سيدة المطار ... حدوتة مصرية!
سيدة المطار ... حدوتة مصرية! سيدة المطار ... حدوتة مصرية!
مدونات

سيدة المطار ... حدوتة مصرية!

محمد بركة

محمد بركة

لا صوت يعلو في مصر الآن على  دراما " سيدة المطار " !

المصريون حائرون ..يتساءلون في جنون : من هي ؟ من يقف وراءها ؟ هل هي سيدة جبارة ترفع شعار نادية الجندي أيام مجدها الغابر: " أنا براوية و الأجر على الله " أم مكسورة الجناح لا حول لها و لا قوة تؤمن بمبدأ : يا حيطة داريني ؟

الحكاية بدأت بفيديو تداوله رواد مواقع التواصل الاجتماعي لسيدة - تبين فيما بعد أنها مهندسة ديكور- تشتبك مع أحد ضباط الأمن في المطار استعدادا للسفر إلي الغردقة و تنهال عليه لوما و تقريعا بسبب تأخيرها عن اللحاق بطائرتها ، بينما الضابط يبتلع الاهانة في صمت بحسب اللقطات المصورة !

انقسم المصريون – كعادتهم دائما - إلي حزبين " مع " و " ضد " على طريقة الأهلي و الزمالك . الحزب الأول يتعاطف معها باعتبارها ضحية ظلم الأجهزة الأمنية و تعسف الضباط الذين أخروها عن موعد ابنتها و لفقوا لها – حسبما يذهب المتعاطفون - تهمة الاتجار في الحشيش بكمية تافهة لا تتجاوز 200 جرام . الحزب الثاني يراها سيدة منفلتة الأعصاب تعدت على ضابط شرطة بالسب و القذف و الأيدي ، كما أن لديها جنون عظمة يجسد أوهام فئة ترى نفسها فوق القانون .

ورغم صعوبة أن تكون موضوعيا وسط قذائف القصف و القصف المضاد ، إلا أنه لا يسعنا سوى أن نحاول و رزقنا على الله . و الملاحظة الأولى هي أن الفيديوهات المتداولة لسيدة في حالة تشبه الانهيار العصبي كرد فعل لسلوك ما لا تظهره اللقطات المتداولة صدر عن الضابط ، وبالتالي من الصعب إصدار حكم بالإدانة أو التعاطف في ظل غياب الصورة الكاملة . كما أنه ليس مقبولا أن تصرخ السيدة ياسمين قائلة : " انت متعرفش انا بنت مين ؟ " وهي العبارة الشهيرة التي كنا نظن أنها اختفت بعد ثورة يناير و كان يطلقها عادة أبناء السادة الجدد " حاصل جمع الثروة و السلطة في السنوات الاخيرة من عهد مبارك " في وجه ضباط المرور و الأمن كلما تمسكوا بالقانون .

في المقابل ، تعرضت السيدة ياسمين لموجة عاتية من التشهير و تم انتهاك خصوصيتها و نشرت بياناتها على الانترنت كنوع من الاغتيال المعنوي مع الإيحاء بما يطعن في سيرة عدد من أقاربها . و للأسف الشديد ابتلع الإعلام المصري الطعم كالعادة وسقط في فخ تداول هذه المعلومات الشخصية جدا في ظل غياب مروع لأبجديات ميثاق الشرف الصحفي و غياب أي آليات للمحاسبة ، ظنا منه انه عثر أخيرا علي ما يفتح شهية قارئ ملول ومتفرج أكثر مللا !

و لن يكون مفاجئا أن نجد نجوم برامج التوك شو لا يتعبون أنفسهم في البحث عن معلومة و يستسلمون لكسل مهني مذهل ، بل ينساقون وراء مواقف مسبقة ملونة بالمصالح أو الايدولوجيا . فريق منهم دافع عن الشرطة باستماتة نظرا لعلاقاته التاريخية بأجهزتها و فريق ثان هاجمها بشراسة وفاء ل "براند " الثورية الذي يضعه على ذراعيه ، بينما فريق ثالث يقاتل من أجل السيدة ياسمين بتعليمات من رجال الأعمال أصحاب القنوات تضامنا مع والدها الذي يتردد انه ينتمي لنفس الفئة .

و الخلاصة أن دراما سيدة المطار التي ملأت الدنيا فجأة و شغلت الناس ليست هي الموضوع في حد ذاتها - القضية تنظرها النيابة العامة حاليا - و إنما الدلالات و الدروس التي تقف وراءها.

التالي