تتصاعد في مصر المخاوف من تسبب سد النهضة الإثيوبي في اقتطاع جزء لا يقل عن 10 مليارات متر مكعب من حصة البلاد من مياه نهر النيل في ظل رفض أديس أبابا لكل الحلول الوسطى التي تقدمت بها القاهرة مثل تعديل المواصفات الفنية للسد أو الاحتكام للجان دولية بهدف توليد الكهرباء لإثيوبيا وعدم الإضرار بمصر. وبينما ينادي البعض بتصعيد الضغوط الدولية المصرية على الإثيوبيين باعتبارهم يخالفون الاتفاقيات العالمية الخاصة بالأنهار الدولية، فضلا عن مناداة البعض بما يسمونه "اظهار العين الحمراء" والتلويح بالقوة العسكرية، تظل هناك حلول "واقعية" وغير مكلفة في يد الطرف المصري، وعلى رأسها ترشيد استهلاك المياه. وصحيح أن هذا الحل ليس بديلا لحل الأزمة على المدى البعيد، لكنه سوف يكون سلاح فعالا – حسب خبراء المياه – في احتواء تداعياتها في السنوات القليلة الماضية إلى أن تتوصل الحكومتان المصرية والإثيوبية إلى حل سياسي.
وبحسب الخبراء، فإن السلوك الاستهلاكي من جانب المواطن المصري لا يعكس وعيا بالأزمة في بلد بات قريبا من حافة العطش ويعاني – وفق المعايير الدولية – من فقر مائي. وعلى سبيل المثال، فإن متوسط معدل الاستهلاك العالمي للمياه يتراوح ما بين 75 – 90 لتر مياه يوميا ولكنه في مصر يصل إلى 400 لتر يوميا، لا سيما في القاهرة. واللافت أن هذا المعدل يهبط في بعض المحافظات إلى 200 لتر، ولكن السبب لا يعود إلى ثقافة ترشيد الاستهلاك بقدر ما يعود إلي الطبيعة النائية لهذه المحافظات الصحراوية والحدودية. وهذا ما جعل البعض يصف هذا السلوك من جانب المواطن العادي بأنه كما لو كان "يتحالف" مع إثيوبيا ضد بلاده في أزمة المياه.