هل يكون الأمين العام للأمم المتحدة المقبل من أوروبا الشرقية؟
هل يكون الأمين العام للأمم المتحدة المقبل من أوروبا الشرقية؟ هل يكون الأمين العام للأمم المتحدة المقبل من أوروبا الشرقية؟
أخبار

هل يكون الأمين العام للأمم المتحدة المقبل من أوروبا الشرقية؟

محمد الزين

ينتظر مقر إدارة الجمعية العامة للأمم المتحدة في "تيرتل باي" بنيويورك، الترشيح العلني لأول مرة في تاريخها لأمينها العام، ما يترك فرصة لوصول "امرأة".

وقالت صحيفة "فورين بوليسي"، إنه في الوقت الذي يتحضر مقعد الأمين العام للجمعية لاستقبال خليفة لبان كي مون، ما زالت الصورة غير واضحة أمام هذه المنافسة. ففي أول مرة منذ وجود كتلة عالمية كالأمم المتحدة، تحدث عملية الترشيح في العلن ولن يتم الاختيار، بعد الآن، خلف الأبواب المغلقة؛ ما يترك الفرصة لسابقة بوصول امرأة قد تكون من أوروبا الشرقيةً.

ولكن ما سيحدد بشكل نهائي إن كان الأمين العام المقبل امرأة، أو من أوروبا الشرقية، أو كلاهما، سيكون دعم دول مجلس الأمن المعروف بغموضه وغرابة قراراته.

وتشير دلائل قليلة لدى الصحيفة عن الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، التي تحمل حق النقض "الفيتو" وهي؛ بريطانيا، الصين، فرنسا، روسيا والولايات المتحدة، إلى أنها مستعدة للتخلي عن أي نفوذ لديها. كما لا ترى أهمية للمرشح الذي تدعمه دول التجمع العام الـ193.

وإذا قامت الأمم المتحدة بصناعة التاريخ في عملية الاختيار، فسيكون ذلك بسبب المساومات التي حدثت وراء الكواليس، وليس بسبب المطالبات الشعبية.

حظوظ "غيرمان"

ومن المرشحين للمقعد المنتظر، مرشحة من دولة مولدوفا الصغيرة ضمن دول الاتحاد السوفييتي سابقاً "نتاليا غيرمان"، التي قد تعد الإبحار في مصالح القوى العظمى أمرا جديدا نسبياً، فهي دبلوماسية خدمت بلادها كنائبة رئيس الوزراء، قائمة بأعمال رئيس الوزراء، ووزيرة خارجية، حيث قادت محادثات مع بروكسل حول اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي، ومع أن غيرمان تحمل سيرة ذاتية دسمة، لكنها تفتقر للخبرة الواسعة في الأمم المتحدة والتي يتمتع بها منافسوها. وتتكل بشكل جزئي على الضغط المستمر المطالب بمزيد من الشفافية والمساواة بين الجنسين لتقوية ترشيحها.

وفي مقابلة أجريت في إبريل/ نيسان الماضي بواشنطن، تحدثت غيرمان لصحيفة "فورين بوليسي"، قائلة "قررت الدخول في السباق بفضل الشفافية الجديدة والضغط ليكون هناك مرشحات من الإناث"، وتابعت "الشفافية هي ما يعطي هذه العملية مزيداً من الشرعية، وهي ما يمكن من خلاله أن تحصل الأمم المتحدة على المرشح الأكثر شرعيةً."

وتعتقد غيرمان بأن فرصها تكبر لتحظى بدعم مجلس الأمن. بالنسبة لامرأة من أوروبا الشرقية مولودة في الاتحاد السوفييتي، تتحدث اللغة الروسية بطلاقة، وتنحدر من أصول غربية قوية، في حين تعتمد الدبلوماسية الممارسة أيضاً على سجلها الحافل في مولدوفا، وهي الدولة التي تحافظ على روابط متوازنة بين الاتحاد الأوروبي وروسيا، بما يتضمن الصراع المجمد مع القوات المدعومة من روسيا في منطقة "ترانسنيستريا" من بلادها، لتصبغ نفسها بصبغة المرشحة القادرة على التعامل مع المصالح المتضاربة لأعضاء مجلس الأمن.

وفي سياق متصل أشارت غيرمان إلى أن "القدوم من مولدوفا له منافع عظيمة.. ففيها خضت تجارب في مكافحة الفقر، إدارة كوارث، أو محادثات سلام، ولا شيء منها كان غير قابل للتطبيق. كان علينا التعامل مع هذه الأمور في تاريخ بلادنا، وكان عليّ التعامل معها خلال وجودي في مستويات مختلفة في الحكومة المولدوفية".

تدوير عرفي

ولدى الأمم المتحدة، نظام تدوير غير رسمي أو "عرفي" بين الأقاليم، الأمناء العامون السابقون جاؤوا من أفريقيا، آسيا، أمريكا اللاتينية أو غرب أوروبا. إلا أن أوروبا الشرقية الكتلة الإقليمية التي تشكلت بعد انتهاء الحرب الباردة، لذا لم يخرج منها أي أمين عام حتى الآن. وبشكل مشابه، جميع الدبلوماسيين ال البارزين من كتل العالم الثمانية كانوا ذكوراً.

وبينما أعلن تسعة ترشيحهم، فإن من بينهم سبعة من أوروبا الشرقية، وأربعة من التسعة هم من الإناث. لكن ما سيحدد بشكل نهائي من سيكون الأمين العام المقبل، هو التنافس والصفقات المبرمة في مجلس الأمن، على حد تعبير الصحيفة.

وعبّرت روسيا عن دعمها لتدوير الأقاليم، لكن عند سؤال الصحفيين، للسفير الروسي لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين، قال إن موسكو لن تستخدم حق النقض "الفيتو" لمنع أي مرشح ليس من أوروبا الشرقية. مشدداً "هناك ناس مؤهلون ومحترمون لذا علينا أن نكون موضوعيين".

وبحسب محللين، فإن روسيا تفضل تحديداً نجاح مرشح من أوروبا الشرقية، معتقدة بأن موسكو ستحظى بالفرصة المثلى لبسط نفوذها على أمين عام من هذه المنطقة.

ومن جانبه قال خبير أمم متحدة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، ريتشارد غووان، "بالتأكيد أن روسيا ترى ذلك كفرصة لوضع شخص في الأمم المتحدة لهم عليه نفوذ أكبر بكثير". مشيراً إلى أن "موسكو لا تعتقد بأنها تستطيع الإتيان بشخص تتحكم به كلياً، لكن لديهم الإحساس بأن أي شخص من أوروبا الشرقية سيكون أكثر ليونة وانسجاماً مع التطلعات الروسية".

وأضاف، "ما بدأ كسباق حول بروتوكولات الأمم المتحدة، قد يتحول سريعاً إلى لعبة قوى بين موسكو وواشنطن".

تزكية أمريكية

إلى ذلك فإن الديبلوماسي الغيني كوفي عنان، الذي خدم كأمين عام للجمعية من 1997-2006، كان مدعوماً من إدارة الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون.

بينما رجل الدولة الكوري الجنوبي بان كي مون، الأمين العام الحالي الذي تنتهي فترة توليه المنصب مع نهاية هذا العام، تلقى دعماً قوياً من إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش. إضافةً إلى أن ترشيح بان كي مون تمت تقويته أكثر من قبل بكين، التي فضّلت بقوة مرشحاً من آسيا، وهددت بالاعتراض باستخدام حق الفيتو على أي مرشح غير آسيوي خلال عملية الاختيار عام 2006.

وحسب تحليل الصحيفة، فإن المرشحين اللذين لا يعودان لأوروبا الشرقية، هيلين كلارك من نيوزيلندا وأنطونيو غوتيريس من البرتغال، يبدوان مفضلين من العديد من الدول الغربية، مع الولايات المتحدة وحلفائها الذين صرحوا بأن عملية الاختيار يجب أن تكون من أوسع مجال ممكن للمواهب.

ومن جانب آخر، أفاد مرشح آخر لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة، طلب عدم الكشف عن اسمه للصحيفة، "أعلم أن بعض المنافسين يعتمدون على روسيا بأن تفعل ما فعلته الصين عام 2006، لكنني شخصياً لن أعول على ذلك".

صراع النسوة

وسيبدأ مجلس الأمن التدقيق في المرشحين، في شهر تموز واختيار أحدهم لاحقاً. خلال ذلك الوقت، من المتوقع أن يكبر مجال المنافسة، بما في ذلك احتمال دخول منافستين قويتين مثل وزيرة الخارجية الأرجنتينية سوزانا ماكورا، التي شغلت منصب كبير معاوني بان كي مون، ووزيرة الخارجية الكولومبية ماريا أنجيلا هولغوين.

وتكهن العديد بأن أيرينا بوكوفا من بلغاريا المديرة العامة لليونسكو، هي مرشحة موسكو المفضلة، إضافة لكونها من أوروبا الشرقية بخبرة قوية في الأمم المتحدة. لكن شكوكا بخصوص التعامل اللين مع قضايا مثل ضم شبه جزيرة القرم والتدخل العسكري الروسي في أوكرانيا وسوريا، قد يجعل القوى الغربية تقف في طريق تقدمها.

وتشير الصحيفة، إلى أن العرض الناجح بالنسبة لغيرمان، سيتطلب تقديم تنازلات لأعضاء المجلس الدائمين الخمسة. حيث قامت بالفعل بزيارة إلى لندن، موسكو وواشنطن لمقابلة المسؤولين، وتتحضر لزيارة باريس وبكين في الشهور المقبلة معتمدة على خبرتها كدبلوماسية كان عليها موازنة مصالح قوى عظمى، خلال عملها لشق طريقها خلال المنافسة.

وقالت، إن "الدول الخمس دائمة العضوية، ترى أن القدرة على التنبؤ والاتساق فضيلة، لدي درجة معينة من الثقة بأن ما أنا عليه وطريق الصدق والوضوح، الذي اتخذته لنفسي منذ 25 سنة سوف يكون لصالحي".

التالي