فكرت مرة بعد مرة أن أترك موضوع مقالي اليوم، إلا أنه لم يتركني فكل يوم خبر جديد، وبت أخشى أن تأتي الأخبار من بلادنا فكان هذه المقال.
في أواخر الشهر الماضي وافقت ارلندا على زواج الجنس الواحد، أو ما يعرف باسم مثليي الجنس الذين كنا نسمّيهم شاذين جنسياً، ثم أصبحت هذه العبارة ممنوعة وقائلها يُتَّهَم بالتعصّب والانغلاق والتخلف.
ارلندا كاثوليكية وقرارها أثار ضجة في إيطاليا الكاثوليكية مثلها، وطالب رجال في حكومة رئيس الوزراء ماتيو رينتزي بتصويت مماثل لما جرى في ارلندا حيث أيَّد 62 في المئة من الكاثوليك زواج الجنس الواحد رغم أن الإنجيل قال صراحة في رسالة رومية على لسان بولص الرسول (الفصل الأول، الأعداد 18-32) إن الجنس بين رجل ورجل أو امرأة وامرأة خطيئة «وغضب الله معلن من السماء على جميع فجور الناس...» وموقف الإسلام معروف ولا يحتاج إلى شرح.
مرة أخرى، كنت وضعت أخبار ارلندا وإيطاليا جانباً عندما ثارت ضجة هائلة بعدما ازدان غلاف مجلة «فانيتي فير» بصورة امرأة في ثوب سباحة ومعها عبارة تقول: نادوني (باسم) كيتلين.
المجلة الواسعة الانتشار باعت أضعاف معدلها العام، ومثل ذلك برنامج تلفزيوني سابق شهده 17 مليون متفرج. لماذا؟ لأن كيتلين جانر كانت رياضياً اسمه بروس جانر، فاز بالميدالية الذهبية للألعاب العشرية في أولمبياد مونتريال سنة 1976. عمر جانر، أو عمرها، اليوم 65 عاماً، وصورة المجلة لامرأة حسناء لا يبدو أنها تجاوزت وسط العمر. وهو (أو هي) يواجه الآن قضية حادث سير سقط فيه قتيل وجرحى.
مرة أخرى، فكرت مرتين وقررت أن من الأفضل تجاهل الموضوع لولا أن خبرَيْن تزامنا وجعلاني أقدِّر مدى خطر أن نفعل في بلادنا ما يفعلون، وعندنا في لبنان المَثل الشعبي «كل شي افرنجي برِنْجي»، أي جيد. في يوم واحد قرأت أن نك غيب، وزير المدارس البريطاني، أعلن أنه سيتزوج مايكل سيموندز بعد علاقة خفية عمرها 29 سنة، ثم قرأت أن دنيس هاسترت، وهو نائب جمهوري سابق من الينوي، سيُحاكَم بتهمة الاعتداء الجنسي على أطفال ودفع مبالغ كبيرة لإسكات ضحاياه. هاسترت كان رئيساً لمجلس النواب الأميركي عبر ولايتَيْن، ولكن أهم من هذا أنه كان معلم مدرسة حتى سنة 1981 ومدرّب مصارعة.
وهكذا فنحن أمام رجلَيْن في موقع المسؤولية، أميركي اعتدى على صغار، وبريطاني من الشاذين جنسياً، عفواً مثليي الجنس. كل هذا وقصة اللورد جانر، اليهودي البريطاني مستمرة، وآخر عناوينها اعتداؤه على صغير في اسكتلندا.
التفاصيل فضيحة، وحتماً لن أدخل فيها ولو بالإشارة، وأنا لا أبشِّر، فاذا كان الغرب يريد أن يطلع من مؤسسة الزوجية التقليدية ويخالف ما نصَّت عليه الأديان التوحيدية، فهو حرٌ إلا أنني أرجو ألا تصل هذه الحرية إلينا، لذلك أتمنى لو رأينا جهداً ذكياً في كل بلد عربي أو مسلم لإبعاد الأجيال القادمة عن هذه الآفة الفظيعة. وأسمع عن مثليين في الأردن وهو بلدي وأعرفه محافظاً جداً.
مرة أخرى لا أبشِّر، وإنما أقول إن الذين يريدون مخالفة شرع الله وتقاليد عباده كان الأجدر بهم أن يكتموا عملهم بدَل أن يعلنوه من على السطوح، وأن يجعلوا مَنْ يعارضه هو المتهَم بدل أن يكونوا هم في قفص الاتهام.
أكثر الناس محافظة دينية في الغرب هم المسيحيون التبشيريون، من «حزام التوراة» في الولايات الجنوبية. وقرأت في «نيويورك تايمز» تحقيقاً على خلفية كل ما سبق يقول إن بعض أبناء هذه الطائفة بدأوا ينظرون نظرة جديدة إلى ما تضم التوراة في كثير من أسفارها من معارضة لمثليي الجنس، خشية أن يتَّهموا بالعنصرية ضد هؤلاء. التفاصيل عجيبة غريبة، ولا تصلح لمجرد إشارة في جريدة عائلية مثل «الحياة».
ربما كان ينقصنا ألف شيء ونحن نحاول السير في طريق التقدم، أختصرها كلها بعبارة تكنولوجيا حديثة. هذه استيرادها مطلوب ومرغوب. أما البِدَع الغربية فلا مجال لها في بلد عربي أو مسلم، ومقاومتها واجب وطني.