الإسلام السياسي في الحسابات الأمريكية
الإسلام السياسي في الحسابات الأمريكية الإسلام السياسي في الحسابات الأمريكية
اتجاهات

الإسلام السياسي في الحسابات الأمريكية

موفق محادين

موفق محادين

لم يتقدم الاسلام السياسي نحو السلطه هنا و هناك على خلفية ازمات سياسية واقتصادية او ربيع (عفوي) بعد ان بلغ السيل الزبى بالناس والمظلومين وطالبي التعددية ومكافحة الفساد , وكلها مطالب محقه , آن الاوان لترجمتها على ارض الواقع العربي .

ما يفسر تقدم الاسلام السياسي هو أخطر وابعد من ذلك بكثير , ويستدعي مراجعة كل المشككين أو القلقين أو المغفلين لمواقفهم من كل الحالات التي تصدت للاسلام السياسي وفرملت عجلاته واعادته الى الوراء حيث ينبغي ان يكون , ظاهرة رجعية ظلامية خارج التاريخ والمنطق والعقل والعلم والثقافة والحضارة .

ان ما يفسر الظاهرة المذكورة ودفعها الى صفوف الدهماء ومواقع السلطه هو ما كتبه مستشار الامن القومي الامريكي الاسبق , بريجنسكي وأكد عليه في اكثر من كتاب ( رقعه شطرنج ) و( خطه لعب ) وهما كتابان صدرا قبل ربع قرن على الاقل .

فقد حذر بريجنسكي واشنطن والغرب عموما من المبالغة في أوهام التفكك ثم الانهيار السوفياتي ناقلا عن فلاسفه ألمان مثل هيغل وشبنغلر من أن ( بعض الامم ) مثل روسيا والمانيا , مؤهله للعودة الى مسرح التاريخ حتى لو غادرته مؤقتا , وذلك بسبب جذور الدولة العميقه فيهما أيا كان الطابع الايديولوجي لها .

وفيما يخص روسيا تحديدا توقف بريجنسكي عند التحولات القادمة لشكل الاقتصاد العالمي بعد الثورة المعلوماتيه وازدياد دور الجغرافيا السياسية في هذا الاقتصاد .

واستند في ذلك الى دراسات الجغرافيين العظام أمثال البريطاني , ماكندر , والامريكي سبيكمان وما كتباه حول الجرف ألأوراسي ( أوراسيا ) باعتباره ( قلب العالم ) ومن يسيطر عليه يسيطر على مستقبل العالم لما يحتويه من اهميه جيوبوليتيكية وموارد طبيعية ( غاز و نفط وغيرهما ) وأسواق واسعه ونوافذ على البحار الكبيرة .

وقد ازدادت اهمية هذا الجرف مع الاعلان عن منظمة شنغهاي وعن اتحاد البريكس وعن طريق الحرير الاقتصادي وتضم جميعها غالبية سكان العالم والمساحة الاكبر من أسواقه وموارده .

انطلاقا من ذلك دعا بريجنسكي الى تطويق القوى الاساسية في الجرف الاوراسي ( روسيا والصين ) بحزام (أخضر ) من جماعات الاسلام السياسي وتوفير الادوات والمناخات اللازمة لذلك , ومنها المركز الدولي , والذراع العالمي , والدعم المالي , والمنابر الاعلامية .

فأما المركز الدولي , المؤهل لذلك كما يرى بريجنسكي فهو تركيا اذا ما اتيح للانبعاث العثماني رؤية النور فيها , بل لابد من دعم واشنطن لهذا الانبعاث , تذكروا ان بريجنسكي كتب ذلك قبل سيطرة الاسلاميين على السلطه وذلك انطلاقا من المناخات العامة في الجمهوريات السوفياتيه السابقه ذات الاغلبيه الاسلاميه , فتركيا تحتفظ بتأثيرات مركبه عليها , سواء من الزاويه الطورانيه ( الجذور التركيه المشتركه ) أو من الزاويه المذهبيه ( المزاعم التركيه حول المظله والحمايه السنيه ) .

وأما الذراع العالمي , فهو جماعه ألاخوان المسلمين , التي تنتشر على نطاق واسع بالاضافة للاشكال والادوات الاسلاموية الاخرى , الناعمه والخشنه , ومن طراز حركة النهضه في تونس أو من طراز الجماعات التكفيرية الارهابيه .

وأما المنابر الاعلامية والمالية , فأخطرها المنابر التي توفرت للقرضاوي وأمثاله .

بهذا المعنى فان الموجة الاسلاموية وخاصة جماعة الاخوان وأخواتها , كانت على هذا الموعد الامريكي في قلب الصراع الدولي على أوراسيا وخطوط الغاز والنفط وطريق الحرير الجديد .

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

التالي