ليسو ملائكة و لا شياطين !
ليسو ملائكة و لا شياطين ! ليسو ملائكة و لا شياطين !
مدونات

ليسو ملائكة و لا شياطين !

غادة خليل

غادة خليل

نعم ..هم مجرد بشر !

صنعوا التاريخ و أحدثوا فرقا عظيما في تاريخ بلدانهم، لكن الوطن دائما هو الاهم و الأبقى من كل محاولة لتقديس البشر أو جعلهم في مصاف الالهة أو ما قريب من ذلك . وهذا هو درس التاريخ : أن لكل زعيم أو رمز سياسي وجها اخر لا ينتقص من مكانته بقدر ما يشير الى حقيقة أن الكمال لله وحده و أن عيوبنا جزء من بشريتنا، و بالتالي لا يصح ان نغضب اذا اشار أحدنا الى جانب سلبي في حياة زعيم او رمز نحبه . وعلى سبيل المثال ، كان ادمان القمار نقطة ضعف الزعيم سعد زغلول و الخطأ الدرامي القاتل في صانع التاريخ المصري المعاصر و مفجر أول ثورة مصرية ضد الاحتلال الانجليزي . استمع اليه و هو يقول : "كنتُ أكره القمار، ثم رأيت نفسي لعبت وتهورت في اللعب، وأتى عليّ زمان لم أشتغل إلا به ولم أفكر إلا فيه ولم أعمل إلا له ولم أعاشر إلا أهله، حتى خسرت فيه صحة وقوة ومالاً وثروة".

ويضيف " مانديلا مصر " الذي وقع تحت طائلة ديون كثيرة بسبب لعبه القمار: "ما كنت أصغي لنصائح زوجتي ولا أرق لتألمها من حالتي ولا أرعوي عن نفسي"، و إني أوصي كل من يعيش بعدي من لهم شأن في شأني، أني إذا مت من غير أن أترك اللعب ألا يحتفلوا بجنازتي ولا يحدوا علي ولا يجلسوا لقبول تعزية ولا يدفنوني بين أهلي وأقاربي وأصهاري، بل بعيدًا عنهم وأن ينشروا على الناس ما كتبته في اللعب، حتى يروا حالة من تمكنت في نفسه هذه الرذيلة وبئست العاقبة".

ويقول: "كذلك يتمثل بخاطري من وقت إلى وقت ما نزل بي من الخسائر في القمار من يوم ما تعلمته لغاية الآن، وهي لا تقل عن ثلاثين ألف جنيه، فتؤلمني هذه الذكرى إيلامـًا شديدًا ويؤلمني ما لقيت في هذا السبيل من كدر العيشة المنزلية وما ترتب على سلوكه من إيلام قرينتي وإيذاء شهرتي وسقوط منزلتي خصوصـًا أمام نفسي". ويضيف في موقع آخر من المذكرات: "والله لقد أصبحت أستحيي من نفسي وأذوب خجلًا من أمري ولا يفتأ ضميري يوبّخني كلما خلوت وحدي. ويل لي من الذين يطالعون من بعدي هذه المذكرات ومن حُكمهم على تمكُّن الفساد من نفسي ورسوخ أصوله في قلبي".

وفي لحظة سوداء يفكر في الانتحار بسبب تلك الافة اللعينة التي ملكت عليه كيانه فيكتب: "إن لم أرتدع بعد هذا فمن اللازم أن أستعدّ للانتحار؛ لأنه هو آخر ملجأ يلجأ إليه مَن تولى الضعف نفسهم "

و الحمد لله أن الامور لم تصل بهذا الزعيم إلى هذا الحد ولم ينتحر ، بل أن الشعب المصري كان و لا يزال شديد التقدير له و لمنجزه الوطني الرائع و هذا بحد ذاته يثبت كيف أن نقائصنا البشرية لا تعيب مسيرتنا في ميزان التاريخ .

التالي