بدأت الأزمة الكويتية تتجه نحو الانفجار بعد أشهر من التصعيد التدريجي الذي أشعلت فتيله المعارضة الكويتية، ويوشك على الانفجار بأيدي أقطاب من الأسرة الحاكمة وشخصيات عامة سياسية وتجار ورؤساء تحرير صحف وقنوات فضائية.
وتوج تصعيد المعارضة الأسبوع الماضي، عندما كشفت بالوثائق عن شبهة تورط شيوخ من الأسرة الحاكمة ومسؤولين حكوميين في عمليات فساد بمليارات الدولارات، بانتقال شيوخ الأسرة الحاكمة المتهمين، إلى معركة علنية تهدد استقرار الكويت وتكاد تكون الأصعب منذ غزو العراق للبلاد في أوائل التسعينيات.
وسيكون بلاغ الشيخ أحمد الفهد الصباح الذي قدمه للنائب العام الإثنين وحمل عنوان "بلاغ الكويت" علامة فارقة في مستقبل البلاد، وقد يقود لتغييرات جذرية في الوضع الداخلي للبلد الخليجي.
ويعكس اسم البلاغ الذي قدمه الشيخ أحمد الفهد كثيراً من مضمونه الذي يؤثر على الكويت ومستقبلها، لاحتوائه على أسماء الشخصيات المتهمة في مؤامرة مزعومة ضد نظام الحكم، يعرفها الكويتيون باسم "شريط الفتنة"، ومن خلال تأكيده أن التحويلات المليارية من سرقة الأموال العامة مثبتة، ومنها ما كان عبر بنوك إسرائيلية.
ويرى مراقبون أن البلاغ المقدم إذا ثبتت صحة وقائعه، فإنه يعادل ما حدث في سنة 1990 فالغزو ليس بالضرورة أن يكون خارجياً فقط، بل الغزو الأخطر والأشد إيلاماً، بأن يكون غزواً داخلياً".
حرب علنية
تلقت النيابة العامة "بلاغ الكويت" من وكيل الشيخ أحمد الفهد، المحامي فلاح الحجرف، ويتصدره اسمان كبيران متهمان بجرائم أمن دولة، هما رئيس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد الصباح، ورئيس مجلس الأمة السابق جاسم محمد الخرافي، وهو مايعني أنهما سيخضعان للتحقيق بعد ورود اسميهما بشكل قانوني واضح في البلاغ.
وخرج المحامي الحجرف من قصر العدل، وقال للصحفيين واثقاً "البلاغ مسند بأدلة وقضاء قطعي حائز على حجية الأمر المقضي بأحكام صادرة من خارج الكويت، ويتضمن جرائم أمن دولة وغسيل أموال وشبهات استيلاء على أموال عامة والتعاون مع دولة عدو (إسرائيل) بالمخالفة لقانون المقاطعة".
واستبق رئيس الوزراء الكويتي الشيخ جابر المبارك الصباح بلاغ الفهد، وتقدم للنائب العام أيضاً ببلاغ مشابه يستند لحديث الفهد مع محطة تلفزيونية محلية قبل أيام كشف فيها تفاصيل البلاغ الذي سيقدمه للنائب العام، كما يستند بلاغ رئيس الوزراء لما كشفت عنه المعارضة الأسبوع الماضي عن التحويلات المليارية.
ويقول مراقب للوضع الكويتي في حديثه لإرم "الكويت دائماً في أزمة سياسية، لكن هذه المرة، يبدو الوضع مختلفا، هو أشبه بحرب داخلية بين القوى السياسية وأطراف من الأسرة الحاكمة ومتنفذين وقوى ترى أن مصلحتها هي الأهم، إنه صراع نفوذ ومصالح".
المعارضة تتوعد
تعتبر المعارضة الكويتية أن تطورات الأيام الأخيرة أقل مما تطمح إليه، ولاترى أن دخول النائب العام في القضية واستدعاءه المحتمل خلال الأيام القادمة، لشخصيات بارزة للتحقيق معها سيكشف شيئاً طالما أنها تتهم القضاء ذاته وتشكك فيه، وتطالب بلجنة تحقيق مستقلة.
وعرض مسلم البراك، وهو واحد من أبرز معارضي الحكومة، أمام آلاف المحتشدين الذين لبوا دعوة للمعارضة في ساحة رئيسية بالعاصمة مساء الثلاثاء الماضي، وثائق يزعم أنها تثبت فساد حكومي بمليارات الدولارات، وتحدى الحكومة الكويتية في أن تطلب من شركة مختصة فحص هذه الوثائق، بعدما هاجم القضاء ذاته.
وأجبر تجاوب آلاف الكويتيين مع دعوى البراك، مجلس الأمة الكويتي والحكومة على الرضوخ لمطالب المعارضة، والبدء بالتحقيق في ادعاءات البراك، رغم الالتفاف عليها من خلال تصريح الشيخ أحمد الفهد قبل أيام في لقائه التلفزيوني مع قناة "الوطن" التي قال فيها إنه على علم بادعاءات المعارضة، وأنه يملك التفاصيل الحقيقية حولها.
وقال رئيس الوزراء الشيخ جابر مبارك الصباح أمام البرلمان معلقاً على وئائق البراك "استلمت الوثائق وهي لا تصلح أن تكون محل فحص فهي أوراق بيضاء وفيها جداول فقط". قبل أن يتراجع عن تصريحاته ويقدم بلاغه للنائب العام.
وانتهت الحكومة الكويتية ومجلس الأمة بقرار فتح تحقيق في القضية عن طريق ثلاثة محاور ، أولها التوجه إلى النيابة العامة ووضع المستندات والوثائق في عهدتها، وثانيهما دعوة ديوان المحاسبة المواطنين إلى تقديم ما لديهم من أوراق أو مستندات تتعلق بما تم تداوله لفحصها، وثالثها تكليف هيئة مكافحة الفساد بالمبادرة إلى استدعاء من ادعى هذه المعلومات والتحقيق فيها لتحيلها إلى النيابة العامة في حال وجود جريمة.
وردت حركة العمل الشعبي "حشد" المعارضة التي يرأسها مسلم البراك، أمس، ببيان غاضب هاجمت فيه القضاء مجدداً ورئيس الوزراء، وعرضت تفاصيل دقيقة لوثائقها متضمنة تواريخ التحويل وجهاتها والمبالغ الكبيرة التي جرى تحويلها لبنك إسرائيلي في تل أبيب. وطالبت بإسقاط الحكومة ومجلس الأمة، وسحب مرسوم الصوت الواحد، واسترداد أي أموال منهوبة، ومحاكمة المتورطين.
داعش يضم الكويت