قبيل افتتاح الملك للبرلمان.. ملفات شائكة تحاصر حكومة العثماني في المغرب
قبيل افتتاح الملك للبرلمان.. ملفات شائكة تحاصر حكومة العثماني في المغرب قبيل افتتاح الملك للبرلمان.. ملفات شائكة تحاصر حكومة العثماني في المغرب
المغرب العربي

قبيل افتتاح الملك للبرلمان.. ملفات شائكة تحاصر حكومة العثماني في المغرب

يحيى مطالقة

يفتتح الملك محمد السادس بعد غدٍ الجمعة، الدورة الأولى من الولاية التشريعية بالبرلمان، في الوقت الذي تنتظر فيه حكومة سعد الدين العثماني تحديات صعبة وملفات مهمة تستوجب حلولًا ناجعة لتخفيف حدة الاحتقان الاجتماعي في البلاد.

ويأتي افتتاح الدورة البرلمانية الحالية في سياق سياسي مشحون بين مكونات الأغلبية الحكومية، كما يشهد الدخول السياسي والبرلماني المرتقب إكراهات ترتبط بعدد من الملفات "المثيرة للجدل"، من قبيل ملف الحوار الاجتماعي مع المركزيات النقابية، ومخرجات الاحتجاجات الاجتماعية التي شهدتها العديد المناطق في البلاد، وتنزيل خريطة الطريق العاجلة التي حددها الملك محمد السادس بعدد من المجالات الحساسة خلال خطاباته الأخيرة.

علاج "هشاشة" الأغلبية

أظهرت الصراعات المتتالية بين الأحزاب المشكلة للأغلبية الحكومية في المغرب هشاشة حكومة العثماني والتي انعكست على طريقة تدبيرها لعدد من الملفات.

وتصاعدت في الآونة الأخيرة حدة الخلافات بين حزب "التجمع الوطني للأحرار"، وحليفه حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، وقبل أسابيع عديدة اندلع صراع غير مسبوق بين "إخوان" المغرب وحزب "التقدم والاشتراكية" اليساري، وهو ما فتح أسئلة عدة حول مصير التحالف في قادم الأيام.

وتعوق صراعات الأغلبية الحكومية وعدم تجانسها تطبيق برنامج التحالف الحكومي.

ومن المتوقع أن يرسل الملك محمد السادس خلال خطابه أمام البرلمان إشارات واضحة إلى الائتلاف الحكومي لوضع هذه الخلافات جانبًا، والإنصات لمطالب المواطنين المغاربة، والعمل على إنجازها.

الحوار الاجتماعي مع النقابات

ظل الحوار الاجتماعي بين حكومة الإسلاميين في المغرب والنقابات الأكثر تمثيلية في البلاد جامدًا منذ ما يزيد على السنة، بعد رفض النقابات عرض الحكومة الأخير.

ورغم أن الحكومة كانت قد أكدت أن الحوار الاجتماعي يتّجه إلى تبني صيغة توافقية تنهي "حالة الاحتقان"، إلا أن النقابات تعتبر أن "الحكومة ليست لديها الإرادة الفعلية للتفاعل الإيجابي مع الملف المطلبي للشغيلة".

وتعود الحكومة المغربية إلى طاولة الحوار الاجتماعي مع المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية في البلاد، اليوم الأربعاء، في سياق يتسم بتوتر اجتماعي شديد.

وتسعى حكومة العثماني من خلال هذه الجولة الجديدة، للخروج باتفاق نهائي، وتعويض فشل المفاوضات التي سبقت احتفالات عيد العمال الماضي.

ويرى مراقبون أن الضغط ازداد بشكل كبير على الحكومة لتسوية هذا الملف العالق، وذلك عندما طالب الملك في خطابه الأخير مختلف الفرقاء بإنجاح الحوار المتعثر.

مخطط التكوين المهني وتأهيل الشباب

في فاتح أكتوبر الجاري، أمهل الملك محمد السادس، رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، ثلاثة أسابيع من أجل إعداد خطة لتأهيل عرض التكوين المهني، وتنويع وتثمين المهن، وتحديث المناهج البيداغوجية.

وطالب الملك الحكومة بإحداث جيل جديد من مراكز تكوين وتأهيل الشباب، وإقرار مجلس التوجيه المبكر نحو الشُّعب المهنية، وتطوير التكوين بالتناوب، وتعلم اللغات، وكذلك النهوض بدعم إحداث المقاولات من طرف الشباب في مجالات تخصصاتهم.

وعلاوة على ذلك، أعطى الملك توجيهاته قصد بلورة تكوينات مؤهلة قصيرة، تناهز مدتها أربعة أشهر، تشمل وحدات لغوية وتقنية مخصصة للأشخاص الذين يتوافرون على تجربة في القطاع غير المهيكل، وذلك من أجل منحهم فرصة الاندماج في القطاع المهيكل، ومن تم تثمين خبراتهم وملكاتهم.

ويحظى هذا الملف بأولوية كبيرة من طرف أعلى سلطة في البلاد، كما يشكل اختبارًا حقيقيًا لحكومة العثماني.

السجل الاجتماعي الموحد

يشكل السجل الاجتماعي الموحد، نظامًا معلوماتيًا سيتم اعتماده للمرة الأولى في المغرب.

ويكمن دور هذا المشروع غير المسبوق في تحديد وتسجيل الأسر المعوزة بهدف استفادتها من برامج الدعم الاجتماعي، في إطار أموال صندوق المقاصة.

وفي خطاب "عيد العرش" الأخير، دعا العاهل المغربي حكومة العثماني إلى إعادة هيكلة شاملة وعميقة للبرامج والسياسات الوطنية، في مجال الدعم والحماية الاجتماعية، وكذلك رفع اقتراحات بشأن تقييمها إلى البلاط الملكي.

ولم تحرز الحكومة أي تقدم ملحوظ في هذا السجل "المهم"، ومن المرتقب أن يجدد الملك محمد السادس، في خطابه المقبل، تأكيده على السياسات الاجتماعية والوقوف على خريطة الطريق التي تم وضعها في المرحلة السابقة.

ويرى مراقبون أن هذا السجل سيساهم في إخماد رقعة الاحتجاجات الاجتماعية في المملكة إذا ما تم إنجاحه.

ومن بين المشاريع الاجتماعية التي توجد على رأس هذا السجل الاجتماعي الموحد برنامج "تيسير" الذي يسعى إلى محاربة الهدر المدرسي، ونظام المساعدة الطبية "راميد" الذي تشوبه الكثير من الاختلالات ودعم الأرامل، وغيرها من التدابير الاجتماعية المرتقب اتخاذها.

وصفة الملك

وحيال هذه الملفات المتعددة، يرى الأستاذ عبدالفتاح الحيداوي، الأكاديمي والمحلل السياسي المغربي في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن افتتاح الدورة الأولى من الولاية التشريعية البرلمانية، والتي كما جرت العادة تشهد توجيهات من الملك محمد السادس إلى الفاعلين السياسيين لتدبير الشأن العام، "يأتي في سياق دقيق يتميز بارتفاع منسوب الاحتجاجات الاجتماعية في البلاد، وعجز حكومة سعد الدين العثماني عن احتوائها".

ويعتقد الحيداوي، أن الرهانات التي حددها الملك محمد السادس في السابق، تتجاوز ما تستطيع الحكومة القيام به، لافتًا إلى أن استمرار هذا العجز في التدبير يؤشر على دخول سياسي وبرلماني صعب للغاية.

وتوقع الخبير السياسي المغربي، أن يجدد الملك محمد السادس، في خطابه أمام النواب، تأكيده على السياسات الاجتماعية المتمثلة في تقليص معدل البطالة، وإصلاح الإدارة العمومية، ورفع التحديات التي تكبح تطور قطاع الصحة في البلاد، وكذلك النهوض بأوضاع الشباب، وتطوير الاقتصاد الوطني.

وبحسب ما يروج في الأوساط السياسية المغربية، فإن الملك محمد السادس سيشدد في افتتاح البرلمان على مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، في ظل إطلاق ملك المغرب في خطاب عيد العرش الأخير، خريطة طريق مستعجلة لتحقيق التنمية في البلاد.

التالي