اليمن .. رفع أسعار المشتقات النفطية والكهرباء وغيرهما يثير ردود فعل متباينة

اليمن .. رفع أسعار المشتقات النفطية والكهرباء وغيرهما يثير ردود فعل متباينة

صادقت الحكومة اليمنية الشرعية في اليمن، على قرارات المجلس الاقتصادي الأعلى والتي تقضي بفرض زيادة جديدة على سعر الدولار الجمركي بنسبة 50%.

كما تقضي القرارات برفع أسعار المشتقات النفطية والغاز المنزلي في محافظة مأرب بنسبة 30%، علاوة على زيادة تدريجية في تعرفة الكهرباء والمياه، والخصم من أرصدة حسابات الصناديق.

وأثارت تلك القرارات ردود فعل متباينة في أوساط اليمنيين بين رافض لها ومدافع عنها، ففي الوقت الذي يرى فيه البعض أن على الحكومة أن تقوم بدلاً من هذه الخطوة، بترتيب الأولويات حسب الأهمية وخفض النفقات الحكومية، خصوصاً في ممثليات الخارج، يرى آخرون أنها خطوة صحيحة وصائبة، لا سيما مع توقف صادرات النفط، وانخفاض إيرادات الدولة، وزيادة عجز الموازنة.

"ثمَّة أولويات أهم أمام الحكومة من بينها الحد من الإنفاق غير الضروري، مثل الانفاق المفرط على التمثيلات الدبلوماسية في الخارج"
أستاذ الاقتصاد اليمني في جامعة عدن الدكتور مساعد القطيبي

ثمَّة أولويات

بدوره، قال أستاذ الاقتصاد اليمني في جامعة عدن الدكتور مساعد القطيبي، إن "بعض قرارات المجلس الاقتصادي الأخيرة تعتبر جيدة ومهمة"، ولكنه يرى أن "هناك أولويات أخرى كان الأحرى بالمجلس الاقتصادي وبالحكومة البدء بها، كونها الأساس الذي ينبغي أن تُبنى عليه أي قرارات اقتصادية".

وتطرق القطيبي في حديثه لـ"إرم نيوز"، إلى تلك الأولويات ومنها "ترشيد الانفاق الحكومي، والحد من الإنفاق غير الضروري، ومنه الإنفاق المفرط على التمثيلات الدبلوماسية في الخارج، علاوة على ضبط الموارد المالية وإعادة تفعيلها وتنميتها، والتي ستمثل رافدًا كبيرًا للدولة سيمكنها (في حال استغلالها) من تغطية نسبة كبيرة من عجز الموازنة".

"هذه القرارات تمهد للمزيد من المعاناة والويلات للشعب اليمني الذي بالكاد يجد غالبيته ما يسد الرمق من الجوع ويأكل ثلثاه وجبة واحدة باليوم"
الباحث والمحلل الاقتصادي اليمني ماجد الداعري

واعتبر القطيبي أنه "لا جدوى لقرارات اقتصادية مترتباتها السلبية ربما تفوق منافعها، وذلك في ظل عدم ضبط النفقات العامة وترشيدها، والتي تعد الخطر الأكبر الذي سيلتهم أي زيادات مستهدفة في الموارد العامة، وكذا ضبط الموارد العامة وتنظيمها والتي نرى تخاذلاً واضحاً للحكومة أمامها، مع تأكيدنا أنها ستكفينا بشكل كبير عن استجداء أي دعم خارجي في حال تم تفعيلها وتنميتها، وقبل ذلك ضبطها".

تبعات كارثية

من جانبه، وصف الباحث والمحلل الاقتصادي اليمني ماجد الداعري، القرارات الأخيرة بأنها "كارثية" وجاءت في توقيت حساس جدًّا، وتهدد الأوضاع الإنسانية في البلد وتستهدف معيشة وقوت المواطنين .

ويرى الداعري في حديثه لـ"إرم نيوز" أن هذه القرارات "تمهد للمزيد من المعاناة والويلات للشعب اليمني الذي بالكاد يجد غالبيته ما يسد الرمق من الجوع ويأكل ثلثاه وجبة واحدة باليوم".

وتحدث الداعري عن الأولويات التي كان على الحكومة القيام بها قبل اللجوء لهذه القرارات، قائلًا: " كان على الحكومة أوَّلًا أن تحدد أولوياتها الوطنية من وراء قرارها هذا، وكيف لها أن تواجه تبعاته المعيشية على الشعب، والاقتصادية على الوطن والتجارة ومستقبل موانئ ومنافذ التصدير في المناطق المحررة".

وأضاف أنه "كان حريًّا بالحكومة أن تبدأ بتنفيذ خطوات تقشف وترشيد لكل النفقات، تبدأ من إعلانها إيقاف المرتبات والحوافز المالية الإضافية بالدولار لكبار مسؤوليها بالخارج والداخل أيضًا، والاكتفاء برواتبهم الحكومية الرسمية بالعملة المحلية، كبقية مسؤولي الحكومات بالعالم".

وتابع: "كما كان يجب على الحكومة أن توقف التعامل مع الشركات الخاصة بالتغذية والحماية والنظافة لأعضائها، وأن تقلص إنفاقها وبذخها بهذا الشأن".

"سيتأثر المواطن بشكل بسيط بهذه القرارات، بينما ستكون الفائدة أكبر له من خلال الحد من تدهور أسعار صرف العملات والحفاظ على قيمة الريال اليمني"
الباحث والمحلل الاقتصادي اليمني وحيد الفودعي
أخبار ذات صلة
بعد حملة منددة بفساد المنح.. الحكومة اليمنية تشكّل لجنة لإعداد معايير للابتعاث الخارجي

وحول إمكانية وجود آثار إيجابية لهذه القرارات، قال الداعري: "لا يوجد أي إيجابيات لصالح المواطن، وإنما الهدف من هذه القرارات هو توفير موارد للجانب الحكومي، الذي للآسف فشل في تقديم أي دور وطني أو خدمي لصالح التنمية والمواطن".

وبشأن أسباب تراجع أسعار صرف العملات في العاصمة المؤقتة عدن، يوم الأربعاء، ومدى علاقة ذلك بقرارات الحكومة، يرى الداعري أن "سعر الصرف متذبذب، يرتفع وينخفض بحسب رغبات ومصالح كبار المتحكمين بسوق الصرف ومن يتلاعبون به، ولا علاقة له بالدولة أو أي خطوات حكومية أو البنك المركزي إطلاقًا، والهدف هو أخذ فوارق صرف مهولة على حساب قيمة العملة والأسعار".

إيجابيات القرار

من جانبه، يرى الباحث والمحلل الاقتصادي اليمني وحيد الفودعي، أن "قرارات المجلس الاقتصادي ومصادقة الحكومة عليها، تعد خطوة صحيحة وصائبة، سيما مع توقف صادرات النفط، وانخفاض إيرادات الدولة، وزيادة عجز الموازنة، والتي دفعت الحكومة إلى استكمال الإصلاحات المالية".

وقال الفودعي لـ"إرم نيوز" إن "فائدة القرارات غير المباشرة على المواطن أكثر بكثير من أضرارها المباشرة، حيث سيتأثر المواطن بشكل بسيط، بينما ستكون الفائدة أكبر له من خلال الحد من تدهور أسعار صرف العملات والحفاظ على قيمة الريال اليمني".

أخبار ذات صلة
اليمن.. اقتصاديون يكشفون أسباب تراجع القيمة المصرفية للعملة المحلية بوتيرة متسارعة

وأضاف أن "عجز موازنة الدولة خلال الفصول الثلاثة الأولى من عام 2022 كان لا يزيد عن 15%، وبمجرد تنفيذ الحوثيين هجماتهم على الموانئ النفطية وتوقف صادرات النفط، خلال ثلاثة الأشهر الأخيرة، ارتفع عجز الموازنة إلى 38% ، وهذا يعني أن الحكومة بحاجة خلال العام الجاري إلى 120 مليار ريال شهريًّا لتغطية العجز، واستمرارية دفع مرتبات موظفي القطاع العام".

وحول رفع أسعار المشتقات النفطية والغاز في مأرب، أشار الفودعي إلى أن "هذا القرار طالبنا ونادينا به منذ مدة طويلة، ويعد من الإصلاحات الاقتصادية المهمة، خاصة وأن نفط مأرب يباع هناك بسعر رمزي جدًّا يبلغ 175 ريالا للتر، بينما سعر اللتر في بقية المحافظات يقترب من 1000 ريال ويزيد أيضًا، وكذلك الحال مع الغاز، كل ذلك سيزيد من إيرادات الدولة، على الرغم من أنني أتمنى أن يتم تحرير السعر بشكل كامل".

وتمنى الفودعي أن "تشمل الإصلاحات جانب ترشيد النفقات الحكومية بالعملة الصعبة، والقضاء على الفساد بأشكاله كافة".

يذكر أن الأمانة العامة لهيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، أعلنت في اجتماعها، يوم الأربعاء، رفضها لقرار الحكومة رقم 3 لعام 2023 الذي صادقت فيه على قرارات المجلس الاقتصادي، وطالبت "باتخاذ الإجراءات الكفيلة بالإلغاء العاجل لهذه القرارات".

وقالت الأمانة إن "هذه القرارات ستزيد من معاناة المواطنين في المحافظات المحررة، كما ستوقف عجلة التنمية"

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com