شاحنات تنقل مساعدات إنسانية في غزة
شاحنات تنقل مساعدات إنسانية في غزةأ ف ب

انهيار عمل المنظمات الإغاثية في غزة بفعل الإجراءات الإسرائيلية

يواجه عمل المنظمات الإغاثية العاملة في قطاع غزة، جملة من التحديات والمعيقات التي تفرضها إسرائيل، وسط ازدياد القلق حيال الأوضاع الإنسانية في القطاع، في حين أطلقت المنظمات الدولية الإغاثية نداءات عاجلة تُحذر من قُرب انهيار عمل المنظمات في القطاع.

وحذَّر مفوض منظمة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني، من أن عمليات الوكالة في القطاع "توشك على الانهيار"، ودعا مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، إلى "وقف لإطلاق النار لأسباب إنسانية وحقوقية".

مساعدات لا تكفي

وفي هذا الشأن، يرى عضو مجلس النواب المصري ورئيس الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية، الدكتور طلعت عبد القوي، أن "أهم تحدٍ يُواجه أعمال المنظمات الإغاثية في قطاع غزة هو الإجراءات الإسرائيلية بشأن تدفق المساعدات إلى المدنيين".

وقال عبد القوي لـ"إرم نيوز"، إن هناك كميات كبيرة من المواد الإغاثية والإنسانية التي تقف أمام معبر رفح المصري، في انتظار السماح لها بدخول قطاع غزة.

ورغم تقديم مصر مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة منذ اندلاع الحرب، بلغت نحو 5400 طن من المساعدات، إلا أن هذه المساعدات لا تكفي الاحتياجات المدنية، وفق تصريحات وزير الخارجية المصري، سامح شكري، خلال كلمته في "مؤتمر باريس الدولي" بشأن أوضاع غزة.

وحذَّرت الأمم المتحدة من خطورة الانتظار الطويل للسماح بدخول كميات كافية من الوقود، لأنها ستكلف مزيدًا من الأرواح، مشددةً على أن "الوضع الإنساني في غزة وصل إلى درجة لا يمكن السيطرة عليه".

شاحنات تنقل مساعدات إنسانية في غزة
هل استسلمت إسرائيل للضغوط الدولية بعد موافقتها على مزيد من المساعدات لغزة؟

استمرار أعمال الإغاثة

ورغم هذه التحديات، يتوقع الدكتور عبد القوي أن تستمر أعمال الإغاثة باستمرار الأزمة الراهنة التي تُعزز من فُرص انتشار الأمراض والأوبئة في القطاع مع اقتراب فصل الشتاء، مشيرًا إلى أن "التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي‏، أدخل مساعدات بـ500 مليون جنيه حتى الآن إلى قطاع غزة".

ولفت إلى تخوف إسرائيل من إدخال المواد البترولية إلى قطاع غزة، حتى لا تصل إلى حركة حماس، رغم قدرة تل أبيب على السيطرة على المواد البترولية، وتخصيصها للمستشفيات والمرافق الحيوية فقط.

ووفقًا لمنظمات دولية، يجب اتخاذ إجراءات فورية، والوقوف بجانب سكان غزة لتوفير المساعدة المُلحة للحفاظ على حياة المدنيين.

دور حيوي في إعادة الإعمار

أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة السويس، الدكتور جمال سلامة، فيقول إن "القرار الأممي الأخير لمجلس الأمن يسمح بتمرير الإغاثات إلى قطاع غزة، وتوقف القتال من خلال هُدن إنسانية لاستدامة إدخال المساعدات".

وبشأن الأدوار التي يمكن أن تمارسها المنظمات الإغاثية بعد انتهاء الحرب، أشار الدكتور سلامة، في حديثه لـ"إرم نيوز"، إلى أن "هذه المنظمات يمكن أن تُسهم في إعادة تشغيل البنية التحتية لتضميد جراح الفلسطينيين، خصوصًا بعد تدمير أغلبية مستشفيات القطاع، ويمكنها إعادة تشغيل المرافق الحيوية كمحطات المياه والكهرباء".

واستبعد سلامة فكرة تعاون الهلال الأحمر الدولي مع إسرائيل للمساعدة في كشف أماكن الأنفاق، جرّاء الاتهامات التي وجّهتها حماس للمنظمة، مشيرًا إلى أن "المنظمة الدولية معنية بالعمل الإنساني فقط".

وأشار رئيس منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، إلى أن "النظام الصحي في غزة على وشك الانهيار"، داعيًا إلى "وقف إنساني لإطلاق النار" للسماح بإيصال المساعدات.

وأضاف: "نحن لا نطلب المستحيل، ونطالب باتخاذ إجراءات أساسية لازمة لتلبية الاحتياجات الأساسية للسكان المدنيين، ووقف مسار هذه الأزمة".

شاحنات تنقل مساعدات إنسانية في غزة
مصدر: إسرائيل توافق على إدخال بعض الوقود للشاحنات الأممية في غزة

مقتل 100 موظف

وتُواجه المنظمات الإغاثية أنواعًا كثيرة من الإعاقات التي تجعلها غير قادرة على مساعدة ساكني قطاع غزة، وفق قول الخبير في العلاقات الدولية، الدكتور حامد فارس، الذي أشار إلى "مقتل أكثر من 100 موظف تابعين إلى المنظمات الأممية، لأول مرة في تاريخ المنظمات الإغاثية".

وأضاف فارس، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أنه "رغم إيصال المساعدات، لا تزال المنظمات الإغاثية بحاجة لدعم دولي في ظل استهداف المدارس التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في شمال قطاع غزة، وتعطيل إيصال المساعدات"، مشيرًا إلى أن "ما دخل من مواد إغاثية حتى هذه اللحظة، لا يُمثل إلا 3% فقط من احتياجات السكان".

وقد تعقد المنظمات الإغاثية الدولية بالتعاون مع المجتمع الدولي، مؤتمرًا دوليًّا بعد انتهاء الحرب لدعم إعادة إعمار غزة وتقديم المساعدات الطبية والغذائية والإغاثية للمدنيين، خصوصًا أن "القطاع بات لا يصلح للعيش" بعد تدمير أكثر من 42 ألف منزل، وفق الدكتور فارس.

شاحنة مساعدات غذائية دخلت غزة
شاحنة مساعدات غذائية دخلت غزةأ ف ب

بطء إدخال المساعدات

وفي السياق ذاته، يقول الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور رائد نجم، إنه "رغم صدور قرار مجلس الأمن رقم 2712 الذي يسمح بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة من خلال الهدن، لم يتوصل حتى الآن إلى الصيغة التي تسمح بتدفق المساعدات اللازمة إلى سكان قطاع غزة".

ولعل أبرز التحديات التي تواجه المنظمات الدولية، بطء عملية إدخال المساعدات إلى قطاع غزة، في ظل شح الوقود اللازم لاستكمال الأعمال اللوجيستية لتوصيل المساعدات إلى السكان والنازحين، وفق نجم الذي أشار إلى أن" قطاع غزة كان يدخله يوميًّا 450 شاحنة من البضائع لتوفير الاحتياجات، أما اليوم فتدخل قرابة 50 شاحنة فقط".

وقال: "ثمة تحدٍ آخر يقف عائقًا أمام المنظمات الإغاثية، يتمثل في نوعية المساعدات وكميتها التي تدخل إلى قطاع غزة، فالكمية غير كافية ولا تكفي الحد الأدنى للوفاء باحتياجات السكان وأسرهم وأطفالهم".

وأضاف نجم، أن "مدة إدخال المساعدات إلى قطاع غزة ترتبط بمدة الحرب"، مُرجحًا أن "تستمر المساعدات إلى ما بعد الحرب، لأن السكان النازحين لا يجدون بيوتًا مؤهلة لاستقبالهم، وتردي الأوضاع الإنسانية والصحية والمعيشية".  

الأكثر قراءة

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com