بدأ العد التنازلي لانعقاد الجلسة الأولى لمجلس النواب العراقي الجديد اليوم الثلاثاء، التي يصفها مراقبون للشأن العراقي بالمصيرية، بينما لا يرى فيها آخرون غير جلسة كلاسيكية أبرز ما ستتضمنه حلف الأعضاء الجدد لليمين ومشاورات بين الكتل لتحديد المرشحين للرئاسات الثلاث.
وفي الوقت الذي تتسارع فيه وتيرة المعارك على الأرض في محاولة لإعادة سيطرة قوات الجيش العراقي على ما استولت عليه الجماعات المسلحة من مناطق في شمال غرب العراق، يرى القادة السياسيون في البلاد وعلى رأسهم المرشد الأعلى علي السيستاني والزعيم الشيعي مقتدى الصدر، أن حل الازمة الأمنية يكمن بحل المعضلة السياسية والتوافق على 3 أسماء تملأ فراغ رئاسات "الحكومة والنواب والجمهورية".
3 مرشحين من دون المالكي
كشفت مصادر من داخل الائتلاف الوطني الشيعي، أن اجتماعا عقد، مساء الاثنين، في منزل رئيس تيار الإصلاح إبراهيم الجعفري من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن اختيار رئيس الحكومة المقبلة والاستحقاقات الانتخابية الأخرى.
وأضاف المصدر لشبكة "إرم"، أن الاجتماع هدف إلى الخروج باتفاق نهائي على اختيار رئيس الحكومة المقبلة وتقديمه بشكل رسمي إلى الإعلام، مؤكدا حضور كل من رئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس المجلس الأعلى عمار الحكيم ورئيس الهيئة السياسية في التيار الصدري كرار الخفاجي ووزير النقل هادي العامري وهاشم الهاشمي ورئيس جهاز الأمن الوطني فالح الفياض، إضافة إلى رئيس التحالف الوطني إبراهيم الجعفري.
وأكدت المصادر أن الأسماء المطروحة حاليًا هي ثلاثة متمثلة بعادل عبد المهدي القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي، وأحمد الجلبي رئيس المؤتمر الوطني العراقي، وثالثهما طارق نجم القيادي في حزب الدعوة الإسلامية مدير مكتب المالكي السابق، وهو الأوفر حظاً.
ويؤكد مراقبون أن قائمة دولة القانون التي فازت بالانتخابات البرلمانية الأخيرة لن تتخلى عن رئاسة الوزراء بسهولة حتى لو اجتمع التحالف الوطني على اقتراح شخصية من خارج حزب الدعوة الإسلامية، لأن الحزب لا يمكنه أن يفرط بذلك كونه استحقاقًا انتخابيًا لا يمكن لأي طرف من أطراف التحالف أن ينكره، لكن هناك من يؤكد أن الجلبي هو الاوفر حظاً، خاصة أن قاسم سليماني استحصل موافقة المرجع الأعلى السيد السيستاني للجلبي، بعد مباركة السيد الخامنئي مرشد الثورة الإيرانية.
جلسة مصيرية
وفي غضون ذلك، وصف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، امس الاثنين، جلسة البرلمان المقرر عقدها اليوم الثلاثاء بـ"المصيرية"، وفيما شدد على ضرورة أن تعاد هيبة البرلمان من خلال جلسته الأولى، نصح رئيس الوزراء نوري المالكي بعدم الترشيح لولاية ثالثة.
وأوضح الصدر في بيان وصل لشبكة "إرم" نسخة منه، "انا أعتبر هذه الجلسة لمجلس النواب جلسة لابد أن تنعقد بموعدها المحدد فإنها مصيرية.. وحسب علمي فإن الشعب العراقي ينتظرها بفارغ الصبر لإنهاء معاناته الخدمية والإنسانية".
وأضاف أنه يضع نصائح في محاولة لإنهاء المعاناة منها أن "حضور الجلسة مهم جدا لذا أهيب بجميع الكتل حضورها وتعدي كل الخلافات التي أوصلت البلد إلى هاوية الجوع والخوف والحرب".
واشار الصدر إلى أنه "يتعين على جميع الكتل تقديم مرشحيها للرئاسات الثلاث كما دعا قادة ائتلاف دولة القانون غلى ترشيح مرشح لمنصب رئاسة الوزراء بوجه جديد".
وقال الصدر مخاطبا المالكي "انصح الأخ المالكي أن يكون مقدما للمصالح العامة على الخاصة وأن لا يرشح نفسه لولاية ثالثة".
السنة يشكلون "تحالف القوى العراقية"
مقابل ذلك، أعلن ائتلاف متحدون للإصلاح، عن تشكيل تحالف القوى العراقية كـ"إطار جامع للقوى السياسية المتمثلة بمتحدون والعربية والوفاء للأنبار وديالى هويتنا وعدد من النواب المستقلين، ليكون الممثل السياسي للمحافظات الست".
وأوضح ائتلاف متحدون في بيان، صدر الاثنين، وتلقته شبكة "إرم"، إن "التحالف سيكون معبراً عن إرادة جماهير المحافظات الست في تحقيق الشراكة الحقيقية والتوازن وتلبية المطالب والحقوق، من أجل البدء ببرنامج يتضمن مشروعاً للإصلاح الوطني والتغيير، ووضع سياسات جديدة لا تهميش فيها ولا إقصاء"، مبيناً أن "الخلاص من الأزمة وانقاذ العراق يتطلب جهدا وطنيا وتضحية، وهذا ما تنادت عليه الكتل المشاركة في هذا التجمع الوطني".
وأضاف متحدون في بيانه "اننا مطالبون أكثر من أي وقت مضى أن نوحد جهودنا ونعمل سوية انتصارا لشعبنا ومطالبه الأساسية في الحياة الكريمة والمستقبل الآمن" مشيراً إلى أن "الدعوة مفتوحة للقوى والشخصيات الأخرى للدخول في هذا التحالف".
وتابع ائتلاف متحدون ان "تحالف القوى العراقية يطالب التحالف الوطني والتحالف الكردستاني بتقديم مرشحيهم للرئاسات وفق رؤية قائمة على التغيير والإصلاح، وتشكيل حكومة ذات برنامج يلبي مطالب المواطنين".
الكتل السنية تؤجل تحديد مرشحها لرئاسة "النواب"
الى ذلك، أعلن كتلة متحدون، عن عدم توصل مكوناتها لاختيار مرشح عنها لرئاسة مجلس النواب العراقي الجديد، كاشفة عن أنها لن تقدم مرشحها لرئاسة المجلس اليوم الثلاثاء خلال الجلسة الاولى للمجلس.
واستبعدت الكتلة "توصل الكتل السياسية المنضوية داخل كتلة متحدون وبقية الكتل السنية لاتفاق حول مرشح لمنصب رئيس مجلس النواب بسبب الوضع الأمني الذي تشهده المناطق الغربية (السنية) وسيطرة المسلحين عليها"، مضيفة أن "هناك سببا أخر يقف أمام الإعلان عن مرشح الكتل السنية لرئاسة مجلس النواب، وهو انتظار الإعلان عن مرشحي الكتل الكردستانية لمنصب رئيس الجمهورية وكذلك مرشح التحالف الوطني لمنصب رئيس الوزراء الاتحادي".
وأشارت الى أن "جلسة مجلس النواب اليوم ستشهد أداء اليمين الدستوري لأعضاء مجلس النواب الجدد وكذلك عقد لقاءات بين الكتل السياسية للتوصل إلى اتفاق لمرشحي الرئاسات الثلاث (الجمهورية، الوزراء، النواب)".
العراق يرفع الحظر عن الإنترنت
وفي ظل ما تمليه الأحداث السياسية والأمنية، رفعت وزارة الاتصالات العراقية حظرها عن تطبيقات الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي في العراق، ما عدا المدن الساخنة، مبينة أنها سترفع حجبها عن تلك المناطق عند استتباب الأمن فيها.
وكانت وزارة الاتصالات قامت بحجب مواقع التواصل الاجتماعي في (13 من حزيران الجاري) بالعاصمة وعدد من المدن العراقية التي تشهد توترا أمنيا، الأمر الذي فسرته الحكومة بأنه جاء لأسباب أمنية، فيما عده البعض بأنه محاولة من الحكومة لإيقاف ماكنة داعش الاعلامية والتي أصبحت مواقع التواصل الاجتماعية طوعة بيدها تستخدمها لبث الصور ومقاطع الفيديو.
وقال وزير الاتصالات طورهان في بيان وصل لشبكة "إرم"، نسخة منه، إن "الوزارة قامت برفع الحظر عن برامج التواصل الاجتماعي لعموم العراق باستثناء مدينة الموصل و صلاح الدين و كركوك و ديالى والأنبار".
واشنطن: إعلان "الخلافة الإسلامية" لا يعني شيئا
وفي ظل انشغال الشارع العراقي بأزمته السياسية، أكد تنظيم "الدولة الإسلامية" الذي يسيطر على أراض واسعة تمتد بين العراق وسوريا المجاورة، تصميمه على توسيع سيطرته هذه بإعلانه "الخلافة الإسلامية" ودعوته المسلمين في جميع أنحاء العالم إلى مبايعة زعيمه أبو بكر البغدادي.
وقالت الولايات المتحدة الاثنين، إن إعلان تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام السني المتطرفة "الخلافة الإسلامية" على الأراضي التي يسيطرون عليها في العراق وسوريا "لا يعني شيئا".
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية جين بساكي "سمعنا من قبل مثل هذه الكلمات من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام .. هذا الإعلان لا يعني شيئا للناس في العراق وسوريا"، مشيرة إلى أن التنظيم يحاول السيطرة على الناس بالخوف.
في المقابل، تحاول القوات العراقية التي تشن عملية عسكرية واسعة في تكريت، معقل الرئيس العراقي السابق صدام حسين، ضد مسلحي "الدولة الإسلامية" وقف زحف هؤلاء المسلحين حيث أحكمت السيطرة على مدخلي المدينة الجنوبي والغربي وسط اشتباكات متواصلة.
وفي الوقت الذي تتواصل فيه المواجهات بين القوات العراقية ومسلحي هذا التنظيم المتطرف، تستعيد العملية السياسية زخمها اليوم الثلاثاء مع الجلسة الاولى للبرلمان الجديد وسط تساؤل رئيسي: هل يبقى نوري المالكي على رأس الحكومة لولاية ثالثة.
وتستعد القوات العراقية لإدخال طائرات "سوخوي" الروسية في معاركها مع "الدولة الإسلامية" والتنظيمات الأخرى فيما تقوم بدراسة "أهداف مهمة" مع المستشارين العسكريين الامريكيين وتواصل عملياتها قرب مدينة تكريت (160 كلم شمال بغداد) لاستعادتها من أيدي المسلحين.
وأحكمت القوات العراقية السيطرة على مدخلي المدينة الجنوبي والغربي، فيما أعلن مصدر أمني وصول تعزيزات عسكرية إلى قاعدة "سبايكر" العسكرية الواقعة في شمال المدينة تشمل مدافع ودبابات، مؤكدا أن "القوات استعادت جميع الطرق المؤدية إلى تكريت ولم يبق سوى اقتحام المدينة برا".