تصنيف انتقائي للإرهاب " النصرة" نموذجا
تصنيف انتقائي للإرهاب " النصرة" نموذجا تصنيف انتقائي للإرهاب " النصرة" نموذجا
مدونات

تصنيف انتقائي للإرهاب " النصرة" نموذجا

مارلين خليفة

مارلين خليفة

يقول وليد جنبلاط الزعيم الدرزي اللبناني بأنّ "جبهة النصرة" ليست إرهابية لأنها تجمع مواطنين سوريين، ويصف دبلوماسي غربي "جبهة النصرة" بأنها تمارس "الأعمال العسكرية الناعمة" ثمّ يحكي هذا الدبلوماسي الذي تشارك بلاده في الإئتلاف الدولي لمحاربة "داعش" عن ضرورة اجتثاث الإرهابيين من الشرق الأوسط ومن العراق وسوريا متجاهلا بأنّ "جبهة النصرة" هي على لوائح الإرهاب الأوروبية والأميركية كونها فرع من فروع منظمة "القاعدة".



في لبنان وقع كلام جنبلاط وقع الصاعقة وخصوصا وأن "النصرة" لا تزال تحتجز 10 جنود لبنانيين (أعدمت واحدا منهم رميا بالرصاص) وهي تفاوض على رؤوسهم مع منافستها "داعش" التي تحتجز أكثر من 10 جنود (قطعت رأسي اثنين منهم)، لكن لم يجرؤ أحد على محاسبة "البيك" بعد أن تبيّن أن كلامه ينبع من معلوماته الدولية الواسعة التي تقيم هذا الإختلاف بين "النصرة" و"داعش".


هذا التصنيف الإنتقائي للإرهاب هو أحد الأسباب التي تدعّم وجوده وترسّخه وتقوّيه لأنّ هذه المنظمات التي تحظى بغطاء مماثل تتغذى من البيئة الحاضنة لها لتنظم صفوفها وتعدّ العدّة لأعمال أوسع.


حتى إسرائيل بدّلت موقفها فجأة من "النصرة" وباتت ترى فيها جارا يحمي حدودها، وهذا مناقض لموقفها السابق بحيث دقت إسرائيل ناقوس الخطر بعد سيطرة "النصرة" على مناطق في جنوب سوريا وإزاء الخطر المتصاعد في سيناء، الذي يضعها في موقع مختلف عما كانت عليه بمواجهة "حزب الله" في لبنان "كونه جهة محددة ومعروفة يمكن الاتفاق معها على قواعد الاشتباك ووقف إطلاق النار" بحسب أحد قادة الحرب الإسرائيليين.


يخوض الدبلوماسيون الغربيون في الإختلاف الإيديولوجي بين "النصرة" و"داعش" مشيرين الى أن "جبهة النّصرة" لا تنادي بالخلافة الإسلاميّة، كما أنها لا تتمتّع بقيادة مركزيّة بل هي كناية عن مجموعات عسكرية مسلّحة لا هيكلية لها، كما أن "النصرة" تحظى بدعم بعض الدول الإقليمية التي تمتلك مفاتيح تحريكها عمليا على الأرض ما يجعل السيطرة عليها أمرا سهلا وليس متعذرا كما هي الحال مع "داعش".


ويعوّل الدبلوماسيون الغربيون على "جبهة النّصرة" لكي تؤازر "الجيش السوري" الحرّ وما يسمّى بالمعارضة المعتدلة من أجل تغيير الوقائع الميدانية على الأرض السوريّة، ولا بدّ بحسب هؤلاء الدبلوماسيين من أن تؤدي ضربات التحالف الدولي ضدّ "داعش" الى تبديل في المعادلات العسكرية الميدانية السائدة وبعدها فإن "جبهة "النصرة" سوف تنتهي لوحدها لأنها ممسوكة من أكثر من جهة دوليّة تتحكّم بها.


هذا الرّهان على النصرة نحفوف بالمخاطر لأنه ثبت منذ تجربة الولايات المتحدة الأميركية في العراق مع أوسامة من لادن بأن السيطرة على منظمات مماثلة أمر غير ممكن وأن تركها بعد استخدامها ستكون له تداعيات خطرة، والأمر نفسه حصل مع بشار الأسد الذي "غضّ الطّرف" عن تسللها الى من سوريا الى العراق ليعود ويقطف ثمار التراخي معها في بلاده.


سيناريو الإنتقائية في التصنيف القائم حاليا يفكك فاعلية التحالف الدّولي شرعيا قبل أن يفككها عمليا لأنه قائم على قراءة المصالح الآنية وليس على التعمق في التداعيات المستقبلية لمنظمات مماثلة.
التالي