حتى قبل أن يتاح لها الأدلة".
وتابع في تحليل لمجلة "فورن بوليسي" يقول "لننسى أن الرئيس نفسه قال إنه لا يعتقد أن تسليح المتمردين سوف يحقق الكثير، وأن 20 في المائة من الشعب الأمريكي يؤيدون قراره، ولنغض الطرف عن أن المحللين رفضوا ذلك باعتباره متأخرا جدا".
فالأكثر إثارة للقلق حول هذا التحول في السياسة الأميركية كان لعدم وجود خطاب أو تصريح من الرئيس، أو أي مسؤول وزاري، للتعبير بوضوح سبب تعميق الولايات المتحدة لمشاركتها في هذا الصراع بالشرق الأوسط، وما هي مصالح واشنطن التي تهددها الحرب الأهلية، وما الهدف الاستراتيجي الذي تأمل في تحقيقه.
ويقول المحلل "عندما سئل مباشرة عن قراره تقديم المساعدة تلك، قال أوباما: لا أستطيع ولن أعلق على تفاصيل حول برامجنا المتعلقة بالمعارضة السورية."
ورغم أن الأسباب التي أعلنتها الإدارة تتداخل جزئيا، فقد وضع المسؤولون أكثر من عشرة أهداف للولايات المتحدة وشركائها في سوريا في غضون 12 يوما الأخيرة، وهذا المزيج من الأهداف من دون هدف واحد مفصلي واضح، ينبغي أن يقلق جميع الأميركيين.
ويرى المحلل أن سياسة أوباما بشأن سوريا تشبه إلى حد بعيد اقتباسا من محادثة بين أليس والقط شيشاير في رواية "أليس في بلاد العجائب" عندما قال الهر للفتاة "إذا كنت لا تعرفين إلى أين أنت ذاهبة، فإن أي طريق ستأخذك إلى هناك."
والأثر العملي من التحول في السياسة هو أن أميركا الآن مرتبطة رسميا بالجيش السوري الحر، التابع اللمجلس العسكري الأعلى والذي يرأسه جنرال الجيش السوري السابق سالم إدريس.
وتابع المحلل "قبل فترة وجيزة أعلن البيت الأبيض استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا، وحذر إدريس قائلا: إذا لم نحصل على الذخيرة والأسلحة ... لتغيير التوازن على الأرض، أستطيع أن أقول نحن لن نذهب إلى جنيف."
وأضاف "امتثالا لشرط إدريس، قدمت الولايات المتحدة الأسلحة على أمل أن الجنرال قد يقرر حضور جنيف في مرحلة ما في المستقبل، وهذا أمر يوضح في وقت مبكر من الذي لديه القدرة على التاثير في الآخر".