دبابات إسرائيلية قرب حدود قطاع غزة
دبابات إسرائيلية قرب حدود قطاع غزة رويترز

الحرب الإلكترونية.. محاولة إسرائيلية لقطع أوصال حماس

مع إعلان الجيش الإسرائيلي توسيع عملياته البرية في غزة، شهد القطاع انقطاع خدمات الاتصالات والإنترنت، حيث تُعدُّ الحرب الإلكترونية جزءًا لا يتجزأ من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وتُستخدم هذه التقنية لأغراض عسكرية وسياسية.

وبالتوازي مع العمليات العسكرية على الأرض، تستخدم إسرائيل الحرب الإلكترونية، لشل قدرات حماس من خلال استهداف شبكات الكمبيوتر وأنظمة الاتصالات التابعة للحركة لتعطيل قدرتها على التواصل وتنسيق عملياتها، وتعطيل جهود حماس الدعائية التي تدعم قضيتها، بالإضافة إلى جمع المعلومات الاستخبارية عن أنشطة الحركة وأهدافها.

منع دعم حماس

من وجهة نظر الخبير العسكري المصري، اللواء محمد الشماع، يهدف قطع الاتصالات والإنترنت عن كامل قطاع غزة، إلى حرمان جميع الفلسطينيين من التواصل مع بعضهم، بالتزامن مع انطلاق العملية البرية، ومنع مراسلي القنوات العربية من التواصل مع الرأي العام العالمي لإخباره ما يحدث في القطاع.

اللواء الشماع توقع، في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن يمنع قطع الاتصالات والإنترنت عن غزة حركة حماس والفصائل الأخرى من التواصل، أو تلقي أي دعم محتمل خلال العملية البرية الإسرائيلية، خصوصًا ما يتعلق بالتواصل مع القيادات، لإفساد خططهم للمواجهة.

دبابات إسرائيلية قرب حدود قطاع غزة
تقرير يكشف عمق الأزمة السياسية والعسكرية في إسرائيل

وتشمل الهجمات الإلكترونية الإسرائيلية على غزة، هجمات رفض الخدمة (DDoS) التي تستهدف مواقع الويب والخدمات الإلكترونية الأخرى بهدف شلها عن العمل، وهجمات اختراق البيانات التي تستهدف سرقة البيانات الحسَّاسة من شبكات الكمبيوتر التابعة لحماس.

ومن المتوقع أن تعمل حماس وفق الحالة الراهنة في ظل انقطاع وسائل الاتصال كافة من خلال وسائل تبادلية أخرى للتواصل بين عناصرها على الأرض لمواجهة القوات الإسرائيلية، لامتلاكها القدرات والإمكانيات والدعم الإيراني غير المحدود، وفق تقديرات الخبير العسكري المصري الذي لفت إلى أنه "إذا تدخلت إيران في هذه الحرب، فستكون كارثة على المنطقة بالكامل".

أجهزة متقدمة إلكترونيًّا

وفي هذا الشأن، أوضح نائب رئيس أركان حرب القوات الجوية المصرية سابقًا، اللواء طيار سمير عزيز ميخائيل، أن "إسرائيل تستخدم الحرب الإلكترونية في قطاع غزة لمنع التواصل بين أفراد حماس، ومنع نقل الصورة المحتملة للمشاهد المؤلمة في غزة إلى العالم، بهدف منع التعاطف مع الفلسطينيين".

وحذَّرت منظمات معنية بحقوق الإنسان من أن قطع الاتصالات في قطاع غزة قد "يخفي أدلة" ويُشكِّل "غطاءً لفظائع جماعية"، وقالت المسؤولة في "هيومن رايتس ووتش"، ديبورا براون، إن "انقطاع المعلومات غطاء لفظائع جماعية، ويسهم في الإفلات من العقاب على انتهاكات لحقوق الإنسان".

دبابات إسرائيلية قرب حدود قطاع غزة
منظمات حقوقية تحذر: قطع الاتصالات قد يكون "غطاء لفظائع" في غزة

وبشأن إذا ما كانت حماس تستطيع مواجهة القوات الإسرائيلية في العملية البرية على قطاع غزة، أشار الخبير العسكري ميخائيل، في حديثه لـ"إرم نيوز"، إلى أنه "واجه هذا النوع من الحرب الإلكترونية في حرب أكتوبر 1973، إذ جرى التشويش على قواته خلال مهمة ليلية، وانقطع الاتصال بينه وبين المُوجّه الأرضي الذي كان يُوجّهه في العملية".

ووفق صحيفة "EL ESPAÑOL"، إذا كان يوجد شيء تتخصص فيه إسرائيل، فهو تصميم وتطوير وتصنيع الطائرات المسيرة، لأنها تمتلك أهم شركات الطائرات العسكرية في العالم التي تصمم طائرات قادرة على عبور خطوط الخصم، دون أن ترصدها الرادارات، وتنفيذ المهمة المخصصة لها والعودة إلى قاعدتها خلسةً، وتركز أنظمتها الخاصة على الحرب الإلكترونية.

قطع شرايين الاتصال

ومن هذا المنطلق، يرى ميخائيل أن حماس لن تستطيع مواجهة الحرب الإلكترونية لعدم استعدادها، غير أن إسرائيل لديها أجهزة التنصت وأجهزة تشويش قادرة على شل حركة حماس إلكترونيًّا، وأشار إلى أن الهجوم الإلكتروني يرجّح كفة تل أبيب في العمليات العسكرية، في ظل الدعم المُقدم من أطراف دولية كبرى تمدُّها بأجهزة متقدمة تكنولوجيًّا.

ولم يتمكن الجيش الإسرائيلي من تدمير شبكة الاتصالات السرية والملاجئ ومراكز القيادة وخلايا الرهائن التابعة لحماس، وتعمل حكومة بنيامين نتنياهو للتحضير لهجوم بري كبير على القطاع، مُستخدمة جميع الوسائل المتاحة، منها قطاع الأسلحة الرائد وصفوفه المليئة بأحدث الطائرات والدبابات القتالية والصواريخ.

إسرائيل شنت هجمات إلكترونية على غزة الشهر الحالي
إسرائيل شنت هجمات إلكترونية على غزة الشهر الحاليأرشيفية - yandex.com

وبحسب تقارير إعلامية، شنَّت إسرائيل هجمات إلكترونية واسعة النطاق على غزة خلال الصراع الأخير بين الجانبين خلال الشهر الحالي، وذكرت شركة الأمن السيبراني "سيكويا" أن إسرائيل استهدفت ما لا يقل عن 100 هدف إلكتروني في غزة، منها مواقع الويب وأنظمة الاتصالات وشبكات الكمبيوتر.

ويرى الخبير العسكري المصري، اللواء أحمد المنصوري، في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن "قطع الإنترنت عن قطاع غزة مثل قطع الشرايين تمامًا، ومن المتوقع أن تجد حماس والفصائل الأخرى صعوبةً في تلقي المعلومات، ما يُسهّل مهمة القوات الإسرائيلية في المواجهة العسكرية".

تمهيد للمعركة البرية

بشأن مخاطر الحرب الإلكترونية، أوضح مساعد وزير الداخلية المصري لأمن المعلومات سابقًا، اللواء محمود الرشيدي، أن "هذا النوع من الحروب يهدف إلى شلِّ كل سُبل الاتصالات، لمنع أي تحركات تحدث من خلال الاتصالات والتكنولوجيا".

وتعتمد الحرب الإلكترونية على إيقاف الموجات الكهرومغناطيسية المستخدمة في المنطقة التي تشهد حربًا، وهذا الأمر حدث في حرب العراق بقطع الاتصالات عن المناطق كافة، تمهيدًا للدخول إلى المعركة، لذا تُعدُّ من أخطر الحروب في خط المواجهة، وتقلل الخسائر، وفق اللواء الرشيدي في حديثه لـ"إرم نيوز".

وأضاف الرشيدي أن "قطع الاتصالات يمنع الرأي العام العالمي من مشاهدة أي مشاهد في غزة، وشل قدرة الضحايا على إرسال استغاثات عاجلة إلى العالم للتدخل".

دبابات إسرائيلية قرب حدود قطاع غزة
"العفو الدولية": جرائم حرب محتملة خلال التصعيد الأخير بين إسرائيل وغزة

وأعلنت "منظمة العفو الدولية" أنها فقدت الاتصال بموظفيها في غزة، وقالت إن "انقطاع الاتصالات يعني أنه سيصبح من الصعب أكثر الحصول على معلومات وأدلة ضرورية تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب المرتكبة ضد المدنيين، والاستماع مباشرة إلى الذين يتعرضون لهذه الانتهاكات".

ورغم أن الهجمات الإلكترونية الإسرائيلية أدَّت إلى تعطيل بعض قدرات حماس الإلكترونية، لكنها لم تتمكن من تدميرها بالكامل، غير أن حماس نجحت في نشر بعض الدعاية المؤيدة لقضيتها، رغم جهود إسرائيل.

ومن المؤكد أن تكون تداعيات قطع الاتصالات والإنترنت الأمنية والإنسانية على قطاع غزة واسعة النطاق، لأنها تؤثر في الحياة اليومية للسكان، ومن بين هذه التداعيات، صعوبة التواصل بين السكان وعائلاتهم في الداخل والخارج، وتعطيل عمل المؤسسات الحكومية والخاصة، وصعوبة الحصول على المعلومات والأخبار، وصعوبة تقديم المساعدات الإنسانية.

الأكثر قراءة

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com