معركة الموصل.. آن أوانها أم مناورة سياسية أمريكية لعيون كلينتون؟
معركة الموصل.. آن أوانها أم مناورة سياسية أمريكية لعيون كلينتون؟ معركة الموصل.. آن أوانها أم مناورة سياسية أمريكية لعيون كلينتون؟
أخبار

معركة الموصل.. آن أوانها أم مناورة سياسية أمريكية لعيون كلينتون؟

مبارك حماد

يثير الاندفاع الأمريكي لتحرير مدينة الموصل وكسر شوكة تنظيم داعش في العراق، العديد من التساؤلات، لعل أبرزها إمكانية سعي الرئيس باراك أوباما لدعم موقف ابنة حزبه الديمقراطي، هيلاري كلينتون، في معركتها الانتخابية ضد دونالد ترامب، مرشح الحزب المنافس.

ويقول خبراء ومحللون سياسيون، إن "الرأي العام الأمريكي يمكن أن يفاجأ بنصر عسكري كبير تقوده الولايات المتحدة في العراق، في خريف هذا العام، وذلك في الوقت الذي سيقرر فيه الناخبون من سيكون الرئيس للبلاد"، بحسب مجلة "بوليتيكو".

ويشير الخبراء إلى أن "التدخل الأمريكي ضد داعش في العراق، كان حذرًا منذ بزوغ نجم تنظيم داعش، واقتصر على توجيه الضربات الجوية، وإرسال المستشارين العسكريين، فلماذا هذا الاندفاع الأمريكي في الموصل، وفي هذا الوقت تحديدًا؟".

وأضافوا أن "استعادة الموصل، ستكون بمثابة انتصار سياسي كبير لأوباما، والمرجح أن تستفيد منه مرشحة حزبه في الانتخابات، هيلاري كلينتون، إذ سيثبت ذلك عدم صدق الادعاءات الجمهورية بأن إدارة أوباما فشلت في قتال داعش".

وكان تقرير نُشر مؤخرًا في صحيفة "واشنطن تايمز" الأمريكية، قال إن "الضباط العسكريين الأمريكيين في العراق يخشون أن يكون تعجل أوباما في الهجوم لاستعادة الموصل، يهدف إلى التأثير على الانتخابات الرئاسية".

ونقلت الصحيفة عن هؤلاء الضباط، قولهم، إنهم "يعتقدون أن إدارة أوباما تخطط لتنفيذ الهجوم على الموصل قبل انتخابات الرئاسة في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل".

نفي أمريكي

ورغم ذلك، يصر مسؤولون عسكريون أمريكيون، على أن "توقيت العملية لا علاقة له بالسياسة".

ويسخر كبار الضباط في القيادة المركزية الأمريكية، التي تشرف على جهود تنفيذ المخطط، من فكرة أن الهجوم على الموصل تم اختيار توقيته لمساعدة كلينتون في حملتها الانتخابية.

وشدد المتحدث باسم القوات الأمريكية في العراق، العقيد كريستوفر غارفر، على أن "قيادة القوات الأمريكية هناك تحاول تسريع الهجوم على الموصل لأسباب عسكرية وليست سياسية"، مشيرًا إلى أن "قوات الأمن العراقية هي التي تقرر توقيت المعارك، ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يريد استعادة الموصل قبل نهاية العام الجاري"، على حد قوله.

هجوم مزدوج

ويستعد الجيش العراقي والقوات الكردية للمشاركة في حملة على مدينة الموصل، في إطار قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة.

ويقول ضباط عسكريون كبار إن "الهجوم العسكري، الذي استغرق أشهرًا في التخطيط له، من المقرر أن يبدأ في وقت ما في أوائل أكتوبر المقبل، في معركة نهائية لاستعادة الموصل بنهاية الشهر".

وأوضحوا أنه "سيتم حصار الموصل بحركة كماشة معقدة من قبل القوات العسكرية العراقية التي تقاتل في طريقها إلى المدينة من الجنوب الشرقي والوحدات الكردية التي ستقتحم المدينة من الشمال الغربي".

لكن بعض المسؤولين الأمريكيين يؤكدون أن "البنتاجون يخطط لطرق أخرى للهجوم على الموصل، وذلك بهجوم متزامن على عاصمة التنظيم، الرقة في سوريا، إذ إن الهجوم على الموصل والرقة يمكن أن يسفر عن هزيمة مزدوجة لخلافة التنظيم في كل من سوريا والعراق، وسيكون له فائدة إضافية تتمثل في منع وحدات التنظيم من الانتقال من العراق إلى سوريا أو العكس".

وقد ألمح الجنرال شون ماكفارلاند، الضابط الأمريكي الذي يقود جهود مكافحة تنظيم داعش، في مؤتمر صحافي عقده في 11 تموز/ يوليو الماضي، إلى أن "هجومًا مزدوجًا سيستهدف الرقة والموصل، وأن السيطرة على الرقة يعني أن تنظيم داعش سيفقد قاعدة عملياته، وسيفقد موارده المالية وقدرته على التخطيط".

ويقول المخططون العسكريون في القيادة المركزية إنه "من وجهة نظر الجيش الأمريكي، القتال لاستعادة الرقة سيكون أكثر أهمية من القتال لاستعادة الموصل".

من جانبه، قال الدبلوماسي السوري السابق، بسام برباندي، في تصريحات صحافية، هذا الأسبوع: "من الواضح من سيشارك في معركة الموصل، لكن من سيشاركون في معركة الرقة ليسوا محددين، وهو أمر يجري التفاوض عليه الآن، لكنني لا أعتقد أن هناك أي شك في أن الهجوم سيكون متزامنًا في الرقة والموصل، خاصة بعد أن طلب مسؤولون عراقيون استعادة السيطرة على المدينة".

وفي أواخر آذار/ مارس الماضي، صعدت القيادة المركزية مراقبتها للحدود السورية العراقية بغرض اكتشاف وقصف الجيوب التابعة للتنظيم والمتجهة نحو الموصل.

ويرى خبراء أن "الخطط الطموحة للهجوم على الموصل والرقة، تنعكس في التكتيكات وعمق تورط الولايات المتحدة الذي لم يتم الكشف عنه بالكامل في وسائل الإعلام الأمريكية أو الحديث عنه في الحملة الانتخابية الرئاسية".

"محاباة" الأكراد

وأشار الخبراء إلى أنه "في الآونة الأخيرة، حصلت القيادة المركزية على تصريح من البيت الأبيض بنشر مستشارين أمريكيين مع الوحدات العراقية على مستوى الكتيبة، وهو ما من شأنه أن يضع المستشارين والمدربين الأمريكيين في خطر أكبر، لكنهم سيوفرون أيضا المزيد من السيطرة في ساحة المعركة".

وأضافوا أنه "وفي استجابة سريعة تدفق المستشارون (دفعة أولى 200 فرد) نحو قاعدة القيادة الجوية، حوالي 40 ميلًا جنوب الموصل، كما صعدت واشنطن بجرأة دعمها للبشمركة، والوحدات العسكرية في إقليم كردستان التي ستشارك في هجوم على الموصل من الشمال، وذلك على الرغم من مخاطر متعلقة بإفساد السياسة الإقليمية التي تشعر بها الحكومة العراقية ذات الأغلبية الشيعية بأن الولايات المتحدة تحابي الأكراد".

وفي 12 تموز/ يوليو الماضي، وقعت الولايات المتحدة اتفاقًا مع حكومة إقليم كردستان على تزويد وحدات البيشمركة بذخيرة ومعدات طبية بقيمة 415 مليون دولار، وتضمن الاتفاق أيضا تزويدهم بالأسلحة الثقيلة لمواجهة مسلحي تنظيم داعش.

ويرى الخبراء أن "تصعيد المساعدات للأكراد يعكس الثقة العسكرية الأمريكية في أن تنظيم داعش سيتراجع أمامهم".

ووفقًا لمسؤول كبير في وزارة الدفاع الأمريكية، "جاء التفاهم بين الولايات المتحدة والأكراد من خلال التفاوض مؤخرًا، ونتج عنه فرض قيود وشروط، بما في ذلك تنسيق البيشمركة شؤون المعركة مع قوات الأمن العراقية التي تعمل على جبهة الموصل، وتعد هذه الخطوة جزءا من جهود الولايات المتحدة للتأكد من أن الوحدات المشاركة في الحرب على الموصل لن ينتهي بها الأمر وهي تقاتل بعضها بعضا. وتم التوقيع على مذكرة تفاهم بهذا الشأن في أربيل مع الولايات المتحدة عبر مساعد وزير الدفاع لشؤون الأمن الدولي إليسا سلوتكين".

ووسط كل هذه التحليلات، يشدد الخبراء على أن "القتال في الموصل والرقة سيكون نقطة تحول في الحرب ضد داعش، لكن وفي حين أنه لا يوجد أحد في بغداد أو واشنطن يضمن النصر، فإن سيطرة قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة لا يزال مجرد حلم، ومن المهم جدا العمل على تحقيقه إذ إن الجميع يريد ذلك".

التالي